الحصة الأولى مفهوم الضبط الإداري :
قائمة البحوث:
1-مفهوم الضبط الإداري
2-أهداف الضبط الإداري
3-هيئات الضبط الإداري المركزية
4-هيئات الضبط الإداري المحلية
5-الوسائل القانونية لممارسة الضبط الإداري
6-أسلوب التنفيذ الجبري لممارسة الضبط الإداري
7-الرقابة القضائية على وسائل الضبط الإداري
8-مظاهر الرقابة القضائية على لوائح الضبط الإداري
9-الرقابة الدستورية على لوائح الضبط الإداري
قائمة المراجع:
-سليماني هندون، الضبط الإداري سلطات و ضوابط، الجزائر، 2017
-عمار بوضياف، الوجيز في القانون الإداري ، الجزائر، 2007
-عمار بوضياف، القرار الإداري، الجزائر، 2007
-عمار عوابدي، القانون الإداري، ج2، الجزائر، 2005
-محمدي حسونة، الضبط الإداري و أثره في الحريات العامة، الإسكندرية، 2004
-كوسة فضيل ،القرار الإداري، الجزائر، 2013.
البحث الأول:
مفهوم الضبط الإداري
إنّ وظيفة الضبط الإداري ضرورة ملحة للمجتمع ؛ إذ أنّ إطلاق الحريات يؤدي للفوضى ، عليه كلّ تدبير أو إجراء تتخذه السلطات المختصة بالضبط يجب أن يكون الغرض منه وقاية النظام العام في المجتمع.
إنّ الأصل العام أن يتم تنظيم ممارسة الحريات العامة عن طريق التشريع فقط ، لكن التطبيق العملي أثبت أنّ القانون لا يمكن أن يكون السبيل الوحيد لتنظيم الحريات العامة و بذلك ظهرت فكرة التنظيمات الضبطية أي لوائح الضبط كأسلوب وقائي غايته تنظيم ممارسة الحريات العامة و الحفاظ على النظام العام.
1-تعريف الضبط الإداري:
اختلف الفقهاء في إعطاء تعريف موّحد للضبط الإداري ويرجع ذلك إلى اختلاف و تباين الرؤى و الزوايا الّتي ينظر بها لفكرة الضبط الإداري ، فالبعض يرى الضبط الإداري على أساس غاية، البعض الآخر يراه على أساس قيد على أنشطة و حريات للأفراد أمّا البعض الآخر فيرى الضبط بحسب محله و أساليب نشاطه.
أ-تعريف الضبط الإداري على أساس أنّه غاية:
يرى جانب من الفقهاء بأنّ الضبط الإداري من ناحية الغاية و الهدف و المتمثل في الحفاظ على النظام العام بصفة وقائية، في هذا الإطار تقول الدكتورة سعاد الشرقاوي بأنّ الضبط الإداري:"مجموعة الأنشطة الّتي تتخذها الإدارة منفردة بهدف المحافظة على النظام العام أ؟و إعادته بعد اختلاله".
ب-تعريف الضبط الإداري على أساس أنّه قيد على نشاط الأفراد وحرياتهم:
يرى هذا الاتجاه بأنّ الضبط الإداري قواعد تنظيمية تقرضها السلطة العامة لتنظيم النشاط الفردي و الحريات العامة لتحقيق الصالح العام ، في هذا الإطار يقول الدكتور سليمان الطماوي بأنّ الضبط الإداري:"حق الإدارة في فرض قيود على الأفراد تحد بها من حرياتهم بقصد حماية النظام العام".
ج-تعريف الضبط الإداري على أساس محله و أساليب نشاطه:
يرى هذا الاتجاه بأنّ الضبط الإداري:"مجموعة القواعد الّتي تفرضها السلطة العامة على الأفراد في عموم حياتهم اليومية أو لممارسة نشاط معين قصد حماية النظام العام"أو هو:"وظيفة من أهم وظائف الإدارة تتمثل أصلا في المحافظة على النظام العام عن طريق قرارات لائحية و فردية و استخدام القوة المادية وما يستتبع من فرض قيود على الحريات تتطلبها الحياة الاجتماعية".
ملاحظة:
من خلال هذه تعريفات ، يتضح أنّ الضبط الإداري تنظيم المجتمع بطريقة وقائية لضمان سلامته، صحته وسكينته و آدابه و هو بذلك يختلف عن النظام القانوني الّذي لا يتدخل إلّا لمحاسبة الأفراد عما يقترفونه من أفعال مجرمة.مع ذلك يبقى الغموض في تعريف موّحد للضبط الإداري قائما ويرجع ذلك أساسا إلى فكرة النظام العام هذه الأخيرة الّتي تبقى فكرة مرنة و متغيرة.
من جانب آخر تجدر الإشارة إلى أنّ العهد الإسلامي عرف الضبط الإداري في النظام الإسلامي باسم الحسبة ، ويرى الفقهاء المسلمون بأنّ الضبط الإداري هو الحسبة أي الوظيفة الدينية بتنفيذ ما أمر به الله عزّ وجل و النهي ما نهى عنه الخالق بقصد تحقيق المقاصد الشرعية و إنزال العقاب الزاجر على المخالفين في حدود الاختصاص الشرعي".
