المحور الثالث: التنظيم القانوني لمرحلة إبرام العقود الالكترونية

من أهم عقبات التجارة الالكترونية التي تحد من فعالية العقود الإلكترونية تلك المخاطر التي يتعرض لها المستهلك الإلكتروني، والتي يرجع سببها الرئيسي إلى طبيعة المعاملات الالكترونية المبرمة عن بعد، والتي لا تمكن المستهلك من مقابلة المورد الالكتروني في مجلس عقد حقيقي، ومن معاينة جودة السلعة أو الخدمات المعلن عنها للتأكد من حقيقتها سواء كانت أصلية أو مقلدة.  

هذا فضلا عن نقص المعلومات لديه عن حقيقة الجودة والأسعار وضعف قدرته التقنية مقارنة بالمورد الالكتروني، و كذا جهله بما يمكن أن ينجر عنها من أضرار قد تصل إلى حد الجسامة بالنسبة إليه، كل ذلك يجعل من المستهلك الطرف الأضعف في علاقته التعاقدية مع المورد الالكتروني. 

تأسيسا على ذلك، تدخل المشرع الجزائري بموجب أحكام القانون رقم 18-05 المتعلق بالتجارة الالكترونية لتنظيم مرحلة إبرام العقود الالكترونية، والتي سيتم دراستها أحكامها مع مراعاة القواعد العامة المتعلقة بالعقد الواردة في القانون المدني، وذلك على النحو التالي:

المبحث الأول: شروط إنعقاد العقود الالكترونية

يشترط القانون المدني لنشوء العقد صحيحا ومرتبا لآثاره القانونية، توافر الأركان الأساسية لإبرامه (شروط انعقاده) المتمثلة في التراضي والمحل والسبب، إضافة إلى ركن الشكل في حالات معينة بالنسبة للعقود الشكلية، وعندئذ يتحدد زمان ومكان انعقاده، وعليه، نطرح التساؤل حول ما إذا كانت أركان إبرام العقد الالكتروني هي ذاتها الأركان الواجب توافرها في العقد التقليدي الواردة في القانون المدني؟ وما هو زمان ومكان إبرامه؟

المطلب الأول: ركن التراضي في العقود الالكترونية

يعد ركن التراضي الركن الجوهري لوجود العقد، والذي يتحقق بتطابق إرادة المتعاقدين على إحداث أثر قانوني معين بحسب ما تم الاتفاق عليه عبر وسائل الاتصال الالكترونية، ومن ثم يجب لتوافر هذا الركن أن يكون التراضي موجوداً، وأن يكون هذا التراضي صحيحاً.

وبالنظر للسمات الخاصة التي تميز العقود الإلكترونية، ومراعاة للطرف الأضعف والأقل خبرة ودراية في هذه المعاملات في مواجهة المورد الالكتروني ألا وهو المستهلك الالكتروني، حرص المشرع الجزائري بموجب المادتين 10 و11 من القانون 18-05 المتعلق بالتجارة الإلكترونية على حماية رضا المستهلك الالكتروني عند التعاقد الكترونيا، من خلال تنظيمه للعرض التجاري الالكتروني الذي يعرض بمقتضاه المورد منتجاته أو خدماته للمستهلك الالكتروني حتى يتمكن من الإلمام الجيد بالبيانات والخصائص الجوهرية بهذه المنتجات والخدمات قبل اقتنائها، كعملية أولية  إلزامية  للتعاقد الالكتروني، إضافة إلى ذلك، فرض المشرع إلزامية تقديم طلبية المنتوج عبر وسائل الاتصال الالكتروني، وفق مراحل محددة في القانون 18-05 المتعلق بالتجارة الإلكترونية.

الفرع الأول: وجود التراضي في العقود الالكترونية

طبقا للأحكام العامة للعقد في القانون المدني، يتعين لوجود التراضي أن يعبر الشخص عن إرادته في إحداث أثر قانوني معين، وأن تتلاقى هذه الإرادة مع إرادة أخرى مطابقة لها أي متجهة إلى إحداث نفس الأثر، حتى يتحقق التطابق بين الإرادتين.

