1.الحوصلة النفسية:

ان كتابة الحوصلة النفسية تعتبر من أهم خطوات الفحص النفسي ، فعلى اساسها تنظم المعلومات و النتائج التي توصل اليها الفحص النفسي بجميع مراحله ، بهدف اخبار وابلاغ كل الجهات المعنية بنتائج هذا الفحص ، وذلك بما يخدم مصلحة العميل وبما يضمن العلاج المناسب له .

- تعتبر الحوصلة النفسية بمثابة العصارة النهاية لدراسة الحالة ،كما انها عبارة عن مجهود عمل يبذله المختص النفساني انطلاقا من جمع المعطيات الى عملية التقييم بحيث تكون لتلك المعلومات قيمة من اجل الوصول الى حل في الاخير الا وهو مساعدة العميل.

 - ولا تكتمل كتابة الحوصلة النفسية الا بكتابة ملخص يضم معطيات تطبيق الاختبارات وكل الملاحظات السلوكية والانفعالية.

وتتحدد الكيفية التي يتم على أساسها كتابة الحوصلة النفسية في الفحص بحسب الجهة التي ستستقبل هذه الاخيرة: العميل في حد ذاته أو أولياؤه إذا كان طفلا ، الفريق العلاجي الطبيب، المدرسة أو العدالة،...الخ. كما يمكن أن يقدم في بعض الحالات التي تفرضها معطيات الممارسة العيادية ، عدة تقارير عن نفس المفحوص : مثل الحوصلة الموجه إلى الطبيب العقلي ، الحوصلة الموجه إلى مدير المدرسة و المعلم.

فالهدف من الحوصلة هو الإحاطة بمختلف جوانب الشخصية للفرد ، قصد مساعدته على فهم نفسه ، ومن أجل الخروج باقتراحات واضحة عن العلاج المناسب للمفحوص وطبيعة التكفل المناسب لحالته، وتزويد المختصين بكل المعلومات التي من شأنها مساعدتهم       و إدراج كل ذلك في الحوصلة النفسية .

إذ يتعين على المختص النفسي تقديم حوصلة وتقرير واضح ومفهوم عن عمله أو التقييمي يكون في متناول مختلف المتدخلين في وضعية الحالة ، بدءا بالمفحوص ذاته ، في حين أن ما يقدمه المختص النفسي في تقريره من معلومات وبيانات ، وعلى الرغم من كونها ضرورية ومستحقة ، إلا أنها تخضع إلى مجموعة من الشروط و الاعتبارات التي يفرضها واقع الممارسة النفسية أهمها :

2.السرية في العمل:

تعتبر من اهم العناصر التي يجب على الاخصائي مراعاتها من أجل حماية الخصوصية الشخصية للعميل أو المفحوص ، حيث أن لا أحد غير المهنيين المتدخلين في متابعة الحالة يملك الحق في الاطلاع على هذه المعطيات و المعلومات . و إذا كان من الضروري تقديم بعض هذه المعلومات  بطلب أو موافقة المفحوص  إلى مهنيين من غير قطاع الصحة كمعلمين أو مدراء مدارس  أو إلى مهنيين في الصحة من غير الأخصائيين النفسانيين  و الأطباء العقليين  يشترط أن تكون هذه المعلومات المقدمة مقتصرة على ما هو ضروري توصيله بما يخدم مصلحة الشخص.(ماهر محمود عمر،ص134)

3.مصلحة العميل :

لقد نبه الكثير من الاخصائيين على قضية مصلحة  وحصانة العميل فيما يتعلق خاصة بحرص الأخصائي النفساني على أن لا تستخدم أو تستغل المعلومات المكتوبة في الحوصلة عن الفحص النفسي للفرد بما يضر بالعميل أو أن يساء فهمها إذا ما تم إطلاع العميل بكافة المعلومات المتعلقة بكل العوامل التي ساهمت في تشخيص حالته وتحديد طريقة علاجه .

اذ يرى الكثير من علماء النفس على ان التكوين العلمي الذي يحضى به الأخصائيين النفسانيين وطبيعة ممارستهم ، تسمح لهم ليس فقط بالتحكم في الأدوات و التقنيات النفسية وتفسير نتائجها بناءا على معارف معقدة ، مستخرجة من منابع عديدة من علم النفس النمو  علم النفس العيادي و إنما أيضا الانتفاع من نتائج هذا العمل الطويل بطريقة تسمح للشخص تحقيق أفضل الفوائد . ومن أجل ذلك تقدم نتائج الفحص النفسي  للمفحوص  في كلمات واضحة يستطيع أن يفهمها ويدمجها جهازه النفسي  إذ يجب أن لا ينسى الأخصائي النفساني أن العميل ذاته هو موضوع الفحص النفسي و أساس منهجيته و أنه عادة ما يتميز هذا الأخير بهشاشة التوظيف و البنية ، لذلك لا يمكن الحديث في هذه النقطة عن معيار معين ومحدد ، يفرض في التعامل مع هذه الوضعية ، بل يترك التصرف للأخصائي بما يتناسب مع معطيات الفحص وطبيعة المفحوص .

