الرضا عن الحياة
عريس نصر الدين مادة علم النفس الايجابي السنة الاولى ماستر عيادي
الدرس الثالث عشر: الرضا عن الحياة
حظى موضوع الرضا عن الحياة بالإهتمام الوافر من طرف باحثين و مختصين في علم النفس، كونه يعتبر من الموضوعات الحيوية و مؤشرا يدلّ على سعادة الفرد و سلامة بناءه النفسي، كما يرتبط بجودة حياته الّتي يعيشها.
-1 مفهوم الرضا عن الحياة:
يعرّف فينهوفن Fenhoven الرضا بأنّه حالة عقلية تتمثل في تقييم شيء ما وهذا المفهوم يشير إلى كلّ من الإستمتاع و الإطمئنان ليشمل التقييم المعرفي و الوجداني معا وقد يكون الرضا مؤقتًا أو ثابتاً مع مرور الزمن.(جعفر كرم، 242:2018).
وحسب لديسجرلاس (2014)ldysgerlas يعرّف الرضا عن الحياة بأنّه تقويم الفرد للرضا العام عن حياته، ويتضمن الرضا عن الحياة تقارير الأفراد عن تقديرهم لحياتهم ككل.(حميدي رحمة، 12:2022).
أمّا هيرلوك Hirlok فيعرّف الرضا عن الحياة بأنّه تقييم الأفراد لحياتهم من وجهة نظرهم الخاصّة، وهذا التقييم لديه جانبين: الأوّل معرفي و يتمثل في إدراك الأفراد و تقييمهم للحياة بشكل عام، أو تقييم جوانب محددة من الحياة، مثل الرضا عن الحياة و الرضا الزواجي، أو الرضا عن العمل. والثاني: تقييم الأفراد لحياتهم بناءًا على تكرار الأحداث السارة أو الغير سارة، الّتي تسبب إمّا السعادة و الفرح أو التوتر و القلق و الإكتئاب و بالتالي الشعور بالرضا أو عدم الرضا بدرجات مختلفة.(فريال عيساوي، 2021:2021).
و يعرّفه الديب (1988) بأنّه تقبّل الفرد لذاته، و أسلوب الحياة الّتي يحياها في في المجال الحيوي المحيط به، فهو متوافق مع ذاته و ربه و أسرته، سعيد في عمله متقبّلا لأصدقائه راضيا عن إنجازاته الماضية، متفائلاً بما ينتظر من المستقبل مسيطرًا على بيئته فهو صاحب القرار، قادر على تحقيق أهدافه.(جعفر كرم، 243:218).
وحسب أماني عبد الوهاب (2007) الرضا عن الحياة هي الشعور بالرضا للوجود، يعني أن يكون الفرد سعيدًا لحياته، ويرى أنّ لها قيمة، وفيها ما يستحق أن يكافح و يعيش من أجله، و الرضا عن الحياة حالة داخلية يشعر بها الفرد و تظهر في سلوكه و إستجاباته، وتشير إلى إرتياحه و تقبله لجميع مظاهر الحياة، من خلال تقبّله لذاته و لأسرته و الآخرين و البيئة المدركة و تفاعله مع خبراتها بصورة متوافقة.(جعفر أكرم، 244:2018).
-2 النظريات المفسرة للرضا عن الحياة:
1.2: نظرية القيم و الأهداف و المعاني:
يشعر الأفراد بالرضا عندما يحققون أهدافهم، ويختلف الشعور بالرضا بإختلاف أهداف الأفراد و درجة أهميتها بالنسبة لهم، وحسب القيم السائدة في البيئة التي يعيشون فيها و نجد أن الأفراد الذين يدركون حقيقة أهدافهم و طموحاتهم و أهميتها بالنسبة لهم و ينجحون في تحقيقها يتمتعون بدرجة أعلى من الرضا عن الحياة مقارنة بأولئك الذين لا يدركون حقيقة أهدافهم أو الذين تتعارض أهدافهم مما يؤدي إلى الفشل في تحقيقها و التي تتلائم مع شخصية الأفراد و تختلف هذه الأهداف بإختلاف المراحل العمرية و أولوية هذه الأهداف.
