التحليل الإستراتيجي البيئي ( التشخيص الاستراتيجي)

مفهومه: يعرف التحليل الإستراتيجي بأنه "عملية تحديد العناصر الإستراتيجية لبيئتي المؤسسة الداخلية والخارجية، فهو مجموعة الوسائل التي تستخدمها الإدارة في مدى تحديد التغير في البيئة الخارجية وتحديد الميزة المتميزة في السيطرة على بيئتها الداخلية، بحيث يساهم في زيادة قدرة الإدارة العليا على تحديد أهدافها ومركزها التنافسي" .

          ويعرف التشخيص الاستراتيجي بأنه " عملية تحديد عناصر البيئة الداخلية للمؤسسة، وتحليل خصائصها وكشف ما بها من نقاط قوة ونقاط ضعف وكذلك تحديد عناصر البيئة الخارجية للمؤسسة وتحليل الخصائص واتجاهاتها وتقييم ما بها من فرص أو تهديدات، وتستخدمه الإدارة كأداة لتحليل الأداء من خلال مجموعة من الإجراءات"

          من خلال ما سبق نستنتج أن التحليل الإستراتيجي لبيئة المؤسسة يستند على تحليل مكونات هذه الأخيرة، سواء الخارجية من خلال تحديد الفرص المتاحة واقتناصها، والتهديدات ومواجهتها أو الداخلية من خلال اكتشاف مواطن القوة وتدعيمها ومواطن الضعف ومعالجتها، فهو يهدف على تحديد أفضل السبل للاستجابة للتغيرات البيئية السريعة، واستغلالها من خلال تحقيق أفضل الأهداف.

وتقوم المؤسسة بالتشخيص في حالتين:

 الحالة الأولى: عند معاناة المؤسسة من الاضطرابات والاختلالات.

 الحالة الثانية: إرادة المؤسسة في تحسين وتفعيل نشاطها.

وهناك خياران أمام المؤسسة إذا ما قررت إجراء تشخيص استراتيجي :

1-            الكفاءات من الموارد البشرية الداخلية التي تتكلف بالقيام بالدراسات المناسبة وتقديم النتائج والحلول والاقتراحات القابلة للنقاش.

2-            طلب استشارة خارجية من الجهات المختصة وبطبيعة الحال تكون هذه العملية بمقابل مكلف جدا لكن هناك معايير أخرى تدخل في الحسبان ولها تأثيرها كالمهارة، الوقت اللازم للإعداد، الأهداف الضمنية للإدارة...الخ.

          وعلى الإدارة الفعالة أن تجعل من التشخيص الاستراتيجي عملية تفاعلية وقائية وليست علاجية.

ويتطلب تحقيق استمرارية عملية التشخيص العديد من المقومات هي:

-      بناء وتنمية مهارات التفكير المنهجي والرؤية العلمية لدى الأعضاء المكلفين بالتشخيص بما يمكنهم من تحليل المتغيرات البيئية بحياد وموضوعية؛

-      تطوير النظام الإداري وإعداد الأنظمة ووضع السياسات؛

-      تصميم وربط نظام الحوافز بعملية التشخيص الاستراتيجي..

          وعليه أصبح التشخيص الاستراتيجي غاية في الأهمية انطلاقا من كونه يمثل تلك العملية الخاصة بإيجاد الموائمة والتوازن بين الفرص والتهديدات الخارجية وبين نقاط القوة ونقاط الضعف في الموارد الداخلية، باعتباره مدخلا أساسيا لنظام التسيير الاستراتيجي للمؤسسة.

أبعاد التشخيص الاستراتيجي

          يرتكز التشخيص الاستراتيجي على بعدين متكاملين، بعد داخلي التشخيص الداخلي للمؤسسة و بعد خارجي التشخيص الخارجي خاص بمحيط المؤسسة، وذلك باعتبار أن المؤسسة، نظام مفتوح على المحيط، والإستراتيجية تحدد نمط العلاقة بين المؤسسة و المحيط، كما هو موضح في الشكل التالي:

  

                                

     ويهدف التشخيص الاستراتيجي الداخلي إلى تحديد الموارد الإستراتيجية للمؤسسة بمعنى؛ نقاط قوتها التي تساهم في تحديد توجهاتها الإستراتيجية وتمثل ميزة نسبية للمؤسسة.

          فهو يبرز مهارات المؤسسة ومواردها وإمكانياتها.لكن كما تملك المؤسسة نقاط قوة تمثل ميزتها وأسباب تفوقها، فهي كذلك لها نقاط ضعف وأوضاع داخلية سيئة تؤثر على أدائها ولا يمكن تجاهل أثارها في تحديد الإستراتيجية.

          أما التشخيص الخارجي فيهدف إلى الكشف عن الوضعيات الحالية والمستقبلية للمحيط حيث تحتوي بيئة الأعمال على فرص للنمو، أوضاع أفضل للمؤسسة ومجالات يمكن أن تحقق المؤسسة فيها ميزة نسبية عن منافسيها وتحوي كذلك تهديدات تمثل مشاكل محتملة للمؤسسة قد تنشأ عن تغيرات غير مواتية في ظروف البيئة على المؤسسة تفاديها أو التعامل معها.