يصدر التعبير عن الإرادة سواء تم بطريقة صريحة أو ضمنية في شكلين هما الإيجاب والقبول، واللذان يعتبران عناصر ركن التراضي، غير أن الإيجاب والقبول في العقد الالكتروني يتميزان ببعض الأحكام الخاصة عنهما في العقد التقليدي، الأمر الذي يقتضي دراستهما وفقا لأحكام القانون رقم 18-05 المتعلق بالتجارة الالكترونية لتبيان هذه الخصوصية، مع مراعاة القواعد العامة في القانون المدني المتعلقة بالعقد. 

أولا: الإيجاب الالكتروني (العرض التجاري الالكتروني)

الإيجاب بشكل عام هو :"تعبير جازم ونهائي عن الإرادة يتضمن عرضاً بالتعاقد صادر من شخص إلى آخر أو عدة أشخاص آخرين وفق شروط معينة"، أو هو :"العرض الذي يتقدم به شخص يسمى الموجب يبدي فيه رغبته في التعاقد مع شخص آخر يسمى القابل"، ويتم التعبير عن الإيجاب بعدة طرق تقليدية صريحة أو ضمنية كاللفظ والكتابة والإشارة المتداولة عرفا أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود منه، طبقا للمادة 60 ق.م.ج.

أما إذا تم التعبير عن الإرادة المتضمنة عرضاً بالتعاقد باستخدام أحد وسائل الاتصال الإلكترونية، اعتبر الإيجاب إلكترونياً، ويخضع في هذه الحالة لنفس القواعد التي تحكم الإيجاب التقليدي، إلا أنه يتميز عنه من حيث خصوصية تقنيات الاتصال الإلكترونية التي يتم من خلالها، والتي تسمح بوصول التعبير عن الإرادة إلى من وجه إليه بطريقة مباشرة (تفاعلية) أو (غير مباشرة) غير تفاعلية.

وعليه يمكن تعريف الإيجاب الالكتروني بأنه: "تعبير بات ونهائي صادر عن إرادة شخص يرغب في التعاقد الكترونياً (المورد الإلكتروني) وموجه إلى شخص آخر أو عدة أشخاص (المستهلك الإلكتروني) باستخدام أية تقنية من تقنيات الاتصال الإلكترونية المختلفة."

بالنسبة للمشرع الجزائري، فقد عبر عن الإيجاب الالكتروني بمصطلح العرض التجاري الإلكتروني في ظل القانون رقم 18-05 المتعلق بالتجارة الإلكترونية، حيث أكد بموجب المادة 10 من هذا القانون على وجوب: " ...أن تكون كل معاملة تجارية الكترونية مسبوقة بعرض تجاري إلكتروني..."، وبذلك، يتضح أن العرض الالكتروني في نظر المشرع الجزائري هو بمثابة إيجاب إلكتروني ملزم في المرحلة السابقة على إبرام العقود الالكترونية، حيث يفرض على كل مورد إلكتروني مراعاة عناصره الجوهرية المحددة قانونا، بغية تمكين المستهلك الإلكتروني من الإطلاع على كافة البيانات الخاصة بالسلع والخدمات محل التعاقد وبموردها.

1- تعريف العرض التجاري الالكتروني

للعرض التجاري الإلكتروني أهمية بالغة في تكوين رضا المستهلك الإلكتروني على السلعة أو الخدمة المعروضة عليه عبر شبكات الاتصال الالكترونية، حيث يفيد في توضيح مضمون المعاملة الالكترونية للمستهلك الإلكتروني حتى تكون إرادته حرة وغير مشوبة بأحد عيوب الإرادة الصادرة عن المورد الإلكتروني كالغلط أو التدليس، وبذلك يشكل العرض الإلكتروني إيجاب صادر عن المورد الإلكتروني وموجه إلى المستهلك والذي بدوره إذا وافق على جميع المعلومات والبيانات الجوهرية للسلعة أو الخدمة التي ارتضى اقتناؤها تكون إرادته حرة وقبوله سليم لإبرام العقد والموافقة عليه إلكترونياً.

