عريس نصرالدين                      مادة علم النفس الايجابي                  السنة اولى ماستر عيادي 

الدرس الرابع عشر: فاعلية الذات

1.    مفهوم فاعلية الذات:

يعد مفهوم فاعلية الذات Self Efficacy من أهم مفاهيم علم النفس الحديث، وهي من المفاهيم التي أصبحت شائعة في الكتابات النفسية، وترجع أهميتها إلى الدور الحيوي الذي تؤديه في دفع السلوك و توجيهه و استمراره، فهي معيار النجاح في مختلف جوانب الحياة، حيث تتضمن اعتقاد الفرد بشأن المهارات التي يمتلكها و تؤثر في قراراته و سلوكياته في شتى المجالات.

و يرى هالين ودانهيز (Hallin& Danaher, 1994) أن فاعلية الذات هي ثقة الأفراد فيما يتعلق بقدرتهم على الأداء في المجالات المتنوعة و يكون لدى الفرد أكبر معرفة بنفسه إذا كانت لديه القدرة على إنجاز الهدف و يرى كيرنش (Kirnch, 1985) أنَّ فاعلية الذات تعني ثقة الشخص في قدرته على إنجاز السلوك بعيدًا عن شروط التعزيز، ويؤكد باندورا (Bandura, 1997,141) أن تصورات الأفراد لفاعليتهم الذاتية هي أكثر التطورات تأثيرًا في حياتهم اليومية و أكثر تأثيرًا في اختيارهم فيكونوا إما سلبيين أو إيجابيين في تقييمهم لذاتهم و لذا يصبح الأفراد إما ناجحين إذا امتلكوا فاعلية ذات مرتفعة أو مكتئبين إذا امتلكوا فاعلية ذات منخفضة (Bandura, 1982,122).

و تشير الفاعلية الذاتية إلى إيمان الشخص بقدرته على إنجاز مهمة أو مجموعة مهام (Bandura, 1997). و تركز أعمال باندورا على الفاعلية الذاتية المدركة كالإيمان بالإمكانات لتنظيم و تنفيذ خطة العمل المطلوبة لتحقيق الهدف، والتنبؤ بالحماس الذي يؤدي إلى السلوك اللازم لإجراء العمل. وكان مصطلح فاعلية الذات قد انبثق من نظرية باندورا في التعلم الإجتماعي، وذلك من خلال مفاهيم و مبادئ عامة عن تنظيم الذات (Self Régulation) وهي الآلية الثانية في عملية التعلُّم التي تشكّل مع العمليات الإبدالية (Vicarious)،و العمليات المعرفية (Cognitive) منظومة التعلُّم الإجتماعي.

ويرى سيرفون وبيك (Cervone& Peake, 1986,14) أن معتقدات الأشخاص حول فاعلية الذات هي التي تحدد مستوى الدافعية، وينعكس ذلك على المجهود الذي يبذلونه في أعمالهم، وكذلك على المدة التي يستطيعون من خلالها الصمود في مواجهة العقبات و المشكلات، كما أنه كلما زادت ثقة الفرد في فاعلية الذات تزيد مجهوداته، ويزيد إصراره على تخطي ما يقابله من عقبات، فعندما يواجه الفرد بموقف ما يكون لديه شكوك في مقدرته الذاتية فهذا يقلل من مجهوده، مما يؤثر في محاولة حل المشكلات بطريقة ناجحة.

وعرف سايرز و آخرون (Sayers, et. Al, 1987,17) فاعلية الذات على أنها: "مجموعة من التوقعات العامة التي يمتلكها الشخص، والتي تقوم على الخبرة الماضية، و تؤثر في توقعات النجاح في المواقف الجديدة، أي أن فاعلية الذات العامة هي فاعلية الذات المهمة لأنها محددة و تعمم في مواقف أخرى".