كما أن إطلاع العميل على الحوصلة الموجهة تحديدا إلى المختص يمكن أن يكون خطيرا في بعض الحالات ، في حين أن نفس المعلومات التي يتضمنها هذه الحوصلة يمكن أن يتقبلها المفحوص أو عائلته بطريقة أفضل إذا كانت مقدمة لهم تحديدا من قبل الأخصائي النفساني و بطريقة مبسطة وبكلمات مفهومة لا تتضمن التأويلات الخاطئة التي غالبا ما يلجأ إليها هؤلاء في فهمهم للمعطيات التقنية إذا ما عثروا عليها ، كما يمكن لهذه الحوصلة بعد ذلك أن يعاد تنظيمها في شكل مفهوم وفي يسهل على المفحوص وتقديمه له ، وهو ما يمنح للمفحوص إمكانية جعل هذه المعطيات شخصية وخاصة به ، يتعرف من خلالها على نفسه وعلى صعوباته ومشاكله ، و اتخاذ أفضل اتجاه نحوها ، وهو ما له أن يساعد الأخصائي في عرضه لطريقة العالج المناسبة وفي شرحه لأهدافها ويهيئ المفحوص لتقبل العالج ووعيه بضرورته .

وعادة ما تكون الطريقة المتبعة من قبل جل الممارسين في تقديم حوصلة  للمختص وتقرير شفاهي للمفحوص أو إلى عائلته إذا كان هذا الأخير طفلا . وهو عادة ما لا يجد النفساني صعوبة في توصيله لمفحوصيه و إقناعهم به إلا في حالات استثنائية .

غير أن هذا لا يعني فرض قواعد ، إذ لا يمكن لهذه الممارسة أن تعدل في وضعيات يكون فيها تقديم حوصلة الفحص النفسي كتابيا للمفحوص أو عائلته ضروريا أو مستحسنا . من جهة أخرى تمنح لهم إمكانية أخذ موعد الحق من أجل طلب توضيحات إضافية أو من أجل الحديث من جديد عن معطيات الفحص النفسي .

إلا أنه ومما لا شك أن على الأخصائي النفساني التحلي بالحذر في صياغة الحوصلة اثناء كتابتها ، من أجل تجنب أي تصريح سيكولوجي مرضي غير مناسب أو مبكر يمكن أن تكون عواقبه وخيمة على المفحوص ، في حين أن الوصف الهادف لشخصية الفرد المصحوب بأمثلة معبرة مأخوذة عن بروتوكولات الإختبارات المطبقة خلال الفحص ، له أن يساعد المفحوص على فهم وتقبل مشكلته وتشخيصها بشكل أفضل مما يهيؤه للعلاج .

أما فيما يخص الأطفال تحديدا ، فوضع معطيات خام ومفصلة بين أيدي الأولياء تصف الصعوبات و المشاكل التي تخص الحالة النفسية لأطفالهم  و التي يمكن أن نأمل في كونها عابرة إذا ما تحصل الطفل على كفالة مناسبة لا يمكنه أن يخدم الطفل ولا حتى أوليائه ، فهي معلومات يمكن أن يساء فهمها و إستخدامها إذا لم تأخذ في سياقها التطوري وعلى أنها معطيات حالية تخص الطفل في هذه المرحلة من نموه و أنها قابلة للتحسن أو التغير بمرور الوقت .

كما أن ايلاء اهمية معتبرة لقيم معاملات الذكاء  و الطلب الملح للتعرف عليها ، وفرض ذلك على الأخصائي النفساني الذي يمكن أن يخضع لذلك، إنما هو اشكال حقيقي، باعتبار أن معاملات الذكاء يمكن أن تتغير مع الوقت تبعا لعدة عوامل شخصية وبيئية وتبعا أيضا لنوعية الاختبار المستعمل.

لذا فمن الاحسن أن تقدم نتائج الفحص النفسي شفاهيا للأولياء و أن لا تستعمل الأرقام و الألفاظ التقنية التي يمكن أن يساء فهمها وتأويلها ، حيث تقدم معطيات الفحص النفسي مع الأطفال في إطار المظهر التطوري لهذا الأخير وضرورة اعتبارها خاصة بوضعه الحالي

وتصف حالة توظيفه النفسي و العقلي الآن و أنها قابلة للتغير .(حجازي مصطفى 1979ص178،177)


Last modified: Wednesday, 3 April 2024, 4:21 PM