Options d’inscription

 

مقدمــــة

لاشك أن التعلم المنهجي من خلال التمكن من مناهج البحث  و تطبيقها الجيد يعتبر شرطا لازما لولوج ميدان البحث العلمي لأجل ذلك وجب على الطالب في هذا المستوى إيلاء الأهمية البالغة لهذا المقياس من خلال توسيع قراءته حول مناهج البحث و تنويعها.

كما يجدر التنويه بأن ما سوف يطرح في هذه المحاضرات يكون بشكل مختصر و مركز يسمح للطالب بالإحاطة المجملة بمفردات المقياس.

 

المحاضـــــرة الأولى

مفهــوم البحث العلمي و أنواعـــــــــــــه

1 ـ تعريف البحث العلمي:

البحث في اللغة و التفتيش و التقصي لحقيقة من الحقائق ، و عليه البحث العلمي من الجانب الاصطلاحي له عدّة تعاريف:

أـ البحث العلمي هو التقصي المنتظم بإتباع أساليب و مناهج علمية محددة للحقائق العلمية بقصد التأكد من صحتها أو تعديلها و إضافة الجديد لها.

ب ـ البحث العلمي هو وسيلة للاستعلام و الاستقصاء المنظم و الدقيق الذي يقوم به الباحث بغرض اكتشاف معلومات أو علاقات جديدة، على أن يتبع في هذا الفحص و الاستعلام الدقيق خطوات منهج البحث العلمي و اختيار الطريقة للبحث و جمع البيانات.

ج ـ البحث العلمي هو الدراسة الموضوعية التي يقوم بها الباحث في أحد الاختصاصات الطبيعية أو الإنسانية  و التي تهدف إلى معرفة واقعية و معلومات تفصيلية عن مشكلة معينة منها المجتمع و الإنسان سواء هذه المشكلة تتعلق بالجانب المادي أو الجانب الحضاري للمجتمع. و الدراسة الموضوعية للجوانب الطبيعية أو الاجتماعية قد تكون دراسة مختبرية أو تجريبية أو دراسة إجرائية أو دراسة إحصائية ميدانية أو دراسة مكتسبة ، تعتمد على المصادر و الكتب و المجلات العلمية التي يستعملها الباحث في جميع الحقائق و المعلومات عن المشكلة المزمع دراستها و وصفها و تحليلها.

إذن يمكن القول أن البحث العلمي هو جهد فكري منهجي منظم في أحد ميادين المعرفة الإنسانية و الاجتماعية أو في ميدان العلوم الطبيعية ، يهدف إلى الكشف عن خبايا الظواهر المدروسة بغرض اكتشاف القوانين و السنن التي تحكمها مما يسمح بتطويع هذه الظواهر لصالح الإنسان و حل مشاكله.

 

 

 

2 ـ خصائص البحث العلمي:

يمكن أن نستنتج خصائص البحث العلمي من خلال التعريفات السابقة، و هي كما يلي:

ـ البحث العلمي بحث موضوعي.

ـ البحث العلمي بحث تفسيري لأنه يهتم بتفسير الظواهر و الأشياء بواسطة مجموعة متسلسلة و مترابطة من المفاهيم تدعى النظريات.

ـ البحث العلمي يتميز بالعمومية في دراسة و تحليل الظواهر معتمدا في ذلك على العينات.

ـ البحث العلمي بحث منظم و مضبوط لأنه يقوم على المنهجية العلمية بمفهومها الضيق و الواسع، الأمر الذي يجعل البحث العلمي أمر موثوق به في خطواته و نتائجه.

3 ـ أنواع البحوث العلمية:

هناك عدّة معايير لتصنيف البحوث، فقد تصنف البحوث على أساس طبيعة الموضوع إلى بحوث اجتماعية، قانونية، تاريخية، جغرافية......الخ ، و هناك التصنيف على أساس النتيجة المتحصل عليها في البحث و على أساس كيفية معالجة الموضوع ، هل هي معالجة تفسيرية ـ، تأصيلية ، و بالتالي نكوم أمام بحوث تنقيبية اكتشافيه ، أو بحوث تفسيرية نقدية ، أو كاملة أو استطلاعية أو بحوث وصفية و تشخيصية أو بحوث تجريبية.

المحــــــــــــــــــاضــــــــــرة الثــــــــانيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة

 

4 ـ أنواع البحوث العلمية حسب الاستعمال:

أ ـ المقـــــــالـــــــــــة:

و هي بحوث قصيرة يقوم بها الطالب الجامعي ، خلال مرحلة الليسانس  بناء على طلب أساتذته في المواد المختلفة و تسمى عادة بالمقالة أو البحوث الصفية ( نسبة إلى الصف أو القسم) و تهدف إلى تدريب الطالب على تنظيم أفكاره و عرضها بصورة سليمة و عليه اللجوء إلى المكتبة و مصادرها و تدريبه على الإخلاص و الأمانة و تحمل المسؤولية في نقل المعلومات ، و قد لا يتعدى حجم البحث عشر صفحات.

ب ـ مشــــــروع البحث:

و يسمى عادة " مذكرة التخرج " و يعتبر في الغالب كأحد متطلبات التخرج بدرجة الليسانس، و هو من البحوث القصيرة، إلاّ أنه أكثر تعمقا من المقالة، و يتطلب من الباحث مستوى فكريا أعلى و مقدرة أكبر على التحليل و المقارنة و النقد.

و هنا يعمل الباحث مع أستاذه المشرف على ضبط الموضوع و تحديد الإشكالية، و الغرض منه تدريب الطالب على اختيار موضوع البحث، و تحديد الإشكالية التي سيتعامل معها، و وضع الفرضيات اللازمة لها، و اختيار الأدوات المناسبة للبحث،

 

بالإضافة إلى تدريبه على طرق الترتيب و التفكير المنطقي السليم.

ج ـ الرســــــــــلــــــــــة

و هو بحث يرقى في مفهومه عن المقالة أو مشروع البحث، و يعتبر أحد المتممات لنيل درجة علمية عالية ( درجة الماجستر) ، ة و الهدف الأول منها هو أن يحصل الطالب على تجارب في البحث تحت إشراف أحد الأساتذة ليمكنه ذلك من التحضير للدكتوراه. كما تعتبر امتحانا يعطي فكرة عن مواهب الطالب ، و مدى صلاحيته للدكتوراه ، و هي فرصة ليثبت الطالب سعة اطلاعه و عمق تفكيره و قوته في النقد و التبصر فيما يصادفه من أمور.