ويشير جيست وميشيل (Gist& Mitchell) إلى أن" أحكام فاعلية الذات تتضمن أحكام الأفراد على مدى قدرتهم على إنجاز مهمة، كما تشمل الحكم على التغيرات التي تطرأ على فاعلية الذات أثناء اكتساب الفرد للمعلومات و القيام بالتجارب، بالإضافة إلى العوامل الدافعية التي تحرك السلوك بطريقة مباشرة ".

وذكر أبو علام (2004) أنّ مفهوم الفاعلية الذاتية المدركة قريب الشبه من مفهوم الذات، إلا أنّ مفهوم الذات له طابع عام، ولذلك يوصف الناس بأنّ لديهم مفهوم ذات مرتفع أو منخفض. أمّا الفاعلية الذاتية فهي أكثر خصوصية إذ ترتبط بمجالات و مواقف و أعمال معينة.

و الفاعلية الذاتية هي مجموعة من التوقعات التي تجعل شخصًا ما يعتقد بأن المسار الذي سيتخذه نحو أداء عمل معين سيحظى بالنجاح، كما و تعرف بأنها توقعات الفرد حول تنظيم و تنفيذ أعماله لتحقيق إنجاز أو أعمال معين (Bandura, 1986).

و عرفها الدردير (210،2004) بأنها:" الميكانيزم الذي من خلاله يتكامل الأشخاص و يطبقون مهاراتم المعرفية و السلوكية و الإجتماعية الموجودة على أداء مهمة معينة، ويعبر عنها بأنها صفة شخصية في القدرة على أداء المهام بنجاح في مستوى معين ".

في حين عرف" جيليهان" فاعلية الذات بأنها: "اعتقادات الفرد في قدرته لإنتاج مهمة معينة" (Gillihan, 2002,33).

ويرى (عادل العدل، 131،2001) أن فاعلية الذات هي ثقة الفرد في قدراته خلال المواقف الجديدة أو المواقف ذات المطالب الكثيرة غير المألوفة أو هي اعتقادات الفرد في قوة الشخصية مع التركيز على الكفاءة في تفسير السلوك دون المصادر أو الأسباب الأخرى للتفاؤل.

أما (المزروع، 2007) فاعتبر فاعلية الذات إحدى موجهات السلوك فالفرد الذي يؤمن بقدرته يكون أكثر نشاطا و تقديرا لذاته، ويمثل ذلك مرآة معرفية للفرد، و تشعره بقدرته على التحكم في البيئة، حيث تعكس معتقدات الفرد عن ذاته و قدرته على التحكم في معطيات البيئة من خلال الأفعال و الوسائل التكيفية التي يقوم بها، والثقة بالنفس في مواجهة ضغوط الحياة.

و عرف (باندورا، 1994) الفاعلية الذاتية بأنها معتقدات الناس حول قدراتهم على القيام بمستويات معينة من الأداء، الذي يتحكم في أحداث تؤثر على مجرى حياتهم. ويمكن أن تنشأ هذه المعتقدات من خبرات التمكن الناتجة عن الإنجاز و النجاح المسبق، و الخبرات البديلة من خلال ملاحظة الشخص لنجاح الآخرين المماثلين له في أعمال مشابهة، فالإقتداء بالنماذج الإجتماعية يوفر معايير يحكم الشخص على نفسه من خلالها، كما أن الإقناع الإجتماعي يعزز الإحساس بالفاعلية الذاتية، إذ يتم إقناع الأفراد بأنهم يمتلكون مقومات النجاح لتنفيذ الأنشطة المطلوبة، مما يدفعهم لمضاعفة الجهد و المواظبة، و يتطلب ذلك تهيئة المواقف الملائمة التي تهئ فرص النجاح و تتفادى إحتمالات الفشل. كما يعتمد الناس جزئيا على حالتهم العاطفية و الجسمية في الحكم على قدراتهم، فالمزاج الإيجابي يدعم الفاعلية الذاتية.

