تعتبر بحوث العمليات من العلوم التطبيقية الحديثة التي أحرز تطبيقها نجاحاً واسعاً في المجالات المدنية والعسكرية على السواء. وأصبحت أساليب التحليل في بحوث العمليات أدوات لمعالجة الكثير من المشـــاكل كتعظيـم الأرباح و تدنية التكاليف، مشاكل النقل والتعيين،...الخ.

I-             نشأة و خصائص بحوث العملياتمفهومها و أهميتها:

I-1 تطورها التاريخي و استخداماتها :

يعتبر علم بحوث العمليات من العلوم الحديثة، حيث كان أول ظهور لهذا العلم سنة 1936 في بريطانيا ، إلا أن البداية الحقيقة لاستخدام هذا العلم كان أثناء الحرب العالمية الثانية، ويرجع تسميتها بهذا الاسم إلى العمليات الحربية التي كانت أولى مجالات استعمالاتهما بعدها تعدى استخدام هذا العلم المجالات العسكرية وأصبح يستخدم في المجالات المدنية ، وعرف عـدة تسميات منها علـم الإدارة، الطرق الكمية في الإدارة، وتحليل النظم، ومن أهم المجالات التي يمكن استخدام بحوث العمليات فيها هي:

المجالات الإدارية: حيث يوفر هذا العلم المعلومات اللازمة لاتخاذ القرارالمناسب في الوقت المناسب.

Ø             مجال الإنتاج والتصنيع والبيع وبأقل تكلفة ممكنة وأقل فاقد ممكن وأعلى ربح.

Ø   مجالات التعيين وذلك باختيار الشخص المناسب للوظيفة الملائمة.[1]

ويمكن تصنيف أهم التطورات التي عرفها علم بحوت العمليات على النحو التالي :

 أ - استخدام بحوث العمليات أثناء الحرب العالمية :

Ø             استخدامه في بريطانيا: كان أول استخدام لهذا العلم في بداية الحربالعالمية الثانية، عندما دعت إدارة الحرب البريطانية فريقا من العلماء برئاسة البروفيسور " بلاكيت"  Blackett p.m.s" من جامعة "مانشيسثر" " Manchester " لدراسة المشاكل الاستراتيجية والتكتيكية المتعلقة بالدفاعين الجوي والأرضي لبريطانيا.

إلا أن هذه الدراسات لم تقتصر على الدفاع الجوي والأرضي فقط، بل امتدت الدراسات إلى البحرية البريطانية، حيث كان هذا الفريق يسعى إلى الاستخدام الأمثل للموارد  الحربية المحدودة في تلك الفترة، وقد كانت النتائج التي حققها هذا الفريق باهرة ، كان من ضمنها تحسين منظومة الرادار وتحسين الدفاع المدني وغيرها.

هذه النتائج الجيدة التي حققتها إدارة الحرب البريطانية شجعت إدارة الحرب الأمريكية على إجراء دراسات مماثلة.

Ø             استخدامه في أمريكا: قامت الإدارة الأمريكية بتكوين فريق خاص لمعالجة بعض المشاكل المعقدة كمشكلة نقل المعدات والمواد المختلفة، وتوزيعها على الوحدات العسـكرية المنتشرة في مناطق مختلفة من العالم ولقد كان كل من " James.B "  ( جيمس) رئيس لجنة استـخدام بحوث الدفاع القــومي، و"فانيفار" "Vannevare" رئيس لجنة الأسلحة  والمعدات الجديدة وراء استخدام بحوث العمليات في المجالات العسكرية في أمريكا، حيث شاهدا استخدام هذا الأسلوب أثناء إقامتهما في بريطانيا أثناء فترة الحرب.

ونظرا للنجاح الذي تحقق في الولايات المتحدة الأمريكية بفضل استخدام علم بحوث العمليات، حيث مست التطبيقات مجالات أوسع من تلك التي تمت في بريطانيا، حيث واصل العسكريون اهتمامهم بهذا العلم من خلال وكالة بحوث العمليات، والتي تحولت فيما بعد إلى مؤسسة بحوث العمليات.

ب - استخدام بحوث العمليات في المجالات المدنية بعد الحرب العالمية الثانية :

لقد كان لتطبيق علم بحوث العمليات أثناء الحرب العالمية الثانية في المجالات العسكرية أثرا إيجابيا كبيرا، مما شجع علماء الإدارة ورجال الأعمال الذين كانوا يبحثون عن حلول لمشاكلهم المتعلقة بالعمل، على إدخال هذا العلم على إدارة المشاريع الاقتصادية.