يتم العرض التجاري الالكتروني من خلال قيام المورد الإلكتروني بعرض منتوجاته سواء كانت سلعة أو خدمة على المستهلك الالكتروني للتعرف عليها وعلى خصائصها ونوعيتها والاطلاع على بياناتها الجوهرية، وإذا كان العرض التجاري التقليدي (الإيجاب) يُمَكِن المستهلك من رؤية ومعاينة المنتوج معاينة مباشرة، فإن الأمر على خلاف ذلك في حالة العرض التجاري الإلكتروني الذي تكون فيه المنتوجات معروضة عبر وسائل الاتصال الالكتروني، وبالتالي لا يمكن للمستهلك الإلكتروني معاينتها والتعرف عليها إلا من خلال ما يقدمه له المورد الإلكتروني من معلومات للإلمام بكل ما يتعلق بالسلعة أو الخدمة.

بناء على ذلك، يندرج العرض التجاري الإلكتروني ضمن الإعلام الإلكتروني السابق على التعاقد كالتزام يقع على عاتق أحد المتعاقدين (المورد الإلكتروني) بأن يقدم للمتعاقد الآخر (المستهلك الإلكتروني) عند تكوين العقد البيانات اللازمة لإيجاد الرضا السليم والكامل وذلك بإعلامه بكافة التفاصيل المتعلقة بالعقد الإلكتروني قبل إبرامه.

وعليه، يعرف العرض التجاري الالكتروني بأنه: " التزام قانوني سابق عن إبرام العقد الالكتروني يلتزم فيه المورد الالكتروني بإعلام المستهلك الالكتروني بجميع المعلومات والبيانات المتعلقة بالسلعة أو الخدمة محل المعاملة الالكترونية التي سيتم إبرامها". 

2- مضمون العرض التجاري الإلكتروني:

نصت المادة 11 من القانون 18-05 المتعلق بالتجارة الإلكترونية البيانات على أنه: "يجب أن يقدم المورد الإلكتروني العرض التجاري الإلكتروني بطريقة مرئية ومقروءة ومفهومة، ويجب أن يتضمن على الأقل، ولكن ليس على سبيل الحصر، المعلومات الآتية:

-  رقم التعريف الجبائي، والعناوين المادية والإلكترونية، ورقم هاتف المورد الإلكتروني،

-  رقم السجل التجاري أو رقم البطاقة المهنية للحرفي،

-      طبيعة، وخصائص وأسعار السلع أو الخدمات المقترحة باحتساب كل الرسوم،

-      حالة توفر السلعة أو الخدمة،

-      كيفيات ومصاريف وآجال التسليم،

-      الشروط العامة للبيع، لاسيما البنود المتعلقة بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي،

-      شروط الضمان التجاري وخدمة ما بعد البيع،

-      طريقة حساب السعر عندما لا يمكن تحديده مسبقا،

-      كيفيات وإجراءات الدفع،

-      شروط فسخ العقد عند الاقتضاء،

-      وصف كامل لمختلف مراحل تنفيذ المعاملة الإلكترونية،

-      مدة صلاحية العرض، عند الاقتضاء،

-      شروط وآجال العدول عند الاقتضاء،

-      طريقة تأكيد الطلبية،

-      موعد التسليم، وسعر المنتوج موضوع الطلبية المسبقة وكيفية إلغاء الطلبية المسبقة عند الاقتضاء،

-      طريقة إرجاع المنتوج أو استبداله أو تعويضه

-      تكلفة استخدام وسائل الاتصالات الإلكترونية عندما تحتسب على أساس آخر غير التعريفات المعمول بها."