2.    مصادر فاعلية الذات:

وضع باندورا أربعة مصادر أساسية للمعلومات تشتق منها فاعلية الذات، كما يمكن أن تكتسب أو تقوى أو تضعف من خلالها وهي:

أ‌-     الإنجازات الأدائية: Performance Accomplishment:

يرى (غيست و ميتشل، 1992) أن هذا المصدر يعتمد على الخبرات التي يعيشها الفرد، فالنجاح عادة يرفع توقعات الفاعلية، بينما الإخفاق المتكرر يخفضها و يتطلب الإحساس بالفاعلية القوية خبرة في التغلب على العقبات من خلال بذل الجهد و المثابرة المستمرة المتواصلة.

و تركز الفاعلية الذاتية على الإيمان بالقدرة لعمل سلوك مرغوب، كما أن القدرة الفعلية و نتيجة العمل ثانويتان إلى القدرة المدركة لتحقيق السلوك.

و يعتقد الشخص ذو الفاعلية الذاتية العالية أنه قادر على إنجاز سلوك و لديه الرغبة في متابعة النشاط بالرغم من الصعوبات التي تواجهه، كما أن الإعتقاد بعدم الفاعلية نتيجة الفشل يعيق استعداد الشخص لمواجهة الصعاب. كما تتطور اعتقادات الفاعلية من إدراك الشخص لكفاءته في أداء السلوك، وتنتج المعتقدات الغير فعالة من فشل في توقعات أداء الشخص، وتخلق بعض تجارب الفاعلية الذاتية أوضاع محددة يستطيع أن يطور الناس منها إحساس أكثر عمومية لفاعلية الذات.

أما (باندورا، 1977) فيرى أن هذا المصدر هو الأكثر تأثيرا في فاعلية الذات لدى الفرد لأنه يعتمد أساسا على الخبرات التي يمتلكها الشخص، فالنجاح عادة يرفع توقعات الفاعلية بينما الإخفاق المتكرر يخفضها، و المظاهر السلبية للفاعلية مرتبطة بالإخفاق، و تأثير الإخفاق على الفاعلية الشخصية يعتمد جزئيا على الوقت و الشكل الكلي الخبرات في حالة الإخفاق، وتعزيز فاعلية الذات يقود إلى التعميم في المواقف الأخرى و خاصة في أداء الذين يشكون في ذاتهم من خلال العجز و اللافاعلية الشخصية، و الإنجازات الأدائية يمكن نقلها بعدة طرق من خلال النمذجة المشتركة حيث تعلم على تعزيز الإحساس بالفاعلية الذاتية لدى الفرد.

ب‌-                      الخبرات البديلة: Vicarious Expérience:

حسب (غيست و ميتشل، 1992) يرى باندورا أن تقدير فاعلية الذات يتأثر بالخبرات البديلة و التي يقصد بها إكتساب الخبرة من رؤية الآخرين المشابهين و هم يؤدون الأنشطة بنجاح (النماذج الإجتماعية) حيث تزيد رؤية الفرد للمتشابهين له وهم يؤدون الأنشطة بنجاح من جهده المتواصل و ترفع معتقداته لأنه يمتلك نفس الإمكانات اللازمة للنجاح و يستطيع أن يولد توقعات من المشاهدة و التي تحسن أداؤه بالتعلم من المشاهدة للنماذج، ولنفس السبب رؤية آخرين يفشلون في أدائهم على الرغم من الجهد المرتفع تخفض معتقدات المشاهدين عن فاعليتهم و يقوض جهودهم.

وتسبق التجارب الإجتماعية الفاعلية الذاتية و تؤثر عليها سواء أدركت فاعلية ذاتية عالية أو منخفضة و يتأثر توقع الفاعلية بالتعلم من التجارب أو من خلال العرض أو الوصف التحليلي للسلوك الوضعي الذي يولد المعرفة و الإهتمام بإعادة النشاط.

ت‌-                      الإقناع اللفظي: Verbal Persuasion:

حسب (باندورا، 125،1997) يشير هذا المصدر إلى عمليات التشجيع و التدعيم من الآخرين، أو ما يسمى بالإقناع الإجتماعي، فالآخرون في بيئة التعلم (المعلمون، الزملاء، أو الأقران أو الوالدان) يمكنهم إقناع المتعلم لفظيا بقدرته على النجاح في مهام خاصة، وقد يكون الإقناع اللفظي داخليا حيث يأخذ صورة الحديث الإيجابي مع الذات.