أولا :  التشخيص الخارجيتشخيص البيئة الخارجية للمؤسسة(  

أسباب دراسة وتقييم البيئة الخارجية

          تمكن عملية تشخيص وتقييم العوامل البيئية للمؤسسة، من التعرف على مجموعة من الأبعاد ودلالاتها الإستراتيجية، ويمكن حصر هذه الأبعاد في النقاط الموالية:

-       تحديد الأهداف التي يجب السعي إلى تحقيقها ( الأهداف الإستراتيجية أو التشغيلية)

-       بيان الموارد المتاحة وكيفية الاستفادة منها؛

-       تحديد نطاق السوق ومجالات المعاملات المتاحة أمامها؛

-       بيان علاقات التأثير والتأثر بالمنظمات المختلفة سواء تمثل تلك المنظمات امتدادا لها أو تستقبل منتجاتها أو تعاونها في أنشطتها المختلفة؛

-       المساهمة في تحديد السمات الأساسية لثقافة المجتمع أو المجموعات التي ستتعامل معها المنظمة من خلال الوقوف على أنماط القيم والعادات والتقاليد السائدة؛

-       أنماط السلوك الإنتاجي والاستهلاكي للأفراد والمنظمات الأمر الذي يساعد في تحديد خصائص منتجاتها وأسعارها وتوقيت إنتاجها وتسويقها.... الخ ؛

-       مساعدة الإدارة في تكوين نظام الإنذار المبكر من اجل تهيئة الاستعدادات اللازمة قبل ظهور التهديد المحتمل بوقت مناسب وبالتالي تصميم إستراتيجية قادرة على مواجهة التهديدات والتقليل من أثارها.

          وخلاصة القول إن دراسة وتحليل مكونات البيئة الخارجية، يساعد في التعرف على جانبين رئيسيين يمثلان نقطة الارتكاز في صياغة ورسم إستراتيجية المنظمة وهما :

-       الفرص التي يمكن للمنظمة استغلالها ؛

-       المخاطر أو التهديدات التي يجب على المنظمة تجنبها أو الحد من أثارها .

مكونات البيئة الخارجية

توجد مجموعة من العناصر والمؤثرات الخارجية التي تلعب دورا مؤثرا في الخيارات والتصرفات الإستراتيجية ومن ثم قدرة المؤسسة على تحقيق أهدافها ويمكن تصنيف هذه العناصر في مجموعتين مترابطتين هي:

-       مكونات البيئة العامة ) المحيط الكلية(

-       مكونات بيئة الصناعة) الشكل القريب من المؤسسة من المحيط الجزئي(

1-  البيئة العامة: تشمل مكونات البيئة العامة تلك العناصر الكلية) درست في محور الأول(  أو المتغيرات التي تنشأ وتتغير خارج المؤسسة وتؤدي إلى تغير حتمي في مسار المنظمة حيث لا تستطيع هذه الأخيرة السيطرة عليها بصفة فردية أو بشكل مباشر وملموس ونجاح المنظمة يعتمد بدرجة أساسية على قدرتها في إيجاد التلاؤم المناسب بين أنشطتها وبين المتغيرات البيئية المكونة لهذه البيئة لذلك وجب التفاعل والتأقلم مع بيئتها الخارجية. ولذلك يجب تشخيص دقيق لعناصر هذه البيئة.

2-  بيئة الصناعة: تشير الصناعة) تسمى كذلك بالبيئة التنافسية أو البيئة المباشرة أو بيئة المهمة أو بيئة العمل (   إلى مجموعة الشركات التي تقدم منتج أو خدمة متشأبها وتعد الصناعة التي تعمل فيها المنظمة هي اقرب بيئة لها وبالتالي فان جوهر تحليل البيئة التي تعمل فيها المنظمة هو تحليل الصناعة التي تنتمي إليها. وعليه فان جوهر محور بيئة الأعمال يتشكل من خلال العلاقة مع ثلاثة أطراف أساسية، هي: المستهلكين، الموردين والمنافسين وهذه هي بيئة الصناعة للمنظمة حيث تكمن نقطة البداية في تحليل الصناعة في سؤال بسيط: ما الذي يحدد مستوى الربحية في الصناعة ؟.

       وفي هذا الصدد يعتبر نموذج القوى التنافسية ل مايكل بورتر إطارا هام لتصنيف وتحليل العوامل التي تؤثر على المنافسة والربحية وطبقا لهذا الإطار فان ربحية الصناعة تحددها القوى التنافسية الخمسة وتتضمن ثلاثة مصادر للمنافسة الرئيسية وهي:

-       منافسة المنتجات البديلة ؛

-       منافسةالمؤسسات الداخلون الجدد؛

-       منافسة المنافسين الحاليين في السوق.

كما تتضمن أيضا مصدرين للمنافسة الأفقية وهما:

-       القوة التفاوضية للمشترين ؛

-       القوة التفاوضية للموردين .

