الدرس الأول: مدخل عام عن صعوبات التعلم
الدرس الأول: مدخل عام عن صعوبات التعلم
تصف أدبيات التربية الخاصة صعوبات التعلم بأنها إعاقة خفية محيرة، فالأطفال الذين يعانون من هذه الصعوبات يمتلكون قدرات تخفي جوانب الضعف في أدائهم، فهم يؤدون مهارات معقدة جدا رغم أنهم يخفقون في أداء مهارات تعليمية بسيطة، وهم يبدون عاديين وأذكياء إلا أن هؤلاء يعانون من صعوبات جمة، منها صعوبات في تعلم الكتابة وبعضهم في تعلم القراءة، وبعضهم الأخر يواجه صعوبة في تعلم الرياضيات.
إن هؤلاء الأطفال لديهم تباين في القدرات التعليمية، وهذا التباين يوجد بين التحصيل والذكاء، وهذا ما أشار له الأخصائيون أن المشكلة الرئيسة المميزة لصعوبات التعلم هو التفاوت بين الأداء والقابلية. لقد استخدمت الكثير من المصطلحات قبل استخدام مصطلح صعوبات التعلم لوصف أولئك الأطفال الذين لا تتناسب نماذج سلوكياتهم وتعلمهم مع فئات الإعاقة الموجودة وذلك لاختلاف التوجه النظري لكل متخصص، إلا أن تلك التسميات كانت تحمل معاني قليلة، إذ تشير إلى سلوكيات عدة مختلفة.
ولقد كان مصطلح الإصابة المخية أول مصطلح حاز على قبول عام، وتبين عدم مناسبته للتخطيط التربوي لأن الفحوصات لم تظهر وجود إصابة دماغية لدى الكثير من الحالات، وحين تم إعادة تعريف هؤلاء الأطفال على أن لديهم خللا وظيفيا مخيا بسيطا، فقد واجه ذلك المصطلح نقد مشابها للمصطلح السابق.
وأدى التحول للبعد التربوي إلى استخدام مصطلح صعوبات التعلم، إذ أبرز هذا المصطلح جوانب قوة وضعف الفرد دون إثبات خلل في النظام العصبي المركزي (عصام، 2011، ص11).
ويفترض التعريف الفيدرالي الحالي لصعوبات التعلم- أن التباين الشديد بين التحصيل المتوقع والفعلي، ينتج عن صعوبة في معالجة المعلومات وليس نتاج اضطراب انفعالي، عقلي، بصري، سمعي، حركي أو بيئي ، ويمكن أن تكون هذه الاضطرابات مصاحبة لصعوبات التعلم.(Marks et al ; 2006)
تعد صعوبات التعلم من المشكلات التعليمية الأساسية للمتعلم في المدرسة والتي تعيق تحصيله الدراسي بالمستوى المتوقع منه، وتبدأ هذه الصعوبات في الظهور مع بداية سنوات تمدرس المتعلم خاصة السنوات الثلاثة الأولى. وقد عرف مصطلح صعوبات التعلم بعدة تسميات منها: اضطراب التعلم، العجز عن التعلم وذلك لكونه غير قادرا على مسايرة أقرانه العاديين وفق المستوى المتوقع.
ويعتبر ذوي صعوبات التعلم من الفئات التعليمية التي أصبحت تحظى باهتمام خاص في الجزائر على غرار باقي فئات التربية الخاصة الأخرى كالإعاقة الحركية والبصرية والصم....الخ، التي كانت سباقة في أخذ مكانة لها في المنظومة التعليمية الجزائرية. إلا أن ذوي صعوبات التعلم أطلق عليهم في بداية الثمانينات بأقسام "التعليم المكيف" وهي أقسام خاصة يكيف فيها معلم مختص البرنامج التعليمي بما يتوافق وقدراتهم العقلية، في غياب أدوات ووسائل تشخيصهم، كان تدني مستواهم الدراسي هو المعيار الوحيد في تصنيف هؤلاء، بالرغم كما سبق الذكر أنهم يبدون عاديين ولهم ذكاء متوسط أو فوق المتوسط، وغياب برامج خاصة لعلاج مشكلاتهم المختلفة، ظل هؤلاء يعانون من عدم التكفل البيداغوجي والتعليمي.( أمير، 2008)
وقد اهتمت المنظومات التعليمية العالمية بذوي صعوبات التعلم، ووفرت لهم تشخيص طبي ونفسي بهدف التعرف بهدف التعرف على مظاهرها وتحديدها ومعرفة أسبابها من أجل ضبط طرق التدخل والتكفل بهم باستخدام برامج علاجية للتخفيف من حدة الصعوبة وبالأخص الأكاديمية التي تكون أسبابها غالبا نمائية. (معمرية، 2007، ص 104)
وبناءا على ماسبق سنخص موضوع صعوبات التعلم بدراسة تطوراته العلمية عبر تاريخ ظهور أولى بوادره، والظهور الحقيقي للمصطلح، وبيان علاقته ببعض المفاهيم القريبة منه، وتعريفاته، ومعرفة أسبابه، وخصائص هذه الفئة. وكيفية تشخيصهم من أجل تصنيفهم وفق عدة محكات التي استندت إلى نظريات مفسرة لهذه الصعوبات باختلاف وجهة النظر كل منها.
وسوف يتم تحليل محتوى صعوبات التعلم فيما يلي: