المحاضرة الثانية: مفهوم محيط المؤسسة ومكوناته
مفهوم محيط المؤسسة
تعرف البيئة بأنها " ذلك الجزء من المحيط الإداري الذي يلائم عملية وضع وتحقيق الأهداف الخاصة بالمؤسسة وهو يتكون من المتعاملين هم الزبائن الموردين و المؤسسات المنافسة إضافة إلى الجماعات الضغط أو التأثير كالحكومات واتحاديات العمال وغيرها ".
من خلال هذا التعريف نستنتج أن المحيط المؤسسة يشمل المتعاملين الأساسين من جهات وأشخاص دون أن يشمل كل المتعاملين مثل أسواق المالية و النقدية عامة ، البنوك ، المؤسسات غير المنافسة أو المورد لعوامل الإنتاج و على رأسها مؤسسات التكوين و البحث إلا انه لم يشر إلى التفاعلات أو المتغيرات التي تؤثر في مكوناته البيئية الخاصة للمؤسسات .
أما P.Filho فقد عرفها بـ : المحيط الذي تعمل فيه المؤسسة وينطوي على ثلاث مجموعات متغيرة هي :
المجموعة الأولى: تضم متغيرات على المستوى الوطني مثل العوامل الاقتصادية، الاجتماعية و السياسية.
المجموعة الثانية: وهي تضم متغيرات تشغيلية خاصة بكل مؤسسة ترتبط بمجموعة من المتعاملين مثل هيئات و تنظيمات حكومية و إدارية مؤسسات التوزيع .
المجموعة الثالثة: وتشمل متغيرات المحيط الداخلي للمؤسسة من عمال و مديرين وغيرهم.
رغم أن هذا التعريف شمل عدد أكبر من الأطراف و متغيرات المؤسسة ، إلا أنه جمع بين عوامل وهيئات أشخاص ودمج للمحيط الداخلي لها في نفس العناصر.
كما أنها " مجموعة عناصر مؤثرة المتحكم فيها والغير المتحكمة فيها من قبل المؤسسة فهي تؤثر على خدمات هذه الأخيرة إما ايجابيا أي فرص نجاح ونقاط قوى أو سلبيا كتهديد ونقاط ضعف".
وفق هذا التعريف يظهر انه يمكن تقسيم البيئة إلى صنفين هما:
الماكرو بيئة Macro-Environnement : ويقصد بها الإطار الكلي الذي يجمع اتجاهات الكبرى لتطور مجتمع معين.
الميكرو بيئة Micro- Environnement : الإطار الجزئي الذي ينطوي على عناصر التي هي في اتصال مباشر مع المؤسسة.
أهمية اهتمام المؤسسة بالمحيط
تتجسد أهمية اهتمام المؤسسة بالمحيط من خلال النقاط التالية :
- المؤسسة غير معزولة :
أي أنها لا تنشط في فـراغ بل مرتبطة بشبكـات من المتعاملين من أسواق و هيئات وأفراد مما يحتم عليها مسايرة التطورات الخارجية الحاصلة من خلال التأقلم في عملية التعامل معها .
- أثر الأفراد و الهيئات عليها :
تفرض الأفراد و الهيئات و المؤسسات الأخرى قيودا وترسم للمؤسسة حدودا لها طبائع مختلفة ( ثقافية ، اجتماعية ، اقتصادية ، بيئية ).
- المؤسسة مكونة من شبكة :
وتشمل الأفراد و الجماعات لكل منها أهدافها واتجاهاتها ، قد تختلف أو تلتقي نسبيا وهؤلاء هم أطراف في محيطها أو بعبارة أخرى مصدر مهم منه ، بكل ما يحوي من عوامل اقتصادية و سياسية و اجتماعية ... إلخ .
- استعمال المؤسسة لموارد المحيط :
تستخدم المؤسسة موارد المحيط وتقدم له مخرجات فهي إذن تهتم بمكان وجودها وأسعارها ونوعيتها وتهتم في نفس الوقت بمتطلبات المحيط من كمية مطلوبة ونوعية مرغوبة.
- مدى قراراتها:
تتخذ المؤسسة اختيارات لها أثر ليس فقط على عملها اليومي ونتيجة الدورة التي تحققها بل على وجودها الكلي ودورة حياتها ، فمثلا إذا كانت تقلبات الأسعار (أسعار الموارد أو أسعار منتجات منافسها ) تهمها في تحقيق نتائجها في دورة معينة ، فهي أيضا لها أثر على حياتها في المستقبل فنتيجة اليوم تؤثر على تطورات المؤسسة في المستقبل القريب و البعيد .كما يزداد تأثيرها على عناصر المرتبطة باستغلال طويل الأجل مثل القيام بانجاز فرع جيد أو توسيع فيها أو تغير التكنولوجيا أو حتى استبدال المنتوج ، فليس من أسهل تغطية أعباء مصنع جديد لم ينجح في الإنتاج نظر لظروف السوق أو نظر للاختيار الخاطئ لمقره الاجتماعي أو بظهور منافس جديد أكتسح السوق الذي تراهن المؤسسة عليه ، تزداد درجة خطورة هذا إذا كان الموارد المستعملة فيه ذات مصدر خارجي أو من متعاملين لهم حق استرداد أموالهم .
- تطورات السوق العنيفة:
يستشهد السوق تطور عنيف في مختلف العناصر المحددة للعرض والطلب كتغير الأذواق الناتجة عن تحسن الثقافي و الحضاري للأفراد للتفاعل و الاحتكاك بمجتمعات وثقافات أخرى أو التغير المستمر في التكنولوجيا التي تعمل على تلبية رغبات وحاجات الأفراد في المجتمع التي تتأثر بشكل سريع من وقت إلى آخر ، كما أن عملية البحث و التطوير تلعب اليوم دورا هاما في المؤسسات ليس فقط من خلال توجيه الطلب و الاستهلاك بل أيضا لتوجيه عرض المؤسسات المؤثرة و المتأثرة فيما بينها .
- عامل الوقت :
أصبح الوقت عامـلا مهـم في الإدارة و الإنتـاج فإذا فاتتها الفرصة اليوم فلا يمكنها أن تنتظر فرصة مقبلة في نفس السنة أو في سنوات مقبلة بل عليها اغتنامها أو العمل على خلق فرص جديدة، خاصة تلك التي تمتاز منتجاتها بالتغيير المستمر في مواصفاتها كالخاضعة لتكنولوجيا تطور بسرعة كالمنتجات الالكترونية كما أن المنتجات المتميزة بسرعة التلف أو الاستهلاك المستمر تتطلب متابعة مستمرة وسباق مع الزمن.
مكونات المحيط وحالاته
1- مكونات المحيط
يتكون محيط المؤسسة من مجموعة من العناصر يمكن تقسمها إلى عناصر جزئية والتي تشمل الأطراف و المتغيرات التي لها علاقة مباشرة مع المؤسسة، وعناصر كلية التي تتمثل في الوسط العام الذي يكون نظام أشمل يتبع عدة مقاييس في تحديد عناصره.
1-1 العناصر الجزئية:
تعمل المؤسسة على اختيار المكان المناسب الذي ستستخدمه مقرا لها اعتماد على مزاياه ودراسة القيود التي سوف تواجهه وتتخذ هذه العناصر شكلا قريبا وأخر قائم.
1-1-1 الشكل القريب :
والمقصور به المؤثرات القريبة من المؤسسة مثل:
1-قرب الأسواق :
في معظم الأحيان تتخذ المؤسسة مقرا لها قريب من المواد الأولية إذا كانت إنتاجية وقريب من الزبائن إذا كانت خدمية .
2- نقاط الجذب للتطور الاقتصادي:
تفضل المؤسسات التمركز في أماكن الكثافة السكانية و المؤسسات المالية و الممولين والقريبة من الطرق و المواني ومراكز البحث وهذه العوامل تساهم في خلق تفاعلات متبادلة سريعة ومربحة.
3- موقف الجماعات المحلية:
وللجماعات المحلية دورا كبيرا في قيود وأهداف المؤسسات ومنها:
- في الصناعات التلوثية تعمل هذه الجماعات على الحد منها لإضرارها بالمواطن و المحيط الطبيعي .