Ø             في بريطانيا: قام فريق من المهتمين بهذا المجال بتكوين نادي بحوث العمليات سنة 1948، والذي أصبح اسمه فيما بعد جمعية بحوث العمليات للمملكة المتحدة، والتي بدأت في إصدار مجلة علمية ربع سنوية ابتداء من سنة 1950 والتي تعد أول مجلة في هذا المجال .

Ø             -في أمريكا: تم تكوين جمعية بحوث العمليات الأمريكية، ومعهد الإدارة العلمية سنة 1950 وقد أصدرت هذه الجمعية مجلة بحوث العمليات سنة 1952، بعدها أصدر معهد الإدارة العلمية مجلة تخصصية في بحوث العمليات اسمها مجلة الإدارة العلمية وذلك سنة1953 .[2]

ج- استخدام بحوث العمليات في الوقت الراهن:

نظرا لزيادة حجم النشاط الذي تقوم به المنظمات الإدارية المختلفة في الوقت الراهن، وتزايد التعقيدات التي تتسم بها الإجراءات الإدارية، وإدراك الإدارة لمدى أهمية القرار الإداري السليم، فقد تعدى اليوم استخدام بحوث العمليات مواطن نشأته، وأصبح يستخدم في كثير من دول العالم، كما تعدى أيضا مجالات استخداماته الأولى.

ويرجع هذا الانتشار الواسع لاستخدام الأساليب الكمية في المجالات الإدارية إلى انتشار الحاسب الآلي، حيث أثبتت إحدى الدراسات التي نفذت عل مجموعة كبيرة من الشركات الأمريكية عام 1991، أن تسع (09) شركات من أصل عشرة(10) تمثل تكنولوجيا المعلومات جزءا حيويا في عملهم.

هذا بالإضافة إلى ظهور البرامج العلمية المتطورة للحاسب، والتي لها الأثر الواضح في دفع استخدام بحوث العمليات إلى آفاق واسعة بلغت مستوى التخطيط الاستراتيجي الذي يعتبر من أهم النشاطات التي تقوم بها الإدارة العليا ، والذي يستعمل للتعرف على الأسباب الكامنة وراء المشاكل المستعصية، والتي يمكن أن تمس عملية الإنتاج والتخزين والتمويل والنقل وغيرها من المشاكل التي يمكن أن تواجه المنظمة، كما تمكن الإدارة أيضا من تقييم السياسات البديلة للتشغيل والاستثمار وتساعدها في تحديد احتياجات المؤسسة على المدى الطويل.[3]

I-2 مراحل تطبيق بحوث العمليات وأهميتها

I-2-1 مراحل تطبيق بحوث العمليات

يتم مشروع بحوث عمليات بنجاح إذ اجتاز المراحل التالية:

ü   صياغة وبلورة المشكلة أو العملية.

ü   بناء نموذج رياضي للعملية موضوع البحث.

ü   استنباط أو اشتقاق حل للنموذج المقترح.

ü   اختبار النموذج وتقيم الحل.

ü تطبيق أو تنفيذ الحل ومن ثم الاحتفاظ به.

والمراحل الخمسة المشار إليها أعلاه متداخلة ولا ترد بالضرورة أو تعالج بنفس الترتيب السابق وعلى الرغم من انه يمكن تزويد الدارس او الباحث ببعض المعلومات والإرشادات حول كيفية صياغة المشكلة واختيار النموذج وتقييم الحل وتطبيقه إلا أن اكتساب المعرفة  والمهارة في كيفية التعامل مع هذه المراحل يتم من خلال الممارسة الفعلية لمشاريع بحوث العمليات.[4]

 

I-2-2 أهمية بحوث العمليات:

إن التأثير الكبيرة للثورة العملية والتقنية الحديثة في المجتمعات وما أفرزته من تغيرات كبيرة في نظم الإنتاج والإدارة والمجتمع ،مما جعلتها تتصف بالتعقيد الشديد في عمليات ،وتدخل الظروف والعوامل المحيطة بهذه العمليات وتشابكها .ولقد اثر بشكل مباشر في هذه العمليات.وفي ظل هذه الظروف المعقدة والمتغيرة تصبح الأساليب الادارية التقليدية المبنية على البداهة والتخمين والحدس والخبرة الشخصية ومنطلق التجربة والخطأ،غير صالحة للعمل في هذه الظروف الجديدة.