أما (جابر، 444،1995) يرى أن تأثير هذا المصدر محدود، ومع ذلك فإن الإقناع اللفظي في ظل الظروف السليمة يمكن من رفع فاعلية الذات و خفضها، و لكي يتحقق ذلك ينبغي أن يؤمن الشخص القائم بالإقناع، فالنصائح أو التحذيرات التي تصدر عن شخص موثوق به لها تأثير أكبر في فاعلية الذات عن تلك التي تصدر عن شخص غير موثوق به.

كما يرى أيضا باندورا أن تهيئة البيئة الملائمة للتعلم تعتمد على مواهب المعلم و فاعليته الذاتية، فالذي يملك الإحساس بالفاعلية الذاتية المرتفعة، يعمل على مساعدة الطلاب متدني التحصيل و ينمي، دافعيتهم و ثقتهم بأنفسهم و يمدح إنجازاتهم.

ث‌-الحالة الفيسولوجية و الإنفعالية: Psychological- Physiological state:

حسب (Resnick, 2008,183) يرى باندورا أن الطريقة الرابعة لتعديل المعتقدات الذاتية عن الفاعلية تتمثل في تقليل ردود الأفعال الشديدة التي يصدرها الأشخاص فضلا عن تعديل ميولهم الإنفعالية السلبية و تفسيراتهم السلبية لأحوالهم البدنية، ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد أن خطورة رد الفعل الإنفعالي و البدني ليست هي العامل الحاسم إنما كيفية إدراك رد الفعل هذا و تفسيره، فالأشخاص الذين يمتلكون إحساسا مرتفعا بالفاعلية هم أكثر قابلية لتفسير إنفعالاتهم على أنها عامل منظم و ميسر للأداء في حين أن الأشخاص الذين يشكون في قدراتهم يفسرون مثل هذه الإنفعالات على أنها عوائق للأداء.

و يشير باندورا إلى القلق بوصفه أحد العوامل المؤثرة في فاعلية الذات، ويلاحظ أن العلاقة بينهما عكسية، كما أن قوة الإنفعال غالبا ما تخفض درجة الفاعلية الذاتية، على سبيل المثال الشخص الكبير يخاف من السقوط أو التأذي أثناء مشيه، إن الاستثار الإنفعالية العالية التي تصاحب الخوف يمكن أن تحد ذاته.

3.    أنواع فاعلية الذات:

3-1: فاعلية الذات العامّة:

يقصد بها أنّها توقع الفرد بأنّه قادر على أداء السلوك الّذي يحقق نتائج مرغوب فيها في أي موقف معيّن. ويشير "باندورا" إلى أنّ فاعلية الذات من الأفضل تفهم على أنّها إمّا مهمة محدّدة أو في مجال معيّن، وهو يقرّ أنّ فاعلية الذات تصل إلى التعميم على حالات أخرى و الشعور العالي من الفاعلية في نشاط و مجال واحد هو لا يدلّ على شعور عالي من الكفاءة في أنشطة أخرى. وفي المقابل فهناك باحثون آخرون لديهم تصوّر أنّ فاعلية الذات شعور عام بالفاعلية الذاتية. وهذا الشعور هو واسع و مستقر "ثابت" من الكفاءة الشخصية في مواجهة المواقف الضاغطة و المرهقة و فاعلية الذات العامّة يمكن أن تطلق على الشخص الّذي ينجز في أدواره المنوطة به في دراسته و مهنته و أسرته و أصدقائه و خدمة مجتمعه، فيكون شخصًا منتجًا و منجزًا و نافعًا لنفسه و لغيره.