- أما الإجراءات الايجابية التي تساهم في دعم وجلب الصناعات من خلال المساعدات المالية كالتسهيلات الافتراض أو منح تخفيضات وتخفيضات وإعفاءات ضريبية أو إعداد بنية تحتية لقطاع الصناعة .
1-1-2 الشكل القائم:
وهو المتعلق بالتأثيرات داخل المؤسسة والتي تخص الوظائف الكبرى التالية:
1- القيود المتعلقة بالإنتاج:
يفرض أن الطاقة الإنتاجية بمستوى معين ولنرمز له بالرمز (أ)فعند تحديد طاقة البيع بالمستوى (V) حيث V < أ ، فهنا يتم اعتمد المقاولين التحتيين أو فرق عمل حسب الدورات ( 8×2 ، 8×3 )أو استعمال ساعات إضافية ولكن لهذا تأثير مباشر على اليد العاملة ، كما أن هناك عدة قيود أخرى قد تحد من الأنظمة التحتية التي يمكن أن تكون :
- قدم الآلات يؤدي إلى تخفيض متتالي للكميات و بالتالي الكيفية مما يؤدي إلى انخفاض في رقم المبيعات.
- تعطيل استلام المواد الأولية أو الوسيطة ، وما يؤثر على رزنامة الإنتاج .
- انعدام الصيانة.
- انعدم مراقبة النوعية مما يؤدي إلى خسارة الزبائن .
- مستوى الجودة يؤدي إلى نزاعات بين الإنتاج و التسويق ، ويتطلب دراسات ابتكاريه وتحسينات تطويرية.
2- القيود المالية:
تتفاوض مصلحة المالية مع المصالح الأخرى فيما يخص ميزانية المنظمة ، فتتدخل في سعر البيع ، القروض إلى الزبائن ،قرار الشراء وإيجار الأجهزة مما يؤدي إلى نزاع مع مصلحة التسويق و هذا ما لا يخدم مصلحة المؤسسة .
3- قيود تسيير الموارد البشرية:
والتي تخص بصفة عامة :
- شروط التوظيف العمال المتخصصين ، البائعين...
- شروط العمل
- المناخ الاجتماعي مخاطر الإضراب وكل هته يشكل العناصر المؤثرة على التشغيل الأمثل للمصالح الأخرى .
4- القيود التسويقية وتأثيرها على مصالح أخرى :
التسويق وظيفة إستراتجية تؤثر على كل الوظائف من خلال :
- تحديد الجودة، الأزياء، الكميات، الأسعار..
- تحديد تاريخ تسليم للزبائن.
- تحديد درجة أداء عمل البائعين .
فدرجة فعالية التسويق تؤثر على مردودية المؤسسة وعلى سياسة الأجور وتسير الموارد البشرية .
1-2 العناصر الكلية :
وتتكون من:
1- البيئة الاقتصادية:
يتوقف بناء الاستراتجيات على التقديرات الخاصة بالحالة الاقتصادية إذن فهي مجموعة القوى الاقتصادية التي تؤثر على المجتمع بكافة مؤسساته ومن بين هذه العوامل : الدخل ، الطلب ، مدى توافر عوامل الإنتاج ،التضخم ، السياسات النقدية و المالية للدولة .
2- البيئة السياسية:
يشكل النظام السياسي مجموعة من الهيئات و الأنظمة و الأفراد الذين لهم هدف رئيسي يتمثل في إدارة وتسيير المجتمع ككل ، وتعد العوامل السياسية من العناصر الهامة في البيئة الكلية وكما تعتبر قوى تحركها قرارات سياسية التي هي في الحقيقة انعكاس لمصلحة اقتصادية كان تعنى بحماية البيئة من التلوث فتمثل بذلك تهديدا للمؤسسات الصناعية أو فرصة جيدة للمؤسسات التي تنتج منتجات الوقاية من الغبار.
3- البيئة الاجتماعية:
تعد البيئة الاجتماعية ذات تأثير هام على المؤسسات خاصة أن تأثيرها يكون على طلب المنتجات وعلى قيم وعادات وممارسات للعاملين داخل المؤسسة ويلاحظ عند دراسة متغيرات البيئة الاجتماعية ما يلي :
- تمثل الزيادة السكانية فرصة لبعض المؤسسات التي يكون الطلب على منتجاتها في زيادة مستمرة
- خروج المرأة إلى العمل يؤدي إلى زيادة دخل الأسرة مما يزيد من الطلب على المنتجات لمشاركتها في القرارات الإنتاجية .
