موضوعات علم النفس الإيجابي، مجالاته و تطبيقات
الاستاذ: عريس نصر الدين علم النفس الايجابي السنة اولى ماستر علم النفس العيادي
موضوعات علم النفس الإيجابي، مجالاته و تطبيقات
1- مواضيع علم النفس الإيجابي:
يشير سليغمان (في: بشير معمرية، 26:2011): "أنّ مواضيع علم النفس الإيجابي عديدة: كالسعادة، الرضا عن الحياة، الأمل والتفاؤل، مواجهة الضغوط، نوعية الحياة ويندرج في مجال العلاج جوانب على درجة كبيرة من الأهمية يتعين على المعالجين تنميتها وتحقيقها مثل: الشجاعة والمهارات الاجتماعية والعقلانية والإستبصار والتفاؤل والواقعية والقدرة على الاستمتاع والتوجه نحو المستقبل والبحث عن الهدف والفضيلة والإبداع".
ومن هنا سوف نحاول عرض لأهمّ مواضيع علم النفس الإيجابي حسب ما جاء به (حفصة جرادي وآخرون، 2016).
1-1:التوافق النفسي:
حيث يعتبر التوافق النفسي، قدرة الكائن الحي على مواجهة الظروف البيئية من تغيرات، بحيث يشبع حاجاته ومن ثمّ يحافظ على حياته. ولقد استعار علماء النفس مصطلح التكيّف، الّذي يدلّ على البقاء البيولوجي للفرد وأطلقوا عليه التوافق الّذي يقصد به البقاء السيكولوجي الاجتماعي للفرد.
كما أنّ التوافق النفسي هو تلك التغيرات في سلوك الفرد التي يقتضيها إشباع الحاجات ومواجهة المتطلبات حتي يستطيع أن يقوم بعلاقات مع البيئة. وهناك من يرى التوافق النفسي هو تعديل في الكائن بحيث يتلاءم مع الظروف أو إحداث تعديل في البيئة، أو يعدّل الكائن الحي بعضًا منه وبعضًا من البيئة لإعادة حالة التوازن.
1-2:المساندة الاجتماعية:
تحمل المساندة في طيها معنى المعاضدة والمؤازرة والمساعدة على مواجهة المواقف. وعلى الرغم من تعدد المفاهيم الخاصّة بالمساندة الاجتماعية إلاّ أنّ معظم المقاييس المرتبطة بها تشير إلى تقديم المساعدات الماديّة أو المعنوية للفرد الّتي تتمثل في أشكال التشجيع أو التوجيه أو المشورة.
وتعرف المساندة الاجتماعية كذلك بأنّها وجود أو توفر الأشخاص الّذين يمكن للفرد أن يثق فيهم، وهم أولئك الذين يتركون لديه انطباعا بأنّهم في وسعهم أن يعتنوا به، وأنّهم يقدّرونه ويحبونه. وهناك أنماط للمساندة الاجتماعية:
ü المساندة الانفعالية: الّتي تنطوي على الرعاية والثقة والقبول.
ü المساندة المعلوماتية: الّتي تنطوي على إعطاء معلومات أو تعليم مهارة تؤدّي إلى حل مشكلة أو موقف ضاغط.
ü المساندة الأدائية: الّتي تنطوي على المساعدة في العمل والمساعدة بالمال.
1-3: جودة الحياة:
جودة الحياة هي حالة شعورية تجعل الفرد يرى نفسه قادر على إشباع حاجاته المختلفة (الفطرية والمكتسبة) والاستماع بالظروف المحيطة به. كما تعرف بأنّها شعور الفرد بالرضا والسعادة والقدرة على إشباع حاجاته من خلال ثراء البيئة ورقي الخدمات الّتي تقدّم له في المجالات الصحيّة والاجتماعية والتعليمية والنفسية مع حسن إدارته للوقت والاستفادة منه.
1-4: الصلابة النفسية:
هي اعتماد عام لدى الفرد في فعاليته وقدرته على استخدام كلّ المصادر النفسية والبيئية المتاحة، كي يدرك ويفسّر ويواجه بفاعلية أحداث الحياة الضاغطة والشاقة إدراكًا غير محرّف أو مشوه، ويفسّرها بواقعية وموضوعية ومنطقية ويتعايش معها على نحو إيجابي.
كما تعرّف بأنّها توقع للكفاءة الذاتية عند الفرد في قدرته على مواجهة الضغوط والمشكلات، ومفهوم الكفاءة الذاتية افترضه "باندور" والّذي يفسّر بأنّ الأشخاص الذين لديهم مستوى عال من الكفاءة الذاتية يميلون إلى القيام بسلوكيات تقود إلى نتائج ناجحة مع الاعتقاد على قدرتهم على القيام بذلك.
تكمن أهمية الصلابة النفسية في التخفيف من حدّة الضغوط التي تواجه الفرد، كما تعدل من إدراك الفرد للأحداث وتجعلها أقل وطأة، كما تؤدّي بالفرد إلى اعتماد أساليب مواجهة نشطة.