يلاحظ من خلال استقراء مضمون المادة أعلاه أن العرض الالكتروني يتضمن نفس البيانات الواردة في الالتزام بالإعلام، لذلك فهو يخضع للأحكام التشريعية والتنظيمية المعمول بها في مجال إعلام المستهلك، لاسيما منها المرسوم التنفيذي رقم 13-378 المحدد لشروط وكيفيات المتعلقة بإعلام المستهلك،[1] وتمثل مجموع هذه البيانات الحد الأدنى من المعلومات التي يجب أن يعلم بها المستهلك الالكتروني، فهي كفيلة بتنوير إرادته عند التعاقد، وهي بهذا المعنى تتضمن الشروط الأساسية للعقد حتى يكون إيجابا صحيحا وصالحا لأن يقترن به قبول مطابق ينعقد به العقد.

لذا تعد كل البيانات الواردة في المادة 11 من القانون 18-05 المذكورة أعلاه إلزامية وواجبة في كل عرض إلكتروني تحت طائلة المسؤولية العقدية للمورد الإلكتروني طبقا للمادة 14 من هذا القانون بنصها على أنه: "في حالة عدم احترام أحكام المادة 10 أو أحكام المادة 13 أعلاه، من طرف المورد الإلكتروني، يمكن المستهلك الإلكتروني أن يطلب إبطال العقد والتعويض عن الضرر الذي لحق به".

كذلك يتضح من مضمون هذه المادة أن العرض الإلكتروني هو بمثابة إيجاب إلكتروني، بموجبه تتحدد شروط إبرام العقد الإلكتروني من خلال تحديد مواصفات السلعة أو الخدمة وبياناتها باعتبارها محل هذا العقد وكذا تحديد شروط الدفع و تسليم المبيع والآجال الخاصة بالتسليم وطرق الدفع الإلكترونية، بالإضافة إلى المعلومات الأساسية للمورد الإلكتروني الذي تعتبر شخصيته محل اعتبار في إبرام العقود الإلكترونية.

علاوة على ذلك، نص المشرع على ضوابط العرض الالكتروني والتي ألزم من خلالها كل مورد الكتروني بأن يقدم عرضه بصورة مرئية أي مكتوبة حتى يتمكن المستهلك من الاطلاع عليه عن طريق النظر، فلا يتصور أن يكون في شكل تسجيل صوتي أو محادثة فقط، كما ألزمه بأن تكون المعلومات الواردة في العرض مفهومة أي واضحة ولا يشوبها أي غموض أو التباس، وكذا مقروءة أي مكتوبة بصيغة تسمح بقراءتها بسهولة.

تجب الملاحظة هنا، إلى أن المشرع الجزائري لم يحدد اللغة التي يجب على المورد الالكتروني استعمالها في العرض الالكتروني، لكنه في المقابل نص بمقتضى المرسوم التنفيذي 13-378 المحدد للشروط والكيفيات المتعلقة بإعلام المستهلك في المادة 07 منه بوجوب استعمال اللغة العربية في إعلام المستهلك مع إمكانية استعمال لغة أو عدة لغات أخرى.

من خلال ما سبق، يتضح أن الإيجاب الإلكتروني أو العرض التجاري الإلكتروني في العقود الإلكترونية، يجب أن يتضمن كل العناصر الجوهرية اللازمة لإبرام هذه العقود (التعريف بالسلع والخدمات وأسعارها – شروط التعاقد والإشكالات المتعلقة به – هوية المورد الإلكتروني) المحددة في المادة 11 من القانون 18-05.