وتشير دراسة لونغ وهيكهوزن (Long and Heckhausen) إلى أن الأفراد الذين يسيطرون على أهدافهم و أمور حياتهم و المهمات التي يمارسونها في حياتهم اليومية تزداد لديهم مشاعر الرضا عن الحياة، لأن السيطرة على المهمات النمائية و أمور الحياة من شأنه زيادة المشاعر الإيجابية تجاه الذات و أمور الحياة و زيادة مشاعر الرضا بشكل عام.
و دراسة بورتنر و هالتشر (Bortner and Huschias) بينت وجود علاقة إيجابية بين النجاح في تحقيق الأهداف و مستوى التعليم و زيادة الرضا عن الحياة.(حميدى و ليتيم، 15:2022).
2.2: نظرية التقييم:
ترى هذه النظرية أن الشعور بالرضا يمكن قياسه من خلال عدة معايير، و أحد هذه المعايير يعتمد على الفرد و مزاجه و الثقافة و القيم السائدة، كما أن الظروف السائدة تؤثر على درجة الشعور بالرضا.
وعلى سبيل المثال فالأفراد عندما يقيمون مدى رضاهم عن الحياة لا يفكرون عادة بقدراتهم الحراكية إلاّ إذا تواجدوا مع أحد الأفراد الذين يعانون من إعاقة حركية، كما أن الشعور بالرضا أو عدمه لا يرتبط بالعمر الزمني للفرد، و يرتبط الرضا عن الحياة بالمستوى الإقتصادي للأفراد، وبحسب نظرية ماسلو للحاجات فإن الأفراد في الدول الغنية يفترض أن يكونوا أكثر سعادة و رضا في حياتهم مقارنة بالدول الفقيرة التي تعاني من نقص مادي و التي تؤثر على إشباع الحاجات الأساسية للأفراد، مما يجعل حجات الأمن أكثر أهمية في تلك الثقافات، في حين تكون حاجات الحب و تحقيق الذات أكثر أهمية في الدول الغنية و بالمقابل فقد أشارت بعض الدراسات إلى أن العلاقات الإجتماعية أكثر أهمية من الجوانب المادية من أجل الشعور بالرضا في بعض الثقافات.
3.2: نظرية التكيف و الشعور:
تقوم هذه النظرية على فرضية مهمة، وهي أن الأفراد يتصرفون بشكل مغاير، ومختلف في الأحداث الجديدة التي تمر في حياتهم، وذلك حسب نمط شخصيتهم وردود أفعالهم و أهدافهم في الحياة ولكن التعود و التكيف يؤدي إلى عودتهم إلى النقطة الأساسية التي كانوا عليها قبل الأحداث الجديدة، ويختلف الأفراد في درجة تكيفهم و سرعة تكيفهم و طريقة تكيفهم مع الأحداث و الظروف المحيطة بهم.
وعلى أية حل، يستغرق التكيف بعض الوقت، وتمر فترة من إرتفاع أو إنخفاض الشعور بالرضا قبل أن تستقر الحال. و إذا كان الشعور بالرضا يعتمد على زيادة المكافآت فهذا يمكنه أن يفسر سبب سعي الناس عادة إلى الحصول على أكثر مما لديهم، وتتمثل طريقة أخرى لزيادة الشعور بالرضا في تعويض الفرد لفترات من الحرمان يتلوها فترات من الإشباع، رغم أنه ليس، من الجلي إذا ما كان الشعور العام بالرضا سيرتفع.
4.2: نظرية نموذج المقارنة مع الآخرين:
لكي تحدد ما إذا كان الفرد قصيرًا أم طويلا لابد من عقد مقارنات مع الآخرين، وتعتمد كيفية إصدار الناس للأحكام أو التقديرات على فهمهم لمعنى الدرجات على مقاييس التقدير هذه، ويحصل أن تكون التقديرات الذاتية للشعور بالرضا عن الحياة معتمدة على المقارنة مع الآخرين بينما يعتمد تقدير السعادة على الحالات المزاجية المباشرة.