و تتصف الرسالة بأنها بحث مبتكر أصيل في موضوع من الموضوعات ، أو تحقيق مخطوط من المخطوطات التي لم يشبق إليها ، و تعالج الرسالة مشكلة يختارها الباحث و يحددها ، و يضع افتراضاتها و يسعى إلى التوصل إلى نتائج جديدة لم تعرف من قبل ، و لهذا فالرسالة تحتاج إلى مدة زمنية طويلة نسبيا قد تكون عاما أو أكثر.

دـ الأطـــــــــــــروحــــــــــــــــــة:

و هي أعلى درجة في سلم البحث العلمي و تقدم لنيل درجة الدكتوراه ، و لهذا فهي بحث أصيل يقوم فيه الباحث باختيار موضوعه و تحديد إشكاليته ، و وضع فرضياته و تحديد أدواته و اختيار مناهجه  و ذلك من أجل إضافة لبنة جديدة في بنيان العلم و المعرفة.

و تختلف أطروحة الدكتوراه عن رسالة الماجستير في الجديد الذي تيفه للمعرفة ، حيث يجب أنة يكون أوضح و أقوى و أعمق  و أدق  ، و أن تكون على مستوى أعلى  ، و قد يمتد الزمن بالباحث لأكثر من سنتين.

و تعتمد رسالة دكتوراه على مراجع أوسع، كما تحتاج إلى براعة في التحليل و تنظيم المادة العلمية، و يجب أن تعطي فكرة عن أن مقدمها يستطيع لاستقلال و الانفراد بالبحث دون أن يحتاج إلى من يشرف عليه و يوجهه.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المحاضـــــــرة الثــــــالثــــــــــــــــة

منـــــــــــاهـــــــــــج البحث العلمـــــــــــــــــــــــــــي

 

1 ـ المنهـــج الاستـــدلالـــــــي:

الاستدلال لغة اسم مشتق من فعل استدل، استدلالا بالشيء على الشيء أي وجد فيه ما يدل عليه. فالاستدلال هو طلب الدليل.

أما اصطلاحا فيقصد به تلك العملية التي ترتكز على العقل، بحيث هذا الأخير لا يصل إلى معرفة أو حكم معين إلا بناءا أو انطلاقا من معرفة سابقة أي أنه استنباط أمر من أمر أخر أو عدة أمور أخرى.

كما يعرف أنه ذلك البرهان الذي يبدأ من قضايا مسلم بها و يسير إلى قضايا أخرى تنتج عنها بالضرورة دون الالتجاء إلى التجربة.

و يعرف عند أهل المنطق أنه استنتاج قضية مجهولة من قضية أو من عدة قضايا أو استنتاج حكم تصديقي مجهول بواسطة حكم تصديقي معلوم.

 

 

أما في علم الكلام فيقصد به معنيان، أحدهما انتزاع الدلالة، و الثاني المطالبة بالدليل، أي ما يشبه تلك الاستدلالات التي يقوم بها المختص في الرياضيات في إقامة البراهين، و الاستدلالات التي يستعملها القاضي اعتمادا ما لديه من وقائع و مبادئ قانونية.

و هو أيضا التسلسل المنطقي المتنقل من مبادئ و قضايا أولية إلى قضايا أخرى تستخلص و تستنتج منها بالضرورة دون استعمال التجربة، عكس المنهج التجريبي القائم على أساس التجربة، فهو يتناول دراسة المسائل النظرية بهدف التوصل إلى حقائق معرفية و قواعد عامة.

و قد يرد مصطلح الاستدلال عند الأصوليين ( المختصين في الفقه الإسلامي)، بحيث ينظرون أليه إلى أربعة معان:

ـ الاستدلال بمعنى إيراد الدليل من القرآن أو السنة أو القياس أو غير ذلك.

ـ الاستدلال بمعنى إيراد الدليل الذي ليس له نصا و لا إجماعا و قياسا.

و يتكون النظام الاستدلالي من مجموعة من المبادئ و النظريات حيث تمثل تلك المبادئ مجموع القضايا الأولية غير المستخرجة من غيرها للوصول إلى نتائج مستخرجة من هذه القضايا تسمى النظريات.

 

 

 

 

أـ مبادئ الاستدلال:

يتكون النظام الاستدلالي من المبادئ العقلية العامة و النظريات، منها مبادئ و قضايا مستنتجة كنتائج للعملية الاستدلالية الأولى، ثم تصبح هذه بدورها مبادئ و قضايا أولية بالنسبة للنتائج الأخرى.

و يمكن إيجاز هذه المبادئ في:

 البـــديــــهيــــــــــــات:-

البديهية هي قضية بينة بنفسها ، لا يمكن البرهنة عليها ، فهي صادقة بذاتها بلا برهان ، و تتميز بثلاثة خصائص:

ـ أنها بينة : حيث تتبين للعقل تلقائيا و بدون وساطة برهان.

ـ أنها أولية منطقية: أي أنها مبدأ أولي غير مستخلص من غيره من المبادئ و القضايا الأخرى.

ـ إنها قاعدة صورية عامة: أو قضية مشتركة انه مسلم بها من كافة العقول على السواء و لأنها كذلك شاملة لأكثر من علم واحد.

من الأمثل على ذلك : الكل أكبر من الجزء.

 

 

في الهندسة الديكارتية مجموع أقياس زوايا مثلث يساوي 180 درجة.

ـ المصـــــادرات:

المصادرات قضايا تركيبية ، أقل يقينية من البديهيات ، يمكن إثباتها لكنها ليست بينة و غير عامة و مشتركة و لكن يطلب التصديق بها تسليما بالرغم من عدم بيانها بوضوح للعقل.

و الفائدة من المصادرات أنها تستعمل في بناء البرهان و إمكانية استنتاج منها العديد من النتائج دون الوقوع في تناقض.

و يستدل على صحة المصادرات من خلال عدم ظهور تناقض أثناء بناء الاستدلال.

و نجد المصادرات في عديد الحقول المعرفية كالرياضيات و العلوم الطبيعية، العلوم الإنسانية و الاجتماعية، و من الأمثلة على ذلك:

المصادرة القائلة: إن الإنسان يفعل أولا طبقا لما يراه أنفع.

و المصادرة الأخلاقية القائلة: إن كل إنسان يطلب السعادة.