ثانيا: القبول الالكتروني (الطلبية المقدمة الكترونيا)

القبول هو:" تعبير صادر عن إرادة الشخص الذي وجه إليه الإيجاب يبدي فيه موافقته على التعاقد بنفس الشروط الواردة في الإيجاب"، لذلك فإنه بمجرد تطابق الإيجاب القبول مطابقة تامة ينعقد العقد، أما إذا عدل القابل من الإيجاب بأن قيد منه أو زاد فيه، فيعتبر في هذه الحالة رفض جزئي للإيجاب يتضمن إيجاب جديد يحتاج إلى قبول له، وهذا طبقا للمادة 66 ق.م.ج.

1-  تعريف القبول الإلكتروني:

يعرف القبول الإلكتروني بأنه ذلك:" القبول الذي يتم التعبير عنه عبر وسائل الإتصال الإلكترونية المختلفة"، وهو بذلك لا يختلف في تعريفه عن القبول التقليدي في القواعد العامة، إلا من حيث الوسيلة المستخدمة في التعبير عنه ألا وهي تقنيات الإتصال الإلكترونية، وهذه الخصوصية تدفعنا للتساؤل عن مدى صلاحية السكوت في التعبير الإلكتروني عن القبول؟

طبقا للقواعد العامة في القانون المدني فإن السكوت لا يعتبر قبولا كأصل عام، لأن السكوت موقف سلبي والقبول باعتباره تعبير عن الإرادة فهو موقف إيجابي، استثناءً من ذلك يمكن اعتبار السكوت قبولاً في بعض الحالات: منها تلك الواردة في المادة 68 ق.م.ج. التي نصت على السكوت الملابس الذي تقترن به ظروف يستشف منها أن له دلالة القبول، وكذا في حالة إتفاق الأطراف على اعتبار السكوت قبولا، إضافة إلى حالة وجود نص قانوني يعتبر السكوت قبولا كنص المادة 355/1 ق.م.ج. في البيع بالتجربة.

أما بالنسبة لقانون التجارة الإلكترونية 18-05 سالف الذكر فيستخلص من فحوى المادة 12 منه التي حددت المراحل التي تمر بها طلبية المنتوج مؤكدة على ضرورة أن يكون الاختيار الذي يقوم به المستهلك الإلكتروني معبر عنه صراحة، أنَّ المشرع قد استبعد إمكانية اعتبار السكوت قبولا في مجال العقود الإلكترونية.

علاوة على ذلك، يلاحظ من أحكام قانون التجارة الإلكترونية 18-05 أنه لم يستعمل في نصوصه مصطلح القبول الإلكتروني، في مقابل ذلك عبر عنه بـــ "طلبية المنتوج المقدمة إلكترونيا"، فما المقصود بها؟

2-  تعريف طلبية المنتوج المقدمة إلكترونياً:

لم يحدد قانون التجارة الإلكترونية 18-05 المقصود بطلبية المنتوج المقدمة إلكترونيا، واقتصر على تعريف الطلبية المسبقة بموجب المادة 06 في فقرتها 07 من ذات القانون على أنها: "تعهد بالبيع يمكن أن يقترحه المورد الإلكتروني على المستهلك الالكتروني في حالة عدم توفر المنتوج في المخزون"، وعليه يمكن للمورد الالكتروني أن يقترح أو يتعهد بالبيع للمستهلك الالكتروني عن طريق الطلبية المسبقة وذلك في حالة عدم وجود أو نفاذ المنتوج في المخزون.

فبناءً على الطلبية المسبقة التي يقدمها المستهلك يقوم المورد بتوفير المنتوج في أقصر وقت ممكن ويضعه في موقعه، ليقوم بعدها المستهلك بتأكيد طلبيته كمرحلة أخيرة لإبرام العقد، وهذا ما يحقق فائدة أكبر للمستهلك الذي تعهد المورد لمصلحته بتوفير المنتوج النافذ من المخزون، في مقابل ذلك قد يجد المورد نفسه في مواجهة خطر عدم تأكيد المستهلك للطلبية، مما قد يسبب له خسارة مادية وتضييعا للوقت والجهد دون فائدة.