خطوات تحليل الاستراتيجي للبيئة الخارجية

تتمثل هذه الخطوات في:

-       جمع المعلومات عن البيئة.

-       التنبؤ بالظروف المستقبلية.

-       استكشاف الفرص والتهديدات الموجودة في البيئة ثم تحليلها.

1-جمع المعلومات عن البيئة الخارجية

          أو ما يسمى بالاستخبار الصناعي وهو ينصب على جمع المعلومات اللازمة والتي تخدم عملية التنبؤ ومصلحة المنظمة ويتم الحصول على المعلومات بشكل رسمي أو غير رسمي وبأساليب شخصية ومن مصادر متعددة مثل العملاء، الموردين، البنوك، الاستشاريون، النشرات، الملاحظات الشخصية والانترنيت. ولا بد أن تضع الإدارة العليا في أي منظمة نظاما للحصول على المعلومات اللازمة وتوزيعها على الأفراد أو الجهات القادرة على توظيفها للوصول إلى تقويم شامل للبيئة ويتم جمع المعلومات بأساليب عديدة منها :

-       المناقشات بين المديرين في الاجتماعات الرسمية؛

-       التقارير التي يقدمها المديرين ؛

-       أسلوب دلفي( الاجتماع عن بعد) ؛

كما يتم جمع المعلومات أيضا بأساليب غير شرعية منها :

-       المعلومات المتحصل عنها من العاملين لدى المنافسين أو الموردين الذين يعملون معهم

-       الإعلان الوهمي عن وظائف لمباشرة؛لتحاور مع العاملين لدى المنافسين للحصول منهم على معلومات بطريقة غير مباشرة ؛

-       تحليل منتجات المنافسين؛

-       تعيين العاملين السابقين لدى المنافسين بالمنظمة ؛

-       الابتزاز والتهديد؛

-       التصنت؛

-       سرقة التصاميم أو الرسومات أو العينات أو المستندات أو التقارير الخاصة بسلع المنافسين.

2-التنبؤ بالظروف المستقبلية في الصناعة

          تستدعي الضرورة بعد قيام المنظمة بجمع المعلومات عن أوضاع بيئتها الحالية تحليل الاتجاهات الحالية لتعلم ما إذا كانت ستستمر في المستقبل أم لا ذلك أن التخطيط الاستراتيجي هو عملية مستقبلية تمتد لسنوات طويلة، ووضع الخطط المستقبلية يبنى على أساس التنبؤ.

وهناك العديد من الطرق الخاصة بالتنبؤات المستقبلية لكل منها محاسنها وعيوبها منها :

-       طريقة استقرار الاتجاهات: ويقصد بها سحب الاتجاهات الحالية إلى المستقبل على افتراض أن العالم متسق بشكل معقول ويتغير ببطء في المدى القصير واهم الأدوات المستعملة في عملية الاستقراء هي السلاسل الزمنية.

-       كتابة السيناريوهات: هي عبارة عن وصف مركز مكتوب بشكل قصصي لبعض الأوضاع في المستقبل على شكل متغيرات أو موضوعات رئيسية وتعتبر من أكثر الطرق شيوعا بعد طريقة استقرار الاتجاهات.

-       النماذج الإحصائية: هي طريقة كمية تحاول استكشاف عوامل نسبية أو على الأقل عوامل تفسيرية تربط بين اثنين أو أكثر من السلاسل الزمنية معا ومن أمثلتها تحليل الانحدار المتعدد.

-       طريقة دلفي: هي طريقة غير كمية تتطلب وجود مجموعة من الخبراء لا يعرف بعضهم البعض ويطلب منهم بشكل فردي أن يقدر احتمال حدوث أحداث معينة في المستقبل مع إعطائه لاحقا عدة فرص لمراجعة تقديره بعد اطلاعه على إجابات الآخرين.

-       العصف الذهني: أو الفكري فهو كذلك أسلوب غير كمي يتطلب وجود أشخاص ملمين بالموقف المطلوب التنبؤ به حيث يقومون باقتراح أفكار بدون مراجعتها عقليا أولا وغير مسموح بالنقد وتبني أفكار حتى يتم التوصل إلى الاتفاق.

3-استكشاف الفرص والتهديدات الموجودة في البيئة ثم تحليلها

          تعكس المعلومات التي يتم جمعها إما فرصا للمنظمة ينبغي استثمارها أو تهديدات) مشاكل وأضرار( بنبعي تفاديها، وتحكم كفاءة تحليل هذه العوامل والقدرة على التنبؤ بسلوكها المستقبلي عدة عوامل من بينها:

-       مدى تغير أو ثبات العوامل البيئية؛

-       تعدد وتنوع العوامل البيئية ؛

-       تكلفة الحصول على المعلومات البيئية ؛

-       الكفاءات الإدارية التي تقوم بعملية التحليل ؛

-       الوسائل والأدوات المستعملة في عملية التحليل.




Last modified: Thursday, 14 November 2024, 2:18 PM