 

 

 

 

 

ـ التعريفـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات:

التعريفات هي قضايا و تصورات جزئية و خاصة بكل علم، و التعرف هو التعبير عن ماهية المعرف عنه وحده و عنه كله أي تعريفا جامعا مانعا. فالتعريفات التي يضعها الرياضي فهي قضايا يضعها لتحديد المعاني و المفاهيم الرياضية و توضيحها و تبسيطها.و يتناول التعريف جوانب أساسية حول المفهوم ، أهمها:

ـ الجانب البنيوي

ـ الجانب الوظيفي

الوصف الجوهري للمفهوم بذكر خواصه.

فالتعريف يتناول المفهوم أو المصطلح المراد تعريفه، و القول الذي يحدد بنية و وظيفة وخواص هذا المفهوم.

و تختلف التعريفات للمصطلح الواحد باختلاف الحقل المعرفي الذي يتداول فيه ذلك المصطلح، حيث يسبغ عليه الدلالة المقصودة من استعماله فمثلا: مصطلح الزمرة عناه بين استعماله في حقل الرياضيات و حقل علم الاجتماع.

 

 

 

 

 

 

ب ـ أدوات الاستدلال:

ـ القـياس:

هو عملية أو عمل عقلي منطقي، ينطلق فيه العقل من مقدمات مسلم بها للوصول إلى نتائج افتراضية غير مضمون صحتها. فالقياس هو تحصيل حاصل، عكس البرهان الرياضي الذي يأتي دائما بحقيقة جديدة لم تكن موجودة في المبادئ الأولية لا ضمنيا و لا صراحة، فالبرهان الرياضي عكس القياس مبدع و خلاق للجديد الأصيل.

فهو عملية مقارنة موازنة نقيس فيها الشيء بمثيله بهدف استنباط حكم عقلي يتعلق به ، و بالتالي فه لا يضيف أي شيء جديد للمعطيات الموجودة.

ـ التجريب العقلــــــــــي:

و معناه أن يقوم الإنسان في داخل عقله بكل الفروض و التحقيقات و يتصور الطريقة المثلى لتركيبها حتى يتوصل للنتائج المرجوة. فهة بذلك يختلف اختلافا جذريا عن مفهوم المنهج التجريبي ، إذ أن التجريب العقلي العلمي يقوم على وقائع يجرب عليها الإنسان الأوضاع و الفروض الذهنية لاستخلاص النتائج التي تؤدي إليها هذه الفروض.

ـ التـــركيــب:

و هو من أقوى طرق و أدوات الاستدلال حيث يتم بناءه انطلاقا من التركيب عكس عملية التحليل ، حيث يستند العقل إلى قضايا منطقية معلومة الصحة ، لينتهي إلى استخراج كل النتائج الممكنة مع مراعاة القواعد و الروابط المنطقية من استلزام و تكافؤ و وصل و قطع إلى غير ما هناك.

 

المحاضــــــــرة الرابعــــــــــة

 

2 ـ المنهــــــج الوصــــــفــــــــــــي:

  يهتم المنهج الوصفي بدراسة الظواهر و الأحدث كما هي من حيث خصائصها و أشكالها و العوامل المؤثرة في ذلك. فهو يدرس حاضر الظواهر و الأحداث عن طريق توصيفها من جميع الأبعاد و الجوانب.

و يقوم المنهج الوصفي على جمع الحقائق و المعلومات و مقارنتها و تحليلها و تفسيرها للوصول إلى تعميمات مقبولة ، أو دراسة و تحليل و تفسير الظاهرة من خلال تحديد خصائصها و أبعادها و توصيف العلاقات الناشئة بين أجزائها بهدف الوصول إلى وصف علمي متكامل لها.

لذلك فهو يشتمل على عدد من المناهج الفرعية و الأساليب المساعدة، كأن يعتمد مثلا على دراسة الحالة أو الدراسات الميدانية أو التاريخية أو المسوح الاجتماعية.

و لا يقتصر المنهج الوصفي على التصرف على معالم الظاهرة  و تحديد أسباب وجودها ، و إنما يشمل تحليل البيانات و قياسها و تفسيرها و التوصل إلى وصف دقيق للظاهرة  و نتائجها.

و للحصول على توصيف دقيق لظاهرة معينة استنادا إلى وضعها الحالي ، يطرح الباحث مجموعة من الأسئلة:

ـ ماهو الوضع الحالي لهذه الظاهرة؟

ـ ماهي العلاقات بين الظاهرة المحددة و الظواهر الأخرى؟

ـ ماهي النتائج المتوقعة لدراسة هذه الظاهرة؟

و قد تكون الإجابة عن هذه الأسئلة من خلال القيام بعملية جمع الحقائق و البيانات الكمية أو الكيفية عن الظاهرة المدروسة مع محاولة تفسير هذه الحقائق تفسيرا موضوعيا دقيقا يشخص عناصر الظاهرة المكونة لها و العلاقات السببية القائمة بين هذه العناصر.

أـ أهــــــــداف المنهــــج الوصــفــــــــي:

 يهدف المنهج الوصفي إلى تحقيق مجموعة من الأهداف منها:

ـ القيام بجمع المعلومات ذات العلاقة بموضوع الظاهرة المدروسة بطريقة مفصلة.

ـ القيام بتوضيح الظواهر الأخرى و علاقتها بالظاهرة المدروسة.

ـ مقارنة الظاهرة محل الدراسة بالظواهر الأخرى المحيطة بها.

إذن يمكن القول أن المنهج الوصفي هو الطريقة العلمية التي يعتمدها الباحث في دراسته لظاهرة معينة  وفق خطوات معينة ، ويقوم خلالها تحليل المعطيات و البيانات التي بحوزته المتعلقة بالظاهرة المدروسة و ذلك من أجل الوصول إلى الحقيقة العلمية المتعلقة بالظاهرة.

 

 

ب ـ خطوات المنهج الوصفي:

يمكن القول أن هناك خطوات أساسية للمنهج الوصفي يجب على الباحث اتباعها ، ألا و هي:

ـ تحديد الظاهرة محل الدراسة و البحث.

القيام بجمع المعلومات المتعلقة بالظاهرة المراد دراستها.

ـ وضع الفرضيات.

ـ اختيار عينة الدراسة.

ـ القيام باختيار أدوات البحث التي سيستعملها الباحث في دراسته.

ـ الوصول إلى نتائج.

ـ القيام بتحليل النتائج و تفسيرها و الوصول إلى تعميمات.

ج ـ المناهج المتفرعة عن المذهب الوصفي:

يندرج تحت المناهج الوصفية مجموعة من المناهج الفرعية أهمها:

ـ منهج الدراسة المسحية:

يعتبر منهج المسح من أكثر المناهج استعمالا في البحوث الوصفية ، و استنادا إلى هذا المنهج فإن الباحث يقوم بعملية دراسة شاملة لموضوع دراسته و جمع البيانات و المعلومات المتعلقة بهذه الظاهرة ، و تحليل الوضع الراهن لها في بيئة محددة وقت و وقت محدد.