- زيادة مستوى التعليم أدى إلى زيادة طموحات وتطلعات الأفراد نحو المنتجات و العمل مما يوفر بيئة عمل جيدة ومستقرة .
4- البيئة التكنولوجية:
ويمثل المحيط الذي يتعلق بأدوات استخدام الإنتاج كالاختراعات و الابتكارات التي أصبحت سلاحا للتحكم في الإنتاج و الأسواق كاعتماد الإعلام الآلي و الروبوتيك، ويتطلب التغيير السريع في التكنولوجيا يتطلب أن تعمل المؤسسات جاهدة للحصول على التكنولوجيا الجديدة لدعم مركزها التنافس لكونها تتعلق بالوسائل الفنية المستخدمة في تحويل المدخلات إلى مخرجات ، وللتكنولوجيا تأثير على مؤسسات من حيث الطلب ومن حيث العمليات الإنتاجية وهذا الأخير يتطلب ضرورة التدريب الدائم للعمال لتأهيلهم لاستخدام التكنولوجيا الحديثة.
5- البيئة الايكولوجية:
يهتم علم الايكلوجيا بالعلاقات القائمة بين الكائنات الحية و المحيط حيث بات التوازن الحاصل بين مكونات المحيط المختلفة معرضا للخطر فعلى سبيل المثال:
- العيش ي المناطق الضجيج يخلق توترا عصبيا دائما.
- بناء المطارات و الطرق السريعة لها تأثير سلبي على الإنسان و الحيوان و النبات.
- التلوث الصناعي و الذري في الوديان و الأراضي الفلاحية ويؤثر سلبا على المعيشة ككل.
6- البيئة القانونية:
تؤثر قوانين العمل ونقابات و القوانين الجبائية على سياسة المؤسسة الاقتصادية ونشاطها بالإضافة إلى قوانين حماية البيئة ،قوانين المستهلك ، قوانين الاستيراد و التصدير ، والمؤسسات الجزائرية تعاني من عدة مشاكل تؤثر سلبا على نشاطها وصيرورتها لعدم قدرتها على تطبيق ما تسنه الدولة من قوانين بشكل يسمح لها لمواجهة كل ما يعترضها في أداء نشاطها فهذا المحيط قد يشكل تهديد حقيقا أمام المؤسسات الوطنية.
7- المحيط الدولي:
ويقصد به التصرفات التي تقوم بها الدولة و الذي يؤثر تأثيرا مباشرا أو غير مباشر على أداء المؤسسات ، فقد تتجه الدولة إلى حمايته الصناعات المحلية وتشجيع الاستثمار الأجنبي أو قد تعتمد إلى تمويل بعض الصناعات تشجيعا لها ولرفع قدرتها التنافسية مع الصناعات الأجنبية وزيادة إمكانية الحصول على حصة سوقية متميزة في الأسواق الدولية ، فالتجمعات الاقتصادية مثلا يمكن لها أن تخلف فرصا سوقية عديدة توسع من أسواقها فهي بذلك تشكل تشجيعا لها وقد تعد تهديدا لبعض المؤسسات كالضرائب الجمركية المرتفعة المطلوبة لدخول أسواق تلك التكتلات.
حالات للمحيط
عموما يوجد أربع حالات للمحيط:
§ محيط مستقر: ويتميز بدرجة تغيير نادرة وغالبا ما تكون مهملة.
§ محيط انتقالي : وتغيراته أيضا نادرة ولكن إذا ما حدثت فإنها قد تؤدي إلى انتشار النشاط ، وعندما تتكيف المؤسسة فيه تجد نفسها في محيط مستقر .
§ المحيط غير المستقر: وتغييرات هذا المحيط تفرض على المؤسسة عملية تكيف مستمر
§ المحيط العاصف: وأهمية ودرجة التغيير فيه تفرض على المؤسسة المعنية ضرورة التطور الدائم عن طريق تفعيل دور الأبحاث العلمية و الإعلام الآلي بصفة مستمرة به.