حيث يرى إيسترلين أن الأفراد يقارنون أنفسهم مع الآخرين ضمن الثقافة الواحدة و يكون أكثر سعادة إذا كانت ظروفهم أفضل ممن يحيون بهم.
فالمقارنة تختلف درجات مختلفة من الرضا عن الحياة ضمن المجتمع و الثقافة الواحدة فالرضا عن الحياة يعتمد على المقارنة بين المعايير الموضوعية، أو المتوقعة الفردية أو الثقافية أو الإجتماعية أو المالية من بين الأفراد أو الجماعات أو بين الدول و المجتمعات و بالتالي تختلف درجات الرضا عن الحياة بإختلاف المعايير الذاتية و الإجتماعية و الإقتصادية.(حميدى و ليتيم، 16:2022).
5.2: نظرية المواقف:
يرى أصحاب هذه النظرية أن الإنسان يرضى عن الحياة عندما يعيش في ظروف طيبة، ويشعر فيها بالأمن و النجاح في تحقيق ما يريد من أهداف، فنجد الصحبة الطيبة، ويتزوج إمرأة صالحة، ويكون أسرة متماسكة، ويحصل على عمل جيد مع المعاناة في البدن، ففي هذه الظروف يكون الإنسان راضيًا و سعيدًا و متمتعًا بصحة نفسية.
6.2: نظرية الخبرات السارة:
يرى أصحاب هذه النظرية أن الفرد يمكن أن يحقق الرضا عن الحياة عندما تكون خبراته سارة و ممتعة ما يولد مشاعر إيجابية، وهذا يتوقف على مدى إدراك الفرد لهذه الخبرات التي تختلف من فرد إلى آخر وفق ما يدركه كل فرد من خبرات ممتعة أو غير ممتعة في هذا الموقف.
7.3: نظرية الفجوة بين الطموح و الإنجاز:
يرى أصحاب هذه النظرية أن الإنسان يرضى عن الحياة عندما يحقق طموحاته، أو عندما يحقق طموحاته، أو عندما تكون إنجازاته و أعماله قريبة من طموحاته، ويدعو أصحاب هذه النظرية إلى تحقيق التوازن بين الطموحات يقدر على تحقيقها حتى يشعر بالنجاح، ويشعر بالكفاءة، فيرضى عن نفسه و عن حياته.
8.2: النظرية التكاملية:
مع إختلاف النظريات السابقة في تفسير الرضا عن الحياة فإن المتأمل في أفكارها يجدها متكاملة و ليست متعارضة أو متناقضة لأن عوامل الرضا كثيرة و متنوعة و تختلف من شخص إلى آخر و تختلف في الشخص الواحد من موقف إلى آخر، فبعض الناس يرضون عن الحياة عندما تكون ظروف الحياة طيبة و تسير وفق ما يردون، و غيرهم يرضون عن حياتهم عندهم يقارنون إنجازاتهم بإنجازات الآخرين، ويدركون تفوقهم على غيرهم.
إذن من جميع هذه النظريات نرى أنها نظظريات مكملة لبعضها البعض، شملت جميع الجوانب التي تخص حياة الأفراد في تغييرها للرضا عن الحياة فلا يمكن تفضيل أو إهمال نظرية دون أخرى وذلك لتناغمهما و شموليتها في مجملها فهي ثرية بالمعلومات القيمة التي فسرت الرضا عن الحياة بطرق مختلفة لكن هدفها واحد.
(حميدى و ليتيم، 17:2022).
3. أبعاد الرضا عن الحياة:
يرى فرانكن أن من مظاهر الرضا عن الحياة: السعادة، العلاقات الإجتماعية، الطمأنينة، الإستقرار الإجتماعي و التقدير الإجتماعي، لأن من يشعر بهذه الأشياء و يعمل على تحقيقها و إشباع رغبته منها يكون راضيًا عن حياته بصورة إيجابية، حيث إن السعادة هدف للأفراد برغم تباين إدراك ما يجلب للفرد السعادة.