1-5:التفاؤل:
يعرّف بأنّه النظرة الإيجابية و الإقبال على الحياة والاعتقاد بإمكانية تحقيق الرغبات في المستقبل، بالإضافة إلى الاعتقاد باحتمال حدوث الخير، أو الجانب الجيّد من الأشياء بدلاً من حدوث الشر أو الجانب السيئ.
كما يعرّف بأنّه الاعتقاد بأنّ المستقبل عبارة عن مخزن من الرغبات أو الطموحات المطلوبة أو المرغوبة بغض النظر عن قدرة الفرد على السيطرة عليها أو على تحقيق تلك الرغبات. وهو نظرة استبشار نحو المستقبل تجعل الفرد يتوقع الأفضل وينتظر حدوث الخير ويسمو إلى النجاح ويستبعد ما خلاف ذلك.
1-6:فعالية الذات:
يعرّفها "باندورا" بأنّها توقعات الفرد عن أدائه للسلوك في مواقف تتسم بالغموض، وتنعكس هذه التوقعات على اختيار الفرد للأنشطة المتضمنة في الأداء وكمية الجهود المبذولة ومواجهة الصعب وإنجاز السلوك.
كما يعرّفها "شرر" بأنّها مجموعة من التوقعات العامّة الّتي يمتلكها الشخص والّتي تقوم على الخبرة الماضية والّتي تؤثر على توقعات النجاح في المواقف الجديدة.
2.مجالات علم النفس الإيجابي:
حسب ما ورد في (فاطمة بن خليفة، 2021) يحدد "سليغمان و بيترسون" البحث في علم النفس الإيجابي في المجالات التالية:
2-1: مجال الخبرة الذاتية: ويتعلّق هذا المجال بالمستوى الذاتي ومن أهمّ موضوعاته: الهناء، السعادة الصلابة النفسية، الرضا عن الحياة، الأمل، جودة الحياة، السعادة... إلخ.
2-2:مجال الشخصية الإيجابية: وبتعلق هذا المجال بالسمات الشخصية أو الجوانب الشخصية الإيجابية، ويشمل الأداء المتميز مثل الإبداع، التسامح، التدين، الصدق، الذكاء الوجداني، الأمانة... إلخ.
2-3:مجال السياق الاجتماعي: ويتعلّق بالمجال الاجتماعي، ويشمل الأنشطة التطوعية، الإيثار أخلاقيات العمل، الصبر، التعاطف مع الآخرين، المواطنة... إلخ.
وقد عرض (غانم محمد حسن، 77:2017) أبرز مجالات علم النفس الإيجابي في النقاط التالية:
Ø التركيز على الخبرات الإيجابية للأفراد أو المجتمعات.
Ø زيادة مستوى التفاؤل.
Ø تأصيل الحياة السارة من خلال التركيز على المشاعر، والعلاقات الاجتماعية الإيجابية، ومن خلال إشباع الهوايات المقبولة اجتماعيا والاستمتاع بالحياة مع الالتزام بعادات وتقاليد المجتمع.
Ø الشعور الدائم بالسعادة.
Ø الشعور بالهناء النفسي والهناء الذاتي.
Ø الأمل الدائم والمستمر.
Ø دراسة التسامح وإعادة صياغة الأخطاء والانتهاكات المدركة مثل المشاعر والأفكار السلبية اتجاه الآخر.
Ø تقدير الذات.
Ø القدرة على الحب.
3-تطبيقات علم النفس الإيجابي:
وضعها (محمد السعيد أبو حلاوة، 16:2014) في النقاط التالية:
- "تحسين أساليب معاملة وتنشئة وتربية الأطفال لتركز على: الدافعية الداخلية، الوجدان الإيجابي، الإبداع داخل المنازل والمدارس.
- تحسين العلاج النفسي من خلال تطوير مداخل علاجية تركز على الأمل، المعنى، التفاؤل، مساندة الذات.
- تحسين الحياة الأسرية من خلال فهم ديناميات: الحب، التلقائية، الأصالة، الالتزام والانتماء.
- تحسين الرضا الوظيفي عن العمل عبر مختلف مراحل الحياة بمساعدة البشر على الاندماج في العمل ومعايشة ما يعرف بخبرة التدفق وصولا إلى تحقيق إنجازات مبدعة.
- تحسين المنظمات والمجتمعات من خلال اكتشاف الظروف والشروط الّتي تعزز الثقة والتواصل بين الأشخاص.
- تحسين الخصائص الأخلاقية للمجتمع من خلال فهم وتنمية الدوافع والقيم الأخلاقية والروحية وغرسها داخل الشخصية البشرية.