 

 

 

من خلال ذلك يمكن القول أن المنهج المسحي يهدف إلى:

ـ وصف الظاهرة المدروسة و تشخيصها و تحليلها و جمع البيانات حولها و تقرير حالتها كما هي في الوقت الراهن ، و في هذا المجال فإن الدراسة االمسحية تتعلق بالوقت الذي يجري فيه البحث و لا تتعلق بالظاهرة و لا بمستقبلها.

ـ يقوم الباحث بتقديم المعايير المحددة التي يجب أن تكون الظاهرة وفقها.

ـ من خلال دراسة الواقع الذي يقوم الباحث بإسقاط ما هو موجود فعلا في المجتمع مع ما ينبغي أن يكون عليه الحال وفق معايير محددة، و في هذا الإطار فإنه يقوم بمقارنة بين الواقع و بين المعايير المحددة.

ـ يقوم الباحث باقتراحات و أساليب من أجل الوصول إلى ما ينبغي أن تكون عليه الظاهرة استنادا إلى المعايير المحددة.

ـ يصل الباحث في الخير إلى استخلاص النتائج التي يمكن تطبيقها على مجتمع الدراسة كله.

ا، الدراسات المسحية تعتمد كثيرا على أدوات البحث العلمي مثلل:

ت المقابلات .

ـ الاستبيانات.

تستعمل الدراسات المسحية في حقول معرفية كثيرة ، مثل : الدراسات المسحية التربوية ، الدراسات المسحية للرأي العام خاصة في مجال الدراسات الإعلامية لدراسة الاتجاه العام في مسألة ما.

أما في مجال الدراسات القانونية فيمكن إجراء دراسات مسحية لدراسة مواضيع قانونية مثل:

ـ دراسة انتشار ظاهرة الطلاق في الوسط الريفي أو الحضري.

ـ دراسة العوامل المؤثرة لجنوح القصر.

ـ دراسة العود في الجريمة.

كما يمكن اعتبار المسح الاجتماعي كنوع من الدراسات المسحية المركزة على الدراسة العلمية لظروف المجتمع و حاجاته بقصد الحصول على بيانات و معلومات تتعلق بالظاهرة المدروسة و القيام بتحليلها و تفسيرها للوصول إلى تعميمات بشأنها.

من خلال ذلك نلاحظ أن الدراسة المسحية الاجتماعية تستهدف دراسة ظاهرة أو مشكلة اجتماعية معينة في منطقة معينة من أجل الوصول إلى حلول بشأن الظاهرة المدروسة.

و مثال ذلك دراسة ظاهرة الفقر في مجتمع معين أو دراسة المخدرات و ترويجها .....و إلى أخره.

إذن من خلال ذلك فالمسح الاجتماعي قد يعالج مشكلة مرضية في المجتمع، و يحاول الباحث أن يعالجها معالجة إصلاح بمعنى محاولة النهوض بالأوضاع القائمة، و وضع خطة أو برنامج للإصلاح.

 

و قد يكون هذا المنهج شاملا لجميع أفراد المجتمع و تكون هذه الحالة أمام المسح الاجتماعي الشامل، و قد يكون لعدد محدود و نكون غفي هذه الحالة أمام المسح بطريقة العينة.

و هنا يمكن اعتبار أن الدراسات المسحية القانونية هي أحد ضروب البحوث الاجتماعية.

ـ منهج دراسة الحالة:

يعتبر منهج دراسة الحالة أحد المناهج الوصفية التي تهتم بدراسة وحدة من وحدات المجتمع دراسة تفصيلية من مختلف جوانبها ، و ذلك من أجل الوصول إلى تعميمات تنطبق على غيرها من الوحدات ، و من خلال ذلك فإن هذا المنهج يتميز بالتعمق في دراسة وحدة معينة سواء كانت هذه الوحدة فردا أو قبيلة او قرية أو مؤسسة اجتماعية أو مجتمعا محليا او مجتمعا عاما ، يهدف إلى جمع البيانات و المعطيات و المعلومات المفصلة عن الوضع القائم المتعلق بالوحدة المدروسة و تاريخها و علاقاتها بالبيئة و تحليل نتائجها بهدف الوصول إلى تعميمات يمكن تطبيقها على غيرها من الوحدات المتشابهة في المجتمع الذي تنتمي إليه هذه الوحدة  أو الحالة.

 غير أنه يشترط أن تكون الحالة ممثلة للمجتمع الذي يراد الحكم عليه.

من خلال التعريف يمكن أن نستنتج مميزات منهج دراسة الحالة:

ـ يهدف هذا المنهج إلى الحصول على معلومات شاملة و مفصلة عن الحالة المدروسة.

 

ـ القيام بدراسة معمقة للحالة المدروسة.

ـ القيام بدراسة الحالة المدروسة من حيث تطورها تاريخيا و حاليا ، و هذا ما يميز منهج دراسة الحالة عن منهج الدراسات المسحية.

ـ خطوات منهج دراسة الحالة:

يمكن إجمال خطوات منهج دراسة الحالة فيما يلي:

ـ القيام بتحديد المشكلة و اختيار الحالة موضوع الدراسة.

ـ القيام بجمع البيانات و المعلومات الضرورية لفهم الحالة المدروسة ، و ذلك عن طريق الاستعانة بأدوات البحث العلمي كالاستبيان و المقابلة.

ـ تحديد الفرضيات.

ـ القيام بمسايرة الحالة من أجل الوصول إلى مختلف التطورات المتعلقة بها.

ـ الوصول إلى استخلاص النتائج المتعلقة بالحالة المدروسة و وضع التعميمات على بقية الحالات الأخرى.

ـ استخدام منــهـــج دراســـة الحالـــة في مجــال العلــوم القانونيـــــة:

يستخدم منهج دراسة الحالة في مجال العلوم القانونية ، و يظهر ذلك بصفة خاصة في مجال العلوم الجنائية فمثلا من أجل معرفة الدوافع الإجرامية ، فإنه يتوجب على الباحث التعمق في دراسة حالة من أجل تفسير السلوك الإجرامي خاصة مع التطور المذهل للظاهرة الإجرامية و ظهور أنماط لم تكن معروفة في السابق ، لكي يتوصل الباحث إلى الدوافع الإجرامية الحقيقية.