و يؤكد مجدي الدسوقي (2000: 78) أن أبعاد الرضا عن الحياة تتمثل بالآتي:
Ø السعادة: مقدار ما يشعر به الفرد من سعادة و شعور بالرضا و ارتياح ظروف حياته
Ø الإستقرار النفسي: و تتمثل بالرضا عن النفس و الشعور بالبهجة و التفاؤل تجاه المستقبل
Ø التقدير الإجتماعي: وتتمثل في ثقة الفرد في قدراته و إمكاناته، و الإعجاب تجاه سلوكه الإجتماعي
Ø القناعة: وتعبر عن رضا الفرد و قناعته بما وصل إليه و إقتناعه بمستوى حياته الّتي يعيشها
Ø الرضا عن الظروف الإجتماعية: وهي وصف لسلوك الفرد بالتسامح و المرح وميله إلى الضحك و تبادل الدعابة و تقبل الآخرين.
Ø الطمأنينة: وتعني استقرار الفرد الإنفعالي و النوم الهادئ المسترخي و الرضا عن الظروف الحياتية و تقبل الآخرين و إنتقادهم.
ويرى جمال السيد تفاحة (2009: 76) أن أبعاد الرضا عن الحياة تتمثل بالآتي:
· التفاعل الإجتماعي Social interaction: قدرة الفرد على التفاعل و الإندماج و الإتصال مع الآخرين، وأن يؤثر فيهم و يتأثر بهم، و أن يدرك أنه مصدر ثقة و إنتماء.
· القناعة Contentment: هي رضا الفرد بما يقدم له من مساعدة و عون، وقبول ذاته و المحيطين به.
· التفاؤل Optimism: توقعات الفرد الإيجابية نحو مستقبل حياته، و الإستبشار و الأمل في أن العسر يليه يسر.
· الثبات الإنفعالي Emotional stability: التعايش مع الأحداث و المواقف بالثبات النسبي، مع القدرة على ضبط النفس و إستقرار الحالة المزاجية، و الإعتدال في إشباع الحاجات النفسية و البيولوجية.
· التقدير الإجتماعي Social appreciation: هو شعور الفرد بالتقبل و الحب و الإعتراف به، و السماح له بالمشاركة في صنع القرارات، و حرية التعبير في الرأي، و الثناء، على ما قدمه وما يفعله.
· الحماية Protection: إدراك الفرد لحجم الرعاية التي تقدم له، والإحساس بالأمان و عدم النبذ و الهجر، وتلبية إحتياجاته و متطلباته، و تخفيف حدة القلق التي قد يتعرّض لها، و المساندة و المواساة وقت الأزمات و الشدائد.(جعفر كرم، 257:2018).
4. عوامل و مصادر الرضا عن الحياة:
يصنف الناس الرضا عن الحياة بشكل مختلف بسبب عدة عوامل، فنجد (مرسي، 2000) يحدد بشكل عام بعض عوامل الرضا عن الحياة كالآتي:
ü أن يعيش الإنسان في ظروف طيبة تشعره بالأمن و الطمأنينة.
ü أن يدرك الخبرات السارة التي تمتعه و تسره.
ü أن يحقق أهدافه في الحياة و يتغلب على الصعوبات التي تواجهه.
ü أن تكون طموحاته في مستوى قدراته و إمكاناته حتى لا يتعرض للإحباط كثيرا.
ü أن ينجح و يتفوق في عمله أو دراسته حتى يشعر بالكفاءة و الجدارة و تقدير الذات.
ü (فاطمة بن خليفة، 85:2022).