3-1: تطبيقات علم النفس الإيجابي في العملية التربوية:
حسب ما جاء في (علي عون و فريحة صندوق، 2016) يركز علم النفس الإيجابي في المجال التربوي على نقاط القوّة التي تعزز المرونة والسعادة وتشجيع ودعم الطلاب في المدارس على الازدهار، كما تركز التربية الإيجابية على المهارات المحددة التي تساعد الطلاب على تعزيز علاقاتهم وبناء المشاعر الإيجابية وتعزيز المرونة الشخصية، وتعد التطبيقات التربوية الإيجابية للتلاميذ شكل من أشكال الوقاية.
اقترح "مارتن سليجمان" خمس ركائز أو أسس لرفاهية وسعادة التلاميذ في المدارس وهي:
الأساس الأول: الكفاءة الاجتماعية والانفعالية.
ينظر إلى التلاميذ غالبًا بأنهم أكثر احتمالا للتعرض للرفاهية والسعادة والتصرّف بطريقة أكثر قبولاً من قبل الآخرين في البيئة المدرسية، وذلك عندما تكون لديهم المشاعر الانفعالية الإيجابية، والكفاءة الاجتماعية، وأنّ مساعدة التلاميذ على تطوير كفاءتهم ومهاراتهم الاجتماعية والانفعالية المتعلقة بالسعادة وهناك إجراءات تدريبية لهذا الأساس.
-مهارة المرونة و الصمود: حدد"مارتن سليجمان" العديد من المهارات الّتي تساعد الأفراد لكي يصبحوا أكثر مرونة في تفكيرهم التفاؤلي، الاحترام والتعاون الصلابة والمرونة النفسية، العمل بشجاعة ومهارات التكيّف أو التوافق مع متطلبات البيئة المدرسية، ومهارات التعامل مع المشكلات التي تعترض التلاميذ في حياتهم المدرسية.
-المهارات الاجتماعية: مثل تقاسم المصادر التعليمية، والمشاركة في الأنشطة المختلفة، واحترام الاختلاف.
-مهارات تحقيق الشخصية: تحديد مواطن القوّة والضعف لدى الفرد، والإعداد للعمل من أجل أهداف شخصية، وإدارة الوقت، وحل المشكلات.
الأساس الثاني: الانفعالات الإيجابية:
-مشاعر الانتماء: شعور التلاميذ بالانتماء والقبول يتفرع، من المحتمل أن يتفرع عنها مشاركتهم في المدرسة بفاعلية أكثر من خلال اهتمامهم بالعمل داخل الفصول المدرسية.
-مشاعر الرضا: مشاعر التلاميذ بالرضا تتفجر عندما تكون لديهم فرص النجاح في المدرسة، وعلى المدرسة أن تقوم بتعزيز هذه النجاحات عن طريق الاهتمام بالمتفوقين.
-مشاعر التفاؤل نحو النجاح المدرسي: بإمكان المعلم تغيير التفكير التشاؤمي والعجز إلى تفكير تفاؤلي.
الأساس الثالث: العلاقات الإيجابية:
واحد من أهم الموضوعات في المدرسة، دراسة السعادة والقيادة المدرسية وقوة العلاقات الإيجابية، بهدف تسهيل مستوى الرفاهية في المدرسة.
-علاقة الأقران الإيجابية: إنّ شعور التلميذ بأنّه مقبول من الأقران، ولديه تفاعلات إيجابية معهم، قد ينمي لديه تقدير بالذات وخصوصًا التلميذ المنعزل اجتماعيا.
_العلاقة الإيجابية بين المعلم والتلميذ: يمكن أن تساهم العلاقات الإيجابية بين المعلم والتلميذ بشكل كبير في رفاهية التلميذ وتعزيز السلوك المقبول اجتماعيا، وتحسين مخرجات التعليم الخاصّة به.
الأساس الرابع: ربط نقاط القوّة ذات العلاقة بالرفاهية والسعادة
يعرّف "جيموسون" 2004بأنّ نقاط القوّة القائمة على التوجه في علم النفس التعليمي هي القدرة على التصرّف الطبيعي، والتفكير والشعور بطريقة تعزيز نجاح تحقيق الهدف، وعندما ينخرط الأفراد في نقاط القوّة، فإنّ لديهم شعور أكبر بالرفاهية.
إنّ التآزر بين التعليم والانفعال الإيجابي غالبًا ما يعزز مهارات تحقيق السعادة لدى الطلاب في المدرسة.
الأساس الخامس: المعنى والغرض
وفقا لنظرية "سليجمان" 2002 "العجز المكتسب"، فإنّ الحياة ذات المعنى ينبغي أن تضمّ شيء أكبر مما نحن عليه، وهذا يعنى المزيد من وضع أهداف إيجابية لحياتنا، فإعطاء معنى للحياة يتطلب القوّة للتوافق مع متطلبات الحياة فشعور التلاميذ بالمعنى في حياتهم يتمّ عندما يطوّرون نقاط القوّة لديهم واستخدامها بشكل إيجابي حتى تكون أهدافهم جديرة بالاهتمام.