 

 

 

المحاضــــــــــرة الخــــــامســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة

 

3 ـ المنهـــــــج التـــــاريــــــخـــــــــــــــــــــــــــــــــي:

وضعت عدّة تعاريف للمنهج التاريخي منها:

ـ الطريقة التاريخية التي تعمل على تحليل و تفسير الحوادث التاريخية الماضية كأساس لفهم المشاكل المعاصرة و التنبؤ بما سيكون.

ـ مجموعة الطرق و التقنيات التي يتبعها الباحث التاريخي و المؤرخ للوصول إلى الحقيقة التاريخية و إعادة بماء الماضي بكل وقائعه و زواياه.

ـ الأحداث و الوقائع التي حدثت في الماضي القريب أو البعيد موضوع الفحص و التقصي العلمي ، قصد فهمها و تفسيرها و الوقوف على أسبابها و آثارها على حياة المجتمع و الأفراد ، أو التأكد منها او نفيها أو تعديلها و إعادة بناءها.

إن أهمية دراسة الوقائع و الأحداث و الحقائق التاريخية لما لها من مزايا جمة يكمن في فهم ماضي الأفكار و الحقائق و الظواهر و الأحداث و المؤسسات و النظم ، فهي محاولة لفهم حاضرها و التنبؤ بأحكام و أحوال مستقبلها على ضوء دراسة تاريخ ماضيها.

 

 

 

أـ مراحل المنهـــج التاريــــخــــــــــي:

ــ تحديـــد المشــــكلـــــــة العلميــــــــة التاريخيـــــــــــة:

إنّ تحديد المشكلة العلمية التاريخية يكمن في تحديد الموضوع أو الفكرة العلمية التاريخية التي تحوم حولها التساؤلات و الاستفسارات العلمية التاريخية ، الأمر الذي يؤدي إلى تحريك عملية البحث العلمي التاريخي لاستخراج الفرضيات العلمية.

فالمشكلة التاريخية هي التي تحرك البحث العلمي من أجل الوصول إلى فرضيات و نظريات و قوانين تفسر و تكشف الحقيقة العلمية للظاهرة التاريخية.

و من أجل نجاح البحث يجب أن تكون المشكلة التاريخية واضحة و دقيقة، و لتحديدها بالشكل المطلوب يشترط ما يلي:

ـ يجب أن تكون المشكلة التاريخية بين متغيرين او أكثر.

ـ صياغة عناصر المشكلة صياغة واضحة و كاملة لكافة عناصرها.

ــ جمـــع و حصــر الوثــائــق التاريخيــــــــة و نقـــدهـــا.

جمع المادة العلمية التاريخية يعني عودة الباحث إلى الكتب التاريخية التي تناولت مشكلة بحثه و عليه البحث في المصادر و المراجع بشكل دقيق لجمع المعلومات المطلوبة حول بحثه.

 

أما نقد مصادر البيانات فتتطلب جمعها من قبل الباحث و فحصها دقيقا للتأكد من مناسبتها للبحث الذي يقوم به ، كما عليه نقدها خارجيا من خلال معرفة سيرة الكاتب إن كان موضوعيا أو منحازا لطرف ما.

بعد عملية تحديد المشكلة العلمية و صياغتها ، تأتي مرحلة جمع كافة الحقائق و الوقائع المتعلقة بهذه المشكلة ، و ذلك عن طريق حصر و جمع كافة الوثائق و المصادر و الآثار  و التسجيلات المتصلة بعناصر و أجزاء المشكلة و تحليل هذه الوثائق و المصادر بطريقة علمية سليمة للتأكد من هويتها و صحتها وصدق و سلامة مضمونها.

و اعتبارا أن الوثائق التاريخية هي جوهر المنهج التاريخي، غير انه هناك مصادر يعتمد عليها الباحث للوصول إلى الحقيقة العلمية التاريخية، فقد تكون أولية أو ثانوية.

أولا ـ المصــــادر الأوليــــــــــــة:

و هي المصادر الأصلية للحدث أو الظاهرة المدروسة ، و تشمل هذه المصادر كلا من الآثار و الوثائق ، فالآثار هي العناصر المادية التي خلفتها حضارة ما ، أو أحداث وقعت في الماضي ، فالأهرامات الفرعونية مثلا تشكل مصدرا هاما في فهم الحضارة المصرية القديمة.

 

 

 

و الوثائق التاريخية هي مدونات مكتوبة سجلت الأحداث السابقة، و قد تكون مكتوبة أو مصورة أو شفهية. و تشمل الوثائق التاريخية المخطوطات و الرسائل و المذكرات و الأمثال و الأحكام المتناقلة بين الناس و غيره من الأمثلة.

ثـانيــا ـ المصـــادر الثـانويــــــــــــة:

و هي التي يتم اللجوء إليها عند تعذر توفر المصادر الأصلية أو الأولية، فهي معلومات غير مباشرة و تتمثل في كل ما نقل أو كتب عن المصادر الأولية و هي تعطينا فكرة عن الظروف التي أدت إلى اندثار المصادر الأولية تتمثل في الشهود العيان أو في الوثائق و المقابلات التي تسجل للحدث التاريخي أو في المخلفات و الآثار.

ــــ عملية نقــد الوثائـــــــــــق:

بعد جمع المصادر المتعلقة بالمشكلة التاريخية يبدأ الباحث التاريخي في نقدها و تحليلها تحليلا عمليا دقيقا عن طريق استخدام كافة أنواع الاستدلالات و التجريب، التأكد من أصالة و هوية وصدق هذه الوثائق التاريخية فيما تحمله من معلومات و معطيات حول الظاهرة المدروسة.

و النقد يكون على نوعين: نقد داخلي، و نقد خارجي.

 

 

أولا ـ النقــــــد الخارجي للوثائـــق التاريخيـــــــــة:

يكون النقد الخارجي بالتأكيد من صحة الوثيقة و علاقتها فعلا بالعصر الذي صدرت فيه من خلال الدراسة الزمنية و المكانية انطلاقا من نوع الخط و اللغة المستعملة في الكتابة و شخصية مؤلفها و ربط زمن صدور الوثيقة بحياة المؤلف.

ثــانيــا ـ النقـــد الداخلــي للوثائــق التاريخيـــــــة:

و تتم عملية النقد الداخلي للوثائق التاريخية عن طريق تحليل و تفسير النص التاريخي و المادة التاريخية التي تحتويها، و هو ما يعرف بالنقد الداخلي الإيجابي، و بواسطة إثبات مدى أمانة وصدق المؤلف ودقة معلوماته و هو ما يعرف بالنقد الداخلي السلبي.