و حسب ما ورد في عيساوي فريال (2021) فقد حددت عوامل الرضا عن الحياة في النقاط التالية:
4-1 السعادة: ربط علماء النفس السعادة بالصحة النفسية، و بالإشباع البيولوجي و الإجتماعي و النفسي، حيث إتفقوا على أنّ الصحة النفسية حالة يشعر فيها الإنسان بالسعادة و الأمن و الإستقرار النفسي. لكنهم إختلفوا في تحديد معنى السعادة و الأمن و الإستقرار النفسي، فجعلها بعضهم في الخلو من الإنحرافات و التوترات، و الأخطاء، و جعلها بعضهم الآخر في تحقيق التوازن بين الفرد و المجتمع. ويرى ماسلو بأنّه إشباع الحاجات الأساسية يعد مصدرًا مباشرًا للشعور بالسعادة و البهجة.
4-2 الصحة: ترتبط الصحة بالرضا و السعادة وهي واحدة من أهمّ أسبابها الرئيسية و تقوى الصلة بين الصحة و الرضا عن الحياة، مع التقدم في العمر، فكلّما تقدم الفرد في العمر وهو يتمتع بصحة عامّة كان أكثر رضا و سعادة. وتعرّف منظّمة الصحة العالمية الصحة بأنها: حالة من تكامل الإحساس الجسدي و النفسي و الإجتماعي، وليس فقط الخلو من الأمراض و العاهة. كما تمثل الصحة حالة من الإحساس الإيجابي، أي أنّ الصحة لا تتحقق بصورة آلية دون سعي الفرد نحو تحقيقها، إنما تتوافر كمصلحة فعلية و ملموسة لما يقوم به الفرد خلال رحلة حياته كلها من خلال المحافظة على القدرات الإجتماعية، و النفسية و الجسدية و ترميمها.
4-3 الطمأنينة: يأتي الشعور بالطمأنينة و الأمن و عدم التهديد من خلال الوالدين مع بداية الحياة. لذلك نجد أنّ الطفل الذي حظي بمعاملة والديه تتسم بالسيطرة و التسلط قلما ينعم بالطمأنينة و الشعور بالسعادة و الرضا فهو يشكو من شدة القلق و الهم، ويلاحقه شعور دائم بالتقصير و عدم الإنجاز، وعندما يصبح شابًا يشبع هذه الحاجة من خلال الأسرة و الزواج أو الثروة و الممتلكات إلى غير ذلك من الأساليب التي يرى فيها الأفراد ما يحقق لهم الأمن و الطمأنينة في الحاضر أو المستقبل.
4-4 التقدير الإجتماعي: يزداد الرضا عن الحياة لدى الفرد كلما حظي بتقدير إجتماعي مرتفع، و يعنى ذلك أنّ الآخرين مستعدون لإشباع حاجات الفرد الأساسية من الإنتباه و الحب و التقدير.
4-5 العمل: تعد العلاقات الإجتماعية من أهم مصادر الشعور بالرضا عن الحياة، لأنها تقدم للفرد الفرصة للإفصاح عن الذات، و الرفقة، و المساندة الإجتماعية وقت الأزمات، بالإضافة إلى الشعور بالإنتماء. ولعل من أهم هذه العلاقات علاقة العمل، فالرضا عن العمل قد يأتي متأخرًا بعد الصداقة و الزواج، لكنه من أكثرها أهمية (عيساوي فريال، 47:2021).
4-6 الزواج: يعد الزواج من أهم العلاقات الإجتماعية المؤثرة في رضا الفرد عن حياته إذ يتمتع المتزوجون بالرضا المرتفع بوجه عام، و السعداء في زواجهم بشكل خاص. ومن المؤكد أنّ تحقيق الحب من أوضح الأمثلة على علاقة أكثر رضا و إشباعًا للطرفين، إذ هو أشدّ العلاقات و أكثرها عمقًا، وهو الذي يستشير أشد المشاعر الإيجابية. فالزواج المستقر و العمل و الأولاد من أهمّ مصادر الرضا عن الحياة.