فهذه الأساليب التقليدية لن تمكن الإدارة من الوصول إلى القرارات المناسبة ،ولن تحول دون وقوع أخطاء فادحة ذات انعكاسات سلبية على المدى القريب والبعيد .ومن هنا تظهر أهمية أساليب بحوث العمليات التي تعتمد على العلم والمنطق،وتتناسب مع مستوى التقدم  التقني الذي وصلت إليه النظم العملياتية الحديثة .ولذلك فان بحوث العمليات تعتبر خير مساعد للإدارة الحديثة ،خاصة والرقابة.

و فيما يلي أهم ميزات بحوث العمليات :

Ø   توفر بحوث العمليات إمكانية القياس الكمـي للظواهر المختلفة (عواملها ومتغيراتها وظروف المختلفة )،وبالتالي إمكانية قياس المتغيرات في هذه  العوامل وتحديد مدى تأثيرها في الظواهر التي تجري دراستها.

Ø             تساعد بحوث العمليات على توليد عدد كبيرة من الإبدال (الحلول البديلةوالمفاضلة فيها بينها أو تقويمها للوصول إلى الحل الأمثل بسرعة وكفاءة عالية).

Ø   تعتبر القاعدة العلمية لدراسة المشكلات واتخاذ القراراتكما تمكن من تحديد النتائجالمتوقعة للقرارات وتقويمها في مرحلة المبكرة وقبل  تنفيذها.

Ø   تتيح إمكانية ربط الأهداف الفرعية للوظائف والأنشطة المختلفة بالأهداف العامة للنظام الكليكما تساعد على إيجاد التنسيق اللازم بين هذه الأهداف الفرعية وإعطاءهاالأوليات المناسبة.

توفر الوسائل والأدوات الأزمة لتنسيق الأنشطة المختلفة والمتحكم فيها من خلال التنسيق بين الأهداف الفرعية وربطها بالأهداف الفرعية وربطها بالأهـداف العامـةللنظام.[5]إن عملية بناء النموذج تأتي أولا ثم يتبعها حل النموذج للحصول على الحل المرغوب فيـه. وعـادة مـا يكـون الحـل بطريقـة تـستفيد مـن مزايـا الهياكـل الخاصـة للنمـاذج، ولـذلك أدى وجـود أنـواع عديـدة مـن النمـاذج المرتبطـة بـالنظم الحقيقيـة القائمـة إلـى وجـود عـدد مقابـل مـن أسـاليب الحـل مثـل الأسـاليب المعروفـة للبرمجـة الخطية،والعدديةوالديناميكية، وغير الخطية والتي تمثل طـرق حـل algorithmsلأنـواع خاصـة مـن نمـاذج بحوث العمليات.[6]

 

I– 3 تعريف بحوث العمليات:

-       تعريف جمعية بحوث العمليات البريطانية :حيث عرفت بحوث العمليات على أنها " استخدام الأساليب العلمية لحل المشكلات المعقدة في إدارة أنظمة كبيرة من القوى العاملة , المعدات , المواد الأولية و الأموال في المصانع و المؤسسات الحكومية و في القوات المسلحة .

-       جمعية بحوث العمليات الأمريكية : ترتبط بحوث العمليات باتخاذ القرارات العلمية حول كيفية تصميم و عمل أنظمة المعدات , القوى العاملة وفقا لشروط تتطلب تخصصا في الموارد النادرة.

- بحوث العمليات أسلوب علمي يستخدم لحل المسائل ( المشاكل الكبرى مثل اقتصاد البلد , استراتيجيات قومية , التخطيط لتمويل مشروع استثمار مبلغ معين , تخصــيص مهام , نقـل مهام ) و مساعدة متخذ القرار في الحصول على الحل أو القرار الأمثل من مجموعة المتغيرات تحت وجود مجموعة من القيود بغية الحصول إما على تدنئة التكاليف أو تعظيم الأرباح .

 -وهناك من يعرفبحوث العمليات على أنها " منهج مبني على أسس علميـة لمـساعدة الإدارةفي حل المشاكل التي تواجهها واتخاذ قرار بشأنها وهي منهج راشد في حل المشاكل التي تواجههاالإدارةومساعدتها في اتخاذ القرار".

-كما عرفت بأنها: "مجموعة من الأدوات القياسية التي تمكن الإدارة من الوصول إلى قرارات أكثر دقة وموضوعية، وذلك بتقديم الأساس الكمي لتحليل البيانات والمعلومات".[7]

-       و ترى الجمعية الأمريكية لبحوث العمليات على انه " علم تطبيقي تم تطويره لملاحظة الفهم والتنبؤ بسلوك أنظمة (الرجل  الماكنة ) وحل المشاكل العلمية من خلاله في مختلف المجالات مثل الأعمال ,الحكومة ,المجتمع ".[8]

I– 4 مناهج ونماذج بحوث العمليات :

I-4-1  مناهج بحوث العمليات :

تتبع بحوث العمليات خمسة مناهج رئيسية [9]:

-       استخدام الطريقة العلمية في البحث .