3-2: فاعلية الذات الخاصّة:

ويقصد بها أحكام الفرد الخاصّة و المرتبطة بمقدرتهم على أداء مهمة مجددة في نشاط محدد مثل الرياضيات (الأشكال الهندسية) أفي اللغة العربية (الإعراب-التعبير) و يؤكد "باندورا" على وجود فاعلية الذات الخاصّة، حيث لا يمكن للفرد أن يؤدي كل الأشياء في كلّ مجال من مجالات الحياة الّتي تتطلب إتقانًا، و الناس يختلفون في مجالات فاعلية الذات لديهم وفي مستوياتها حتى في المجال الواحد، وعلى سبيل المثال: قد يملك الشخص في مجال الأعمال المهنية إحساسًا عاليًا من الفاعلية التنظيمية، لكن الفاعلية الوالدية لديه منخفضة، وبالتالي فإنّ نظام إعتقاد الفاعلية ليس سمة عامّة شاملة ولكن مجموعة متباينة من المعتقدات الذاتية مرتبطة بنواحي و مجالات متميزة من الأداء.

3-3: الفاعلية الجماعية:

يتضح المقصود بها مما يذكره "مادوكس" بأنّ تحقيق الأهداف المهمة في المجموعات و المنظمات و المجتمعات يعتمد دائمًا على قدرة الأفراد على التعرّف على قدرات الأفراد الآخرين و توظيف هذه القدرات لتحقيق الأهداف المشتركة.

و الفاعلية الجماعية تتمثل في الإيمان المشترك لدى جماعة ما أو مجتمع بالقدرة على النهوض و الفعل و تنظيم الطاقات، وصولا إلى تحقيق الأهداف التي كانت تبدو شبه مستحيلة، وفيها يتجلى العطاء الفائق، وتقدم التضحيات من دون حدود.

(بوناب و بوسعيد، 34:2020).

ويشير "باندورا" إلى أهميتها لأنّ المشكلات في جميع أنحاء العالم يتزايد حجمها مما يرسخ شعور بالعجز، وأنّ هناك القليل من النّاس يمكنهم الحد من مثل هذه المشكلات، ولذلك فالجهود الإجتماعية لتغيير المعيشة للأفضل تتطلب دمج المصالح الذاتية المتنوعة في دعم القيم و الأهداف الأساسية المشتركة، ويضرب مثلا لذلك بأنّ وسائل الإعلام الإلكترونية توضح كيف أنّ جهود جماعية صغيرة يمكن أن يكون لها تأثير كبير على المشكلات العالمية الملحة مثل إرتفاع النمو السكاني، و إستراتيجية فكر عالمية.

3-4: فاعلية الذات الأكاديمية:

تشير إلى إعتقاد الفرد في إمكاناته الذاتية و ثقته في قدراته و معلوماته، و أنّه يملك المقوّمات العقلية المعرفية و الإنفعالية الدافعية و الحسية العصبية ما يمكنه من تحقيق المستوى الأكاديمي الذي يرتضيه أو يحقق له التوازن، محددا جهوده و طاقاته في إطار هذا المستوى. و المعلمون يعرفون أنّ الإمكانية الأكاديمية نادرًا ما يمكن أن تحقق في غياب إعتقاد الطفل.

3-5: فاعلية الذات الإجتماعية:

تعرّف بأنّها إعتقاد الطفل في القدرة على بناء العلاقات الإجتماعية و الحفاظ عليها و إدارة أنواع مختلفة من الصراعات الشخصية، وهي تعزز العلاقات الإجتماعية الإيجابية في حين عدم الفعالية في هذا المجال تؤدّي إلى سلوكات التنفير الإجتماعي، وترتبط فاعلية الذات الإجتماعية المرتفعة بمستوى أعلى من الرضا عن الحياة و الإستقلالية و التعاطف مع الآخرين و مستوى أقل من العدوانية لدى الأطفال و المراهقين.

3-6: فاعلية الذات الوالدين:

فاعلية الذات للوالدين تتناول الأدوار المحتملة من الوالدين و إدراكهم و فهمهم السلوك و العواطف داخل الأسرة، وكذلك سلوكات الطفل الإجتماعية و العاطفية و تكيّف الطفل و تحصيله الدراسي، و ذلك نتائج الدّراسة على إرتباط فاعلية الذات بالسلوك الوالدي الإيجابي أو السلبي.