4-7 الأصدقاء و الجيران: إنّ العلاقات الإجتماعية الأخرى كالأصدقاء و الجيران لها الأثر الأكبر في الرضا عن الحياة، إذ، تشير العديد من البحوث إلى أنّ من يملك عددًا أكبر من الأصدقاء يميل إلى أنّ يكون أكثر سعادة و رضا، أمّا الجيران فيعتبر مصدرًا من مصادر الرضا، فالحديث العابر، و التعاون يرفع من مستوى الرضا.
4-8 العمر: يزداد الشعور بالرضا عن العمل و يتضاءل دور النساطات السارة و تنخفض شدّة المشاعر مع التقدّم في العمر. و يتبيّن أنّ كبار السن أكثر رضا عن الحياة، ويزيد الشعور بالرضا على الشعور بالسعادة لدى المتقدمات في العمر و خصوصًا غير المتعلمات، وقد يرجع ذلك إلى إفتقادهن الطموحات المرتفعة في الصغر، وتعودهنّ على تقبّل الأمور كما هي، وقد عبّر الأفراد من متوسطي العمر على أعلى درجة من الحيوية، بمعنى أنهم يجدون الحياة أكثر تشويقًا و يشعرون بفائدتهم و يرون الحياة على أنّها ممتلئة و مفعمة بالأمل.
(عيساوي فريال، 48:2021).
أما (عبد الرحمن و العزب) فيحددان مجموعة من العوامل الحددة الرضا عن الحياة كالتالي:
· تأثير الظروف الموضوعية أو الحياتية على الرضا: الأشخاص ذو الزيجات المستقرة و الوظائف الممتعة و الصحة الجيدة هم أكثر سعادة من غيرهم.
· أثر الأخبار السارة: تنتج الأخبار السارة مشاعر إيجابية، وقد ثبت أن مزاج الأشخاص الجيد يزيد من رضاهم عن حياتهم كلها.
· الطموح و الإنجاز: يكون الرضا أكبر عندما يقترب الطموح من الإنجاز.
· المقارنة مع الآخرين: تعتمد طريقة إصدار الأحكام على فهم الناس و تطوير مقارناتهم مع الآخرين، بينما تعتمد الأحكام المتعلقة بالسعادة على مشاعر المباشرة.(فاطمة بن خليفة، 86:2022).
من ناحية أخرى، يذكر "رفايليوآخرون" أنه توجد مصادر شخصية و أخرى بيئية للرضا عن الحياة.
أ- المصادر الشخصية: نجد الشعور بالكفاءة و تقدير ابذات، يشكلات رأس المال النفسي للشخص، حيث يشير الشعور بالكفاءة إلى السيطرة المدركة للأفراد على مستقبلهم، و قدرتهم على التأثير في جوانب مهمة في حياتهم، وقدرتهم على التعامل مع ضغوطات الحياة. ويشير تقدير الذات إلى الصورة الذاتية للفرد، والتي تستند إلى التقييمات الذاتية حول المظهر و التطلعات و القدرة على مواجهة التحديات حيث أظهرت العديد من الدراسات أن تقدير الذات يرتبط إرتباطًا إيجابيًا بالرضا عن الحياة.
ب- المصادر البيئية: على غرار المصادر الشخصية، يمكن للموارد البيئية أيضاً أن تقدم مساهمة عميقة في الرضا عن الحياة مثل الدعم الإجتماعي و الذي يعرف بأنه تبادل الموارد بين شخصين على الأقل بهدف تحسين الوضع المالي أو الملموس أو العاطفي لأحدهما. و أوضحت الدراسات مساهمة الدعم الإجتماعي، سواء من الآباء و/أو أفراد الأسرة و /أو الأقران، في الرضا عن الحياة بين مجموعات مختلفة من الشباب خاصة خلال مرحلة الشباب (المراهقة) وهي، مرحلة الحرجة من الحياة. بالإضافة للدعم الإجتماعي هناك مصدر آخر وهو مشاركة المجتمع، حيث أنّ مشاركة الفرد في المجتمع و مشاعر المسؤولية تجاهه، بما في ذلك البعد السلوكي لتلك المشاركة يساهم في الشعور بالرضا عن الحياة (فاطمة بن خليفة، 87:2022).