-       استخدام المدخل الشمولي أو النظمي .

-       استخدام الخبرات و تخصصات متنوعة.

-       استخدام النماذج الرياضية.

-       استخدام تقنية المعلومات.

 

I-4-2 نماذج بحوث العمليات :

و يعد النموذج الرياضي عصب بحوث العمليات الذي يهدف إلى تصوير الواقع عن طريق استنباط علاقات بين المتغيرات .

و مما يميز بحوث العمليات عدم وجود نماذج جاهزة للاستعمالالفوري. يعني أنّ مشاكل بحوث العمليات تتسم بوجود عدد قليل من المشاكل التي يمكن حلها باستخدام نماذج موجودة مسبقا , إذ يتطلب الأمر في كل مرة صياغة نموذج جديد .

النموذج : هو تمثيل لحالة ما أو بصورة أخرى هو صورة مبسطة للواقع .

إنّ معظم النماذج المقدمة تحتوي على واحد أو أكثر من المتغيرات و المعلمات إلاّ أن هناك فرق بينهما:

-       المتغير: كميات غير معروفة , كمية قابلة للقياس.

-       المعلمة : كميات معروفة , قابلة للقياس .

إنّ النماذج يجب أن تكون :

-       قابلة للقياس .

-       واقعية .

-       سهلة الفهم .

-       قابلة للتعديل .

-       البيانات المدخلة يمكن الحصول عليها .

I-4-2-1  مزايا النماذج الرياضية :

إن أهم الأهداف الحقيقية لاستخدام النماذج الرياضية تكمن في الاستفادة منها بتقريب الصورة إلى الواقع

-       النماذج يمكن أن تمثل الواقع بدقة إذا ما تم صياغتها بالشكل الصحيح .

-       النماذج يمكن أن تساعد متخذي القرار في صياغة المشاكل .

-       النماذج يمكن أن تعطينا رؤيا و معلومات مقربة الى الواقع .

-       النماذج يمكن أن توفر الوقت و المال .

-       النموذج قد يكون الأسلوب الوحيد في حل بعض المشاكل الكبيرة و المعقدة .

النموذج قد يستخدم لوصل المسائل و الحلول ببعضها البعض .

I-4-2-2 أنواع النماذج :

إن عملية بناء النموذج تأتي أولا ثم يتبعها حل النموذج للحصول على الحل المرغوب فيـه. وعـادة مـا يكـون الحـل بطريقـة تـستفيد مـن مزايـا الهياكـل الخاصـة للنمـاذج، ولـذلك أدى وجـود أنـواع عديـدة مـن النمـاذج المرتبطـة بـالنظم الحقيقيـة القائمـة إلـى وجـود عـدد مقابـل مـن أسـاليب الحـل مثـل الأسـاليب المعروفـة للبرمجـة الخطية،والعدديةوالديناميكية، وغير الخطية والتي تمثل طـرق حـل algorithmsلأنـواع خاصـة مـن نمـاذج بحوث العمليات.[10]

وهناك ثلاث أنواع من نماذج بحوث العمليات :

ü   النماذج المحددة:البيانات تكون مؤكدة مثل :نموذج البرمجة الخطية،البرمجة بالأهداف،برمجةالأعدادالصحيحة،البرمجةغيرالخطية،البرمجةالتربيعية.

ü   النماذج الاحتمالية:هذه النمـاذج "تفتـرضأنبعـضالمعلومـاتالداخلـةليـستمعروفـةعلـىوجـهالتحديـدأوالتأكيـد، و من أهم هذه الطرق نذكر البرمجة العشوائيةنظرية القرارات نماذج صفوف الانتظار، سلاسل ماركوف ،نظرية المباريات ( الألعاب ).

ü   النماذجالمختلطة:وهيتلكالنماذجالتيتجمعبينالنوعينالسابقين،والتينذكرمنها: تحليلشبكاتالأعمالباستخدامأسلوبتقويمالبرامجومراجعتهاوطريقةالمسارالحرج، نماذج المخزون، البرمجة الديناميكية، المحاكاة.



Last modified: Sunday, 18 February 2024, 11:58 PM