3-7: فاعلية الذات المهنية:

تعرّف فاعلية الذات المهنية بأنّها الإعتقاد أو الثقة بأداء مهام الوظيفة الواحدة وهي تصف النّاس عن كفاءتهم المهنية، لذلك يرتبط بها إختيار المهنة و النجاح المهني و تحقيق الأهداف، بالإضافة إلى الإلتزام و التركيز و الإستمتاع. و فاعلية الذات المهنية هي إعتقادات الفرد في قدرته على أداء متطلباته المهنية و النفسية و الفنية و الإدارية و الإجتماعية بنجاح وبما يحقق له و لإدارة المؤسسة الرضا و الكفاية.(بوناب و بوسعيد، 36:2020).

ويمكن أن تتنوع فاعلية الذات وفق المجالات المهنية المختلفة ليكون مثلا فاعلية الذات للمعلم، و فاعلية الذات المهنية للطبيب، و المحامي، وعندما تتنوع فاعلية الذات المهنية فإنّها ستختلف من مهنة لأخرى، فعلي سبيل المثال يشير كل من

 (Klassem. R. Chin. M) إلى أنّ فاعلية الذات المعلمين تؤثر على سلوكات التدريس لديهم، و دوافع تلاميذهم و تحصيلهم، ويمكن إستكشاف معتقدات المعلمين حول قدراتهم في ثلاث مجالات رئيسية بالفصول الدراسية: تطبيق الإستراتيجيات التعليمية، و إدارة سلوكات الطلاب و إشتراك الطلاب في عملية التعلّم.(بوناب و بوسعيد، 36:2020).

4.    خصائص فاعلية الذات:

هناك خصائص عامة لفاعلية الذات و هي:

1.    مجموعة الأحكام و المعتقدات و المعلومات عن مستويات الفرد و إمكاناته و مشاعره.

2.    ثقة الفرد في النجاح في أداء عمل ما.

3.    وجود قدر من الإستطاعة سواء كانت فسيولوجية، أم عقلية، أم نفسية، بالإضافة إلى توافر الدافعية في المواقف.

4.    توقعات الفرد للأداء في المستقبل.

5.    إنها لا تركز فقط على المهارات التي يمتلكها الفرد و لكن أيضاً على حكم الفرد على ما يستطيع أداؤه مع ما يتوافر لديه من مهارات، ففاعلية الذات هي: "الإعتقاد بأن الفرد يستطيع تنفيذ أحداث مطلوبة".

6.    هي ليست سمة ثابتة أو مستقرة في السلوك الشخصي فهي مجموعة من الأحكام لا تتصل بما ينجزه الشخص فقط ولكن أيضاً بالحكم على ما يستطيع إنجازه و إنها نتاج للقدرة الشخصية.

7.    إن فاعلية الذات تنمو من خلال تفاعل الفرد مع البيئة و مع الآخرين، كما تنمو بالتدريب و إكتساب الخبرات المختلفة.

8.    إن فاعلية الذات ترتبط بالتوقع و التنبؤ، ولكن ليس بالضرورة أن تعكس هذه التوقعات قدرة الفرد و إمكاناته الحقيقية، فمن الممكن أن يكون لدى الفرد توقع بفاعلية الذات مرتفعة و تكون إمكاناته قليلة.

9.    تتحدد فاعلية الذات بالعديد من العوام مثل: صعوبة الموقف، كمية الجهد المبذول، مدى مثابرة الفرد.

10.                      إن فاعلية الذات ليست مجرد إدراك أو توقع فقط، ولكنها يجب أن تترجم إلى بذل جهد و تحقيق نتائج مرغوب فيها.

وهذه الخصائص يمكن من خلالها إخضاع فاعلية الذات الإيجابية للتنمية و التطوير، وذلك بزيادة التعرض للخبرات المناسبة.(Cynthia&Bobko, 1994,364).


آخر تعديل: الأربعاء، 6 ديسمبر 2023، 11:24 AM