ـ عمليــــــة التركيــب و التفسيـــــــــــر:

.بعد الحصول على المعلومات و الحقائق التاريخية اليقينية المبعثرة و المتفرقة من مصادرها ، تأتي عملية التركيب و التفسير التاريخي بهدف كشف و تفسير الحقيقة التاريخية في صورة نظرية أو قانون ثابت و عام يكشف و يفسر الحقيقة العلمية التاريخية حول حدث أو واقعة من الوقائع التاريخية.

و التركيب و التفسير التاريخيين للوقائع و الحوادث التاريخية هي إعادة تنظيم للحقائق المنتشرة و المتفرقة و بناءها في صورة او فكرة متكاملة ، و تتم عملية ملء الفراغات من خلال الإجابة عن أسئلة جوهرية تسمح الإجابة عليها باستكمال النقص الذي

 

 قد يعتري الوقائع و هو ما يسمى بالمحاكمة التركيبية ، و التي قد تكون محاكمة إيجابية عن طريق استنتاج و استنباط حقيقة تاريخية لم تذكرها الوثائق التاريخية باستعمال منهج الاستدلال.

و عملية ربط الحقائق العلمية التاريخية تتم بواسطة إيجاد علاقات حتمية و سببية قائمة بينهما أي عملية التسبيب التاريخي ، و هي عملية البحث عن الأسباب التاريخية و التعليلات المختلفة عن الظواهر الاجتماعية.

ـ استخـــلاص النتائــج و كتـــابة تقريـــــر البحـــث:

بانتهاء المؤرخ من جمع معلوماته و نقدها  و فحصها و تحليلها ، و من صياغة الفروض المختلفة لتفسير الحوادث التاريخية التي يدرسها و اختبار كل فرض من الفروض التي وضعها فغن عليه أن ينتقل إلى المرحلة النهائية و الخيرة من بحثه و هي مرحلة استخلاص النتائج و كتابة تقرير بحثه الذي يلخص فيه الحقائق و النتائج التي توصل إليها في أسلوب علمي بعيد عن المبالغات و المحسنات البديعية المبالغ فيها. أي هي عملية التركيب و استخلاص التعميمات أو القوانين ، و التي تكون الركن الرئيسي و الهدف الأساسي عند كتابة تقرير البحث.

 

 

 

 

 

ب ــ تطبيقـــــــات المنـــهج التاريخـــــي في ميدان الدراســات القانونيــــة:

تستعين اللوم القانونية بمختلف فروعها بالمنهج التاريخي ، فإذا درسنا أصل القانون أو تطور حركة التشريع فلا بد لنا  الرجوع إلى الحضارات القديمة ، و كمثال على ذلك الحضارة البابلية ، فقد عرفت هذه الأخيرة ما يسمى بقانون حمورابي ، و في الحضارة الرومانية نجد الألواح الإثنى عشر لجوستينيال ، و بذلك فعند دراستنا للنظم القانونية السابقة لابد علينا استخدام المنهج التاريخي.

 

المحــــاضـــــــرة الســادســـــــــــــــــــــــــة

 

4 ـ المنهــــــــج المقــــــــــارن:

تكثر الدراسات المقارنة في مختلف العلوم لاسيما الحقول القانونية منها نستشف ذلك من عنوان البحوث و الكتب، فنقرأ مثلا نظام التأمين في القانون المقارن، أو الجرائم الماسة بالشرف دراسة مقارنة بين الشريعة و القانون الوضعي. أو صلاحيات رئيس الدولة في الأنظمة الدستورية المقارنة ، التحكيم التجاري في التشريع المقارن ....الخ.

 

 

و بالرغم أن العبارات المستعملة كلها تدل على المقارنة ، إل أنها في الحقيقة مختلفة من حيث مضمونها و منهجها. و عادة ما يقع الباحث المقارن في مغبة الخطأ الاصطلاحي ، ذلك أن عبارات " القانون المقارن" ، " التشريع المقارن" ، " الدراسة المقارنة" ، عبارات مختلفة في دلالاتها على الرغم من تقاطعها ، و لعل هذا الخلط يرجع بشكل أساسي إلى الاختلاف في طبيعة القانون المقارن نفسه ، حيث وقع جدل كبير بين الفقهاء حول هذه الطبيعة بين من يرى أن القانون المقارن علم بذاته أي أنه فرع مستقل من فروع القانون ، و من يرى أنه مجرد منهج. و من هنا يجب التطرق إلى بعض الجوانب المنهجية المتعلقة بالقانون المقارن في حد ذاته.

أ ـ طبيعـــــة القانون المقــــارن:

إن تسمية القانون المقارن هي تسمية مضللة ، حيث ينصرف إلى الذهن أنه قانون كغيره من القوانين الوضعية ، كالقانون المدني أو التجاري ، الأمر الذي دفع بالفقهاء إلى البحث عن تسميات أخرى لعلها تبعدنا عن هذا الغموض الاصطلاحي . فقد ذهب الفقهاء الألمان إلى تسميته " مقارنة القوانين" ، و استعمل فقهاء آخرون عبارة "" الطريقة المقارنة" ، بل أن البعض استبعد كلمة قانون ، بحيث نجده في انجلترا تحت اسم " الاجتهاد المقارن" ، كما أختا الفقيه " إدوارد لامبير"  تسمية التشريع المقارن ، و التشريع عند هذا الأخير يقصد به النظام القانوني ، غير أن اصطلاح " القانون المقارن" هو الذي هيمن في الأخير على كتابات الفقهاء في التسمية.

 

 و لعل هذا الاختلاف في التسمية يرجع بالأساس إلى اختلاف الفقهاء في طبيعة القانون المقارن و وظيفته ، ففي حين ذهبت طائفة إلى أن القانون المقارن يعتبر علما قائما بذاته ، ذهبت طائفة أخرى من الفقهاء إلى أنه مجرد طريقة من طرق البحث القانوني و سوف نحاول من خلال النقاط التالية استعراض هذه الآراء و حجج كل فريق.

ـ القانون المقارن علم مستقــــل:

يذهب كل من الفقيهين " ريموند سالي" و "إيدوارد لامبير" القول بان القانون المقارن هو العلم الذي يبحث في القواعد المشتركة بين الشرائع و النظم المختلفة ، وقد ساد هذا المذهب منذ المؤتمر الأول للقانون المقارن 1900 ، حيث كانت الأفكار تتطلع إلى وضع قانون عالمي ، و بذلك اعتبر القانون المقارن هو العلم الذي يكشف عن هذا القانون العالمي. و يعود الأصل في فكرة أن القانون المقارن علم ينتمي إلى المدرسة التاريخية التي ترى بأن القانون نسبي و قد يتحول بفعل ضغط القوى الاجتماعية من أجل إرضاء تطلعاتها الاقتصادية.

