المنطلقات النظرية لعلم النفس الإيجابي
عريس نصر الدين مادة علم النفس الايجابي السنة اولى ماستر علم النفس العيادي
المنطلقات النظرية لعلم النفس الإيجابي
نظرية السعادة الحقيقية:
حسب ما ورد في (نوال بوضياف،) قدم سليجمان سنة 2000 كتابه عن السعادة الحقيقية وفيه وضع الأساس لعلم النفس الإيجابي وأوضح أنّ السعادة يمكن تحليلها لثلاث عوامل مختلفة:
الانفعالات الإيجابية: وتتكون من الأحاسيس مثل: السرور، الإثارة والنشوة، الراحة بين الآخرين.
الاندماج: وهو يرتبط بموقف فقدان الذات مثل فقدان الفرد لذاته تماما أثناء أداء نشاط يشعر فيه بالسرور، حيث يقلّ وعيه بإحساس الحقيقة ولا يقرر إلا مشاعر السرور الشديدة التي ترجع إلى وجوده في هذا الموقف.
المعنى: و يرتبط بالبحث عن الغرض من الحياة، والحياة ذات المعنى تتطور من الانتماء ومناصرة شيء ما، يعتقد المرء أنّه أهمّ من ذاته وتساهم الكثير من المؤسسات الإيجابية (الأسرة، الجماعات الاجتماعية، الجماعات السياسية) لتحقيق ذلك.
ومن خلال نظرية السعادة الحقيقية نلمح أنّ علم النفس الإيجابي يرتبط بالسعادة في ثلاث مظاهر حقيقية: الانفعالات الإيجابية، والاندماج والمعنى.
نظرية الهناء:
قدّم سليجمان كتابه الأخير بعنوان الازدهار سنة 2011 حيث قدّم مراجعة لنظرية السعادة الحقيقية وأسس نظرية جديدة لنظرية الهناء، حيث بدأ من التعريف الكلاسيكي للصحة، وأضاف لهذا التعريف وجود الانفعالات الإيجابية التي تؤدّي إلى موقف الهناء الفعّال، وقدّم جديد لعلم النفس الإيجابي يدرس الهناء حدد فيه خمس عناصر أساسية للهناء هي:
الانفعالات الإيجابية:هو ما يشعر به الفرد من سعادة وأمل ومتعة و غيرها، وتعتبر هذه الانفعالات الإيجابية هدف أساسي للفرد في مختلف أنحاء العالم، فقدرة الفرد على التركيز في الإنفعالات الإيجابية يعنى القدرة على التفاؤل ورؤية الماضي والحاضر والمستقبل من منظور إيجابي، وهذه هي النظرة الإيجابية للحياة. وقد وجد أنّ هذا العنصر يرتبط بالرضا عن الحياة، المرونة، النضج العقلي، الصحة الجسمية.
الاندماج: ويعنى الاستغراق التام في أي نشاط من أنشطة الحياة، بحيث يفقد الفرد فيها الإحساس بالنفس و الزمن، ويركز فقط على المهمة التي يقوم بها، وقد يكون هذا الاندماج عند ممارسة رياضة معينة أو العزف على آلة موسيقية أو عمل فني أو ممارسة هواية مفضلة لدى الفرد أو تصفح الانترنت واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، الألعاب الإلكترونية، وهذا الاندماج في المهام يفيد في النمو والتعليم حيث وجد أنّ الاندماج يزيد الأداء والالتزام الأكاديمي.
العلاقات الاجتماعية: وهي تعنى ما لدى الفرد من علاقات اجتماعية قويّة ومرضية مع الآخرين، فمن أهمّ مظاهر الحياة التي يسعى إليها الإنسان هي إقامة علاقات اجتماعية يشعر فيها بالمتعة والدعم خصوصًا في المواقف الصعبة.
الإنجاز: ويعنى المثابرة وتحقيق هدف قيم أو عمل أو إتقان مهارة، أو الفوز في منافسة، إلاّ أنّ هذه الأهداف لابدّ أن تكون واقعية، ويبذل الفرد الجهد للانتهاء منها، فيشعر بالرضا والفخر وتدفعه للنمو والازدهار.
المعنى: تعنى إحساس الفرد بأنّ له معنى وهدف في الحياة والعمل، فيرى الأشياء على أنّها أكثر أهمية من ذاته وهي ترتبط بالرضا عن الحياة ومستوى مرتفع من السعادة وقلة المشاكل النفسية.
وحسب ما جاء في (بن خليفة فاطمة، 17:2021):
نظرية الاستقلالية الذاتية:
تمّ تطويرها بواسطة (Ryan and Deci, 2000) كنموذج للحياة الجيّدة وتعتبر نظرية الاستقلالية الذاتية، الكفاءة والإستقلالية، والعلاقات الاجتماعية هي الّتي تشكل الحاجات النفسية الفطرية والأساسية الثلاثة الّتي تعدّ جزءًا لا يتجزأ من الرفاهية المثلى.
