الدرس الاول : سقوط غرناطة 1492م وانعكاساته على بلاد المغرب
مقدمة: بسقوط غرناطة عام 1492م يكون قد سقط آخر قلاع ومعاقل المسلمين بالأندلس أو بشبه الجزيرة الايبيرية وذلك بعد حروب طويلة خاضها الاسبان ضد المسلمين فيما عرف بحروب الاسترداد (reconquista (، اذ تساقطت المدن الاسلامية تباعا وكانت آخرها دولة بني الأحمر (غرناطة) التي ضعفت وسقطت هي الاخرى بسبب حروب أسرية حول الملك بين ابي عبد الله الزغل وابن اخيه أبي عبد الله الصغير انتهت بتقسيمها، فبدأ الملك القشتالي يشدد الحصار والضربات على المدن الاندلسية الباقية ويخرب ما حول المدينة من أجل التهيؤ لدخولها، فأرسل الاسبان الى السلطان ابي عبد الله يطلبون منه تسليمها وفقا لشروط معينة فجمع السلطان اعوانه واجمعوا على الرفض، وفي ابريل 1491 حاصرها الملكان الاسبانيان فرديناند وايزابيلا، ورغم محاولات مقاتلي غرناطة عدة مرات لشل مخططات الاسبان وافشالها ، إلا انه وبعد حصار دام سبعة أشهر، ونتيجة لليأس والجوع والمرض اجتمع أعيان المدينة أواخر 1491 واتفقوا على تسليمها( ما عدا القائد موسى ) وتم التوقيع على معاهدة التسليم في 25 ديسمبر من نفس السنة ، والتي تضمنت 67 شرطا ومن بين أهم ما جاء فيها:
+ اطلاق سراح الاسرى المسلمين في قشتالة
+ تامين المسلمين على انفسهم وأموالهم وأعراضهم
+ تامين حرية الدين والشعائر والحفاظ على المساجد والأوقاف .
كما اتفق على أن يغادر السلطان أبو عبد الله المدينة الى منطقة البشرات حيث يعطى ضياعا يعيش فيها تحت طاعة ملك قشتالة وأن تقدم غرناطة 500 من أعيانها ضمانا للطاعة، وأقسم الملكان على الوثيقة من أجل ان يطمئن المسلمون بذلك.
ودخل الملكان الكاثوليكيان قصر الحمراء في ديسمبر 1492م، ليتركها آخر ملوكها ابو عبد الله محمد الزغل الى مدينة أندرش ويعبر بعدها الى المغرب الأقصى.
فما هي انعكاسات هذا السقوط على بلاد المغرب .
1/ اجتماعيا
لم تكفل معاهدة التسليم لمسلمي الاندلس الحماية والامن، اذ بعد مدة قصيرة فقط رفعت النواقيس والاجراس على المآذن التي حولت الى كنائس واجبروا بسبب محاكم التفتيش على التنصر وظهور طبقة المدجنين los mudejares وظهرت دعوات بعض العلماء لهم بالهجرة الى ارض المسلمين، ومن اولئك ابي العباس الونشريسي الذي عاصر فترة السقوط وألف في ذلك كتابا عنوانه ( أسنى المتاجر في بيان أحكام من غلب على وطنه النصارى ولم يهاجر وما يترتب عنه من العقوبات والزواجر ) فكانت بلاد المغرب وجهة لؤلئك الاندلسيين، اذ ارتحل ابو عبد الله الزغل بعياله وحشمة بأمر من ملك قشتالة، فنزلوا بمليلية غرب وجدة، ثم انتقل بعدها الى مدينة فاس التي استمر اعقابه بها، ولم تقتصر الرحلة على السلطان بل على عدد هام من الاندلسيين، وكانت تلمسان ومدن اخرى ايضا وجهة لكثير منهم، وقد شكلوا طبقة مميزة داخل المجتمعات المغربية ولما كانوا ذوي اختصاصات متعددة فقد أثروا في مجتمع بلاد المغرب بطريقة غير مباشرة.
ومن بين الانعكاسات المباشرة للسقوط والهجرة هو تفريغ السكان من شبه الجزيرة الايبيرية وتأخر نواحي الحياة بها، ومن جهة اخرى فقد ادت الى مضاعفة عدد سكان بلاد المغرب وخاصة المغرب الاقصى لقربه من بلاد الاندلس، ففي الجزائر نجد مدينة برشك مثلا كان اغلب سكانها من الاندلسيين اما شرشال فقد بلغ عدد منازلهم بها 12000 و25000 بالجزائر فشكلوا فيها اغلبية كما كانت لهم احياء خاصة في عنابة وارزيو ومستغانم .
- Enseignant: driss benmostefa