فالقانون المقارن بالمعنى العام وجد كعلم يعتني بتفسير التحولات الحاصلة في الحياة التشريعية ، و استخراج القواعد التي تحكم تحولات الحياة الاجتماعية.

 

 

و بدأ الاختلاف بين الفقيهين سالي و إدوارد منذ البداية حول ماهية القانون المقارن ، حيث قسمه لآمبير إلى التاريخ المقارن ، و هو العلم الذي يكشف ما بين الظواهر القانونية من صلات و أسباب نشوئها و تطورها ، سواء ما تعلق بالمقارنة بين الشرائع الحالية أو القديمة ، و القسم الثاني المتعلق بالتشريع المقارن ، و له هو الأخر غاية علمية هي البحث في الشرائع المقارنة عن الأسس المشتركة لتكملة

القوانين الوطنية و تطويرها، و أطلق على هذا الشق تسمية القانون العام التشريعي، و هو بهذا المعنى لا يشكل علما بل مجرد فن.

في حين ذهب سالي إلى أن القانون المقارن علم قائم بذاته ، ذلك أن القصد من ورائه هو الوصول إلى استخلاص قواعد قانونية جديدة و مشتركة للإنسانية المتحضرة.

و قد انتقد هذا المذهب الأول من حيث لم يستطيع أن يضع تعريفا موحدا للقانون المقارن ، يقبله جميع المشتغلين في مجال المقارنة حتى بعد مرور نصف قرن من استعمال المصطلح ، كما أن الخلاف حول طبيعة القانون المقارن و وظيفته أدى إلى زيادة غموضه.

 

 

 

 

 

ـ القانون المقارن مجـــرد منهـــــــج:

ذهب أنصار الاتجاه الثاني إلى أن القانون المقارن مجرد منهج للبحث ، فلا هو بالعلم و لا هو بالفرع القانوني، و إنما هو كما يقول الفقيه " ريني دافيد " مجرد طريقة للمقارنة في مجال العلوم القانونية ، كما يذهب الفقيه " قوتريج " إلى أنه الطريقة المقارنة في تطبيقها على الدراسات القانونية ، و قد ساد هذا المذهب بعد الحرب العالمية الثانية.

و يقوم هذا الاتجاه الثاني على أن القانون المقارن كمنهج للبحث يهدف إلى تحقيق ثلاثة مسائل: بداية من أن الدراسة المقارنة تحدد موضوعا لها ثم تتعمق فيه، و هذا الأمر يتطلب معرفة بالقوانين المقارنة محلية و أجنبية.

 ثم إن هذه الدراسة ل تتم إلا بمقارنة قواعد القانون الوطني بما يقابلها في القانون الأجنبي في بنيته و هيكله و مصدره، كم أن الطريقة القانونية تبعد الباحث عن المسائل الفلسفية المجردة و تقربه أكثر من القوانين النافدة على أرض الواقع.

على الرغم من واقعية الطرح الثاني و عمليته ، إلا أنه يحمل تناقضا في طياته ، ذلك ان أصحاب هذا المذهب و على راسهم الفقيه " قــوتــريـــج " يشترطون أن تكون الدراسة في إطار المنهج الكامل ، أي دراسة النصوص القانونية و هي في حالة حركية لا في حالة ركود ، حيث يجب أن تدرس النصوص على ضوء غايتها

 

الاجتماعية- الاقتصادية، و هذا ما يجعل منتقدي هذا الطرح يتساءلون أنه إذا ما تم تحديد هذه الغاية للدراسة ألا يجعل هذا الأمر من القانون المقارن علما في حد ذاته؟

و من جهة أخرى نجد أنه حتى بالنسبة لهذا المذهب الانتقادي الجديد لم يسلم هو الآخر من النقد بسبب الوقوع في الغموض ، حيث أنهم يرون بان القانون المقارن لا يمكن أن يفهم أو أن يحدد بالغاية التي يهدف إلى تحقيقها ، سواء كانت التعرف على القانون الأجنبي أو حل مشكلة قانونية أو تحديد الإطار القانوني لاتفاقية دولية أو توحيد القانون ...... ، و على ذلك يرى أصحاب هذا الرأي بأن القانون المقارن تتعدد مفاهيمه و وظائفه بتعدد الغايات من ورائه.

و الرلأي الراجح اليوم بأن القانون المقارن يأخذ سمة العلم أكثر من سمة المنهج ، خصوصا بعدما تحددت موضوعاته ، سواء  ما تعلق بتطور الأنظمة القانونية و استخلاص العناصر الأساسية التي تقسم على ضوئها العائلات القانونية الكبرى.

حيث تتميز كل وحدة منها بمنهجها و جغرافيتها القانونية ، فأصبح بذلك تحديد انتماء قانون ما إلى مجموعة دون أخرى يحتكم إلى علم القانون المقارن ، فهذا هو مجال عمل هذا الأخير و حتى و إن ظهر القانون المقارن كوسيلة للمقارنة بين قاعدتين قانونيتين في قانونين مختلفين ، فإن هذه المقارنة سوف تؤدي لا محال إلى تحصيل معلومات جديدة تجعل من القانون المقارن علما.

 

 

المحاضـــــرة السابعــــــــــــــــــــــــة

 

1 ـ تعريـــــف المنهــــــــج الـــمقـــــــارن:

يرى الفقيه " ستيوارت ميل " ، أن المنهج المقارن هو دراسة ظواهر متشابهة او متناظرة في مجتمعات مختلفة. و المقارنة هي التحليل المنظم للاختلافات في موضوع أو أكثر عبر مجتمعين أو أكثر.

و هناك من عرف المنهج المقارن بأنه: " تلك الخطوات التي يتبعها الباحث في مقارنته للظواهر محل البحث و الدراسة، بقصد معرفة العناصر التي تتحكم في أوجه التشابه و الاختلاف في تلك الظواهر".

كما عرفت الطريقة المقارنة بانها: " ملاحظة موضوع ما و تقدير موضوعه بالقياس إلى موضوع لآخر بقصد الوصول إلى رأي محدد يتعلق بوضع الظاهرة في المجتمع ، و الحكم هنا مرتبط باستخلاص عناصر التشابه أو التباين بين عناصر الظاهرة لتحديد أسس التباين و عوامل التشابه".