-نموذج ريف (1989) Reeve للرفاهية النفسية:
يعكس نموذج ريف للرفاهية النفسية، الصحة والعافية والأداء الكامل في ستة أبعاد:
أ- الاستقلالية: أي الشعور بالاستقلال الّذي ينشأ من تحمّل المسؤولية عن أفعال الفرد والتصرّف وفقا لذلك دون الاعتماد على أحد.
ب- التمكن من البيئة: أي القدرة على اختيار وإنشاء بيئات مناسبة للنمو من خلال الاستفادة من قدرة الفرد على التحكم في العوامل الداخلية والخارجية.
ت- النمو الشخصي: أي تطوير الإمكانات الشخصية من خلال مواجهة تحديات جديدة.
ث- العلاقات الإيجابية: الّتي تعتبر حيوية للرفاهية وتعكس قدرة الفرد على التعاطف وإظهار المودّة.
ج- الغرض في الحياة: والذي يظهر عندما يضع الفرد أهدافًا لنفسه في اتجاه عام ذي معنى لحياته.
ح- قبول الذات: أي معرفة الذات في نهاية المطاف، والإعجاب والقبول.
-نموذج "سليجمان Seligman":
في عام 2011، إقترح سليجمان نموذجه PERMA والّذي يتضمن خمس عناصر أساسية (العاطفة الإيجابية، المشاركة، العلاقات، المعنى، الإنجازات) وهي عناصر قابلة للقياس تشكل مفهوم الرفاهية.
-العاطفة الإيجابية:
تتمثل العاطفة الإيجابية في القدرة على التفاؤل ورؤية الماضي والحاضر والمستقبل من منظور إيجابي، وتساعد هذه النظرة الإيجابية في إدارة علاقات الفرد وعمله وإلهامه ليكون أكثر إبداعًا، ويستطيع اغتنام الفرص والتركيز على الجوانب الإيجابية في الحياة. ويجب التمييز بين المتع الحسية والمتع المعنوية في هذا النموذج، حيث ترتبط الأولى بتلبية الاحتياجات المادية للبقاء، مثل العطش والجوع والنوم، بينما تأتي المتع المعنوية من التحفيز الفكري و الإبداع.
هذه المشاعر الإيجابية في عمومها مطلوبة، بأنّه عندما يستمتع شخص ما بمهام الحياة، فمن المرجح أن يثابر ويتعامل مع التحديات من خلال حلول إبداعية بديلة.
المشاركة:
في حياتنا، من المهم أن نكون قادرين على إيجاد الأنشطة الّتي تتطلب مشاركتنا في الحياة، والتي تسمح لنا أن نتعلم وننمو ونرعى رفاهيتنا الشخصية، وكلّ شخص مختلف عن الآخر. كلّنا نجد السعادة في أشياء مختلفة، سواء كانت ممارسة رياضة أو العمل في مشروع مثير في العمل، أو حتى مجرّد هواية بسيطة. في حياتنا، نحتاج جميعًا إلى شيء يخلق "تدفقا" وانغماسا في مهمة أو نشاط ما. هذا التدفق مهم لتوسيع قدراتنا الفكرية ومهارتنا العاطفية.
العلاقات:
العلاقات الاجتماعية من أهم جوانب الحياة، حيث يزدهر الأشخاص بالتفاعلات الحميمة والعاطفية مع الآخرين. من المهم أن تكون لدينا علاقات إيجابية مع الوالدين والأشقاء والأقران والأصدقاء، حيث أنّ وجود علاقات قويّة يمكن أن يدعمنا في الأوقات الصعبة.
المعنى:
يجب أن يدرك الفرد مفهوم أنّ الحياة ليست مجرّد سعي نحو تحصيل الأشياء الماديّة بل أنّ هناك معنى حقيقيًا لحياتنا. هذا المعنى يعطى للناس سببًا ملحًا للاستمتاع بالحياة والسعي نحو الأفضل، فمثلا الفهم العميق للتأثير الكبير لعملك والشغف به سيساعدك على الاستمتاع بالمهام أكثر وتصبح أكثر رضا وأكثر سعادة. وزد على ذلك كلّ جوانب الحياة الأخرى.
الإنجازات:
إنّ وجود الأهداف والطموح في الحياة لتحقيقها يمكن أن يساعد على تحقيق أشياء هامّة بالنسبة لنا تعطينا شعورًا بالإنجاز والإشباع النفسي، لذلك يجب على الفرد أن يضع أهدافًا واقعية يمكن تلبيتها. وغالبًا فإنّ مجرّد بذل الجهد الضروري في السعي لتحقيق تلك الأهداف يمكن أن يمنح الإنسان بالفعل شعورًا بالرضا. إنّ تحقيق إنجازات في الحياة أمر مهم لدفع أنفسنا للازدهار ومزيد من التفاؤل بتحقيق المزيد.