2-تمييز الضبط الإداري و ما يشابهه:
إنّ الضبط الإداري كنشاط تمارسه الإدارة العامة كنشاط يختلف عن بعض الأنشطة الّتي تقوم بها باعتبار الضبط له مجالات متعددة ومختلفة، عليه سيتم التمييز بين الضبط الإداري و الضبط التشريعي ، و الضبط الإداري و الضبط القضائي و الضبط الإداري و المرفق العام.
-الضبط الإداري و الضبط التشريعي:
الأصل أنّ الحريات الفردية تجد مصدرها في الدستور ثم تعمل بعد ذلك في حدود القانون ، فتنظمها أساسا قواعد تشريعية عامة تحدّد المبادئ العامة لها وترسم الخطوط الرئيسية لنطاق ممارستها و هذا ما يعرّف بالضبط التشريعي.عليه فالضبط التشريعي يقصد به مجموع القوانين الّتي تصدرها السلطة التشريعية من أجل تنظيم الحريات العامة كقانون الأحزاب، قانون حماية البيئة ، قانون المرور و أمن الطرق وسلامتها.أمّا الضبط الإداري فينصرف إلى تنظيم الحريات العامة و الحقوق قصد الحفاظ على النظام العام.فكلّاهما يهتم بتنظيم الحريات العامة و الحقوق لكن الاختلاف يبقى في الوسيلة فالضبط الإداري من بين وسائله اللوائح و القرارات الفردية في حين وسيلة الضبط التشريعي تتمثل في إصدار نصوص قانونية.
-الضبط الإداري و الضبط القضائي:
يقصد بالضبط القضائي كلّ الأعمال الّتي تمارسها هيئات الضبطية القضائية طبقا لما ورد في قانون الإجراءات الجزائية للبحث و التحري عن الجرائم بعد وقوعها و تقديم المشتبه فيهم أمام القضاء الجزائي وتوقيع الجزاء الجنائي متى ثبت ارتكابهم للجريمة ، في حين الضبط الإداري يتمثل في النشاط الإداري الّذي تمارسه السلطة الإدارية المختصة قصد الحفاظ على النظام العام أي نشاط وقائي لتفادي حدوث اضطراب أو تفاقمه.
-الضبط الإداري و المرفق العام:
إنّ العلاقة بين فكرة الضبط الإداري و المرفق العام علاقة متكاملة بحيث قيام الضبط الإداري في الحفاظ على النظام العام في صورة وقائية يعتبر شرطا أساسيا لحسن سير انتظام المرفق العام ، فمثلا مرافق النقل السليمة الّتي تعمل بطريقة انتظام و استمرارية تساهم في تمكين مرافق نقل و تهيئة الجو للعمل بصورة منتظمة سليمة، من صور الترابط بينهما أيضا فكرة المصلحة العامة هي الهدف النهائي لنشاط وتصرفات الإدارة.
يعرّف المرفق العام بأنّه:"مشروع يعمل بانتظام و استمرار يستهدف تحقيق حاجات ذات النفع العام تعجز الأفراد بمفردها تحقيقه فتتولاه الإدارة العامة بنفسها أو تعهد به للأفراد تحت رقابتها"،عليه فالمرفق العام نشاط إيجابي في حين الضبط الإداري يأخذ صورة النشاط السلبي.
3-خصائص الضبط الإداري:
-الصفة الانفرادية:تعني هذه الخاصية أنّ إجراء الضبط الإداري تباشره الهيئة الإدارية المختصة بمفردها دون دخل الأفراد ، فالسلطة الإدارية هي الّتي تقوم بالإجراء و الأفراد يخضعون له، من خلال هذا تظهر سيادة و سلطة الإدارة العامة.
-الصفة الوقائية:يتميز الضبط الإداري بالطابع الوقائي فهو يدرأ المخاطر على الأفراد، كأن تسحب الهيئة الإدارية المختصة رخصة استغلال نشاط عن مطعم لمخالفته الشروط الصحية ، فالإجراء هنا إجراء وقائي للحفاظ على صحة الأفراد.
-الصفة التقديرية: هنا يكون للإدارة العامة سلطة التقدير في اتخاذ إجراءات الضبط الإداري ، فكلّما رأت وجود خطر على النظام العام له اتخاذ الإجراء المناسب لمواجهة ذلك.
-فكرة الضبط الإداري فكرة قانونية و تنظيمية إدارية: أي إجراءات الضبط هي إجراءات في إطار القانون سمح للهيئات المختصة بالقيام بذلك و تنظيمي إداري في إطار قيام السلطات المختصة الإدارية به حفاظا على النظام العام .
-سلطة التنفيذ الجبري و المباشر : في حالة عدم امتثال الأفراد لإجراءات الضبط الإداري يكون للهيئات المختصة اللّجوء إلى التنفيذ المباشر و الجبري حفاظا على النظام العام.