و قياسا على ما سبق فقد جاءت بعض المحاولات في تعريف المنهج المقارن في المجال القانوني على أنه ذلك المنهج الذي يتناول الظواهر و الوقائع الاجتماعية و الاقتصادية ، و القواعد القانونية التي تحكمها بهدف الكشف عما يوجد بين تلك الظواهر و الوقائع من صلات ، و عن أسباب نشوئها و تطورها ، و نفس الأمر ينطبق على القواعد التي تحكم هذه الظواهر و الوقائع.

كما عرف المنهج المقارن كذلك بأنه: " المنهج الذي يعتمده الباحث للقيام بالمقارنة بين قانونه الوطني و قانون أو عدّة قوانين أجنبية أو أي نظام قانوني أخر، كالشريعة الإسلامية ، و ذلك لبيان أوجه الاختلاف و الاتفاق بينهما فيما يتعلق بالمسائل القانونية محل البحث بهدف التوصل إلى أفضل حل لهذه المسألة ".

و تستفيد الدراسات القانونية بشكل كبير من المقارنة ، حيث تساعد في وضع قواعد و ملخصات هامة ، سواء  من خلال مقارنة المؤسسات و الوقائع و الأنساق و النظم القانونية في مجتمع محدد أو في مجتمعات مختلفة ، و القانون المقارن على الرغم من الجدل القائم حوله ، إلاّ أن جل النقاشات حوله ألهمت حتى من يعارضها من رجال القانون ، فالمحامون مقارنون تلقائيا عندما يجرون المقارنات بين أحكام المحاكم و يبحثون فيها حول أوجه التشابه و الاختلاف و المقارنة بين الأحكام و النصوص و الاجتهادات السابقة.

2 ـ أســــاليـــب المنهـــــــج المقـــــــارن:

يمكن إجمال أساليب المقارنة في الطرق الرئيسية الآتية:

ـ طـــريقــــــــة المقابــــــــــــــلة:

و يطلق عليها تسمية المقارنة بالمجانية ، و مفادها ان يضع الباحث الأحكام التي تعالج موضوعا واحدا في قوانين مختلفة جنبا إلى جنب ، فيقابل بعضها بعضا ليتمكن الباحث من معرفة مواضع التشابه و الاختلاف بين هذه النصوص ، و هذه الطريقة كانت متبعة في نهاية القرن التاسع عشر و ما قبله. فكان الباحث إذا أراد أن يدرس موضوعا معينا في عدّة قوانين فإنه يأخذ منها الأحكام التي تتعلق بهذا الموضوع  و يضعها إلى جانب بعضها البعض ليتعرف على ما بينها و بين قانونه الوطني من  إنفاق و اختلاف ، فلو أراد أن يدرس موضوع مصادر قانون العقوبات مثلا ، ما عليه إلا أن يأخذ المادة الأولى من قانون العقوبات في كل من القانون الجزائري و الفرنسي.

و لب هذه الطريقة تجميع لمواد من قوانين مختلفة ، و هي إن دلت على شيء فإنما تدل على معرفة الباحث بتلك القوانين، كما أنها مفيدة من حيث اعتماد الباحث في تدليل على بعض الأفكار الموجودة في القوانين الأجنبية.

ـ طــــريقــــــة المقــــــاربــــــــــــة:

سميت هذه الطريقة بالمقاربة تعويلا على عنصر القرب أو التشابه الكبير بين القوانين محل المقارنة، و مفادها أن يدرس الباحث وجوه التقارب بين القوانين القابلة للمقارنة، و هي القوانين المتشابهة في البنية و في الخصائص كالقوانين الرومانية الجرمانية بالنظر إلى أنه مستمدة من مصادر قانونية مشتركة تخضع لمنهج قانوني موحد ، يجعلها قابلة للمقارنة فيما بينها.

اتبعت هذه الطريقة في توحيد القوانين الداخلية المختلفة و في الدول الاتحادية كالولايات المتحدة  الأمريكية و سويسرا و المكسيك و الاتحاد السوفيتي و يوغسلافيا و ألمانيا الاتحادية سابقا ، حيث يوجد في هذه الدول القوانين الاتحادية إلى جانب قوانين خاصة بكل دولة من الدول التي يتآلف منها الاتحاد ، كما تتبع هذه الطريقة في بعض الدول المتحدة كإسبانيا حيث يوجد فيها إلى جانب القانون المدني الصادر سنة 1889 قوانين محلية خاصة ببعض المناطق.

ـ طـــريقـــــــــة المـضــــاهـــــاة:

تسمى كذلك بطريقة المعارضة ، و تقوم هذه الطريقة على عكس من الطريقة السابقة أي على تبيان أوجه الاختلاف بين منهجين متمايزين بالبنية الاقتصادية مثلا كالمنهج الروماني الجرماني و المنهج الأنجلو أمريكي من جهة و المنهج الاشتراكي من جهة أخرى. فهذه الطريقة تستعمل عند المقارنة بين قانونين مختلفين من حيث منهجهما و تكون بينهما الكثير من الفروقات ، و يبدو أنها لا تصلح عند المقارنة بين عدد كبير من المواد ، فهي تستعمل عند المقارنة بين نصوص قليلة تتضمن مواضيع محددة ، كالمقارنة التي تجري مثلا في موضوع الملكية أو العقود بين قوانين دولتين إحداهما اشتراكية و الأخرى رأسمالية.

ـ طـــريقــــــــــــة المـــوازنـــــــــــــــــة:

و يصطلح عليها كذلك " المقارنة المنهجية " ، و هذه الموازنة هي الطريقة التي تنتهي بالمقارنة إلى نتيجة إيجابية ، فالطرق السابقة تقوم على تقرير ما هو كائن فعلا من تشابه أو تباين بين عدّة قوانين. أما طريقة الموازنة فإنها تخضع لمنهج يساعد على استخلاص نتائج تمكننا من التعرف على القانون المثالي بعد دراسة أسباب التوافق و الاختلاف في ظل العوامل المؤثرة في تكوين كل قانون.

 و تجدر الإشارة إلى أن كلا من طريقة المقاربة أو المضاهاة ، و كذلك الموازن المنهجية هي طرق تخرج من دائرة القانون المقارن الوصفي و النظري لتشكل الطرق الأساسية في القانون المقارن التطبيقي ، حيث تصل بالبحث إلى نتائج عملية من شأنها أن تؤسس نظرية أو قاعدة جديدة.

 

 

 

 

  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


M1DENVDUS1
M1DENVDUS1