3- مراحل تقديم طلبية منتوج الكترونياً:

اشترط المشرع الجزائري ضرورة مرور كل طلبية للمنتوج الكترونياً سواء كان سلعة أو الخدمة بثلاثة مراحل إلزامية، نصت عليها المادة 12 من قانون رقم 18-05 السالف الذكر، كما يلي: " تمر طلبية منتوج أو خدمة عبر ثلاث مراحل إلزامية:

1- وضع الشروط التعاقدية في متناول المستهلك الإلكتروني، بحيث يتم تمكينه من التعاقد بعلم ودراية.

2- التحقق من تفاصيل الطلبية من طرف المستهلك الإلكتروني، لاسيما فيما يخص ماهية المنتوجات أو الخدمات المطلوبة، والسعر الإجمال والوحدوي، والكميات المطلوبة بغرض تمكينه من تعديل الطلبية وإلغائها أو تصحيح الأخطاء المحتملة.

3- تأكيد الطلبية يؤدي إلى تكوين العقد.

يجب أن يكون الاختيار الذي يقوم به المستهلك الإلكتروني معبرا عنه بصراحة.

يجب ألا تتضمن الخانات المعدة للملء من قبل المستهلك الإلكتروني، أية معطيات تهدف إلى توجيه إختياره."

من خلال هذه المادة نلاحظ أن المشرع الجزائري قد إشترط لتكوين رضا المستهلك الإلكتروني على السلعة أو الخدمة المعروضة عليه عن طريق وسائل الاتصال الالكتروني، أن تمر عملية التعاقد بالمراحل المذكور أعلاه في المادة 12، وبالتالي يتحقق الإيجاب والقبول بين أطراف العقد الإلكتروني.

تعتبر هذه الطلبية بمثابة إيجاب صادر من طرف المورد الإلكتروني بعد تقديمها من قبل المستهلك الإلكتروني، وفي هذه الحالة يكون المورد الإلكتروني بمقام البائع في البيع التقليدي متى ما كان مالكا للمنتوجات سواء كان شخص طبيعي أو معنوي، أما إذا كان هذا المورد غير مالك للمنتوجات بل مجرد متعهد بتوفيرها وتسويقها نيابة عن البائع المالك الحقيقي لها، فيعد في هذه الحالة وسيط بين البائع والمستهلك الإلكتروني.

يتمتع المستهلك الذي يطلع على العرض التجاري الالكتروني الموجه له بحرية قبول اقتناء السلعة أو الخدمة المعروضة في هذا العرض من عدمه، وهنا تبرز حرية المتفاوضين على أساس مبدأ حرية التعاقد في مرحلة التسويق الالكتروني، وبالرغم من ذلك تبقى هذه الحرية التعاقدية مقيدة بوجوب أن يكون إيجاب المورد الالكتروني من خلال العرض التجاري الإلكتروني واضح المعالم ونافيا للجهالة بتضمنه للبيانات الجوهرية المحددة في المادة 11 من القانون رقم 18-05 المتعلق بالتجارة الالكترونية، وبتطابق هذا العرض مع قبول المستهلك الإلكتروني من خلال تقديمه لطلبية المنتوج الكترونيا، ينعقد العقد.

4- شروط تقديم الطلبية المسبقة إلكترونياً:

استناداً إلى المادة 06 في فقرتها 07 من القانون رقم 18-05 المتعلق بالتجارة الالكترونية، التي عرفت الطلبية المسبقة، وكذا المادتين 15 و24 من هذا القانون، يمكن استخلاص شروط أو كيفية تقديم الطلبية المسبقة، فيما يلي:

1-   يجب على المورد الالكتروني عدم الموافقة على طلبية منتوج غير متوفر في مخزونه،

2-   إذا توافر المنتوج تتحول الطلبية المسبقة بصفة ضمنية إلى طلبية مؤكدة،

3-   لا يمكن أن تكون الطلبية المسبقة محل دفع، إلا في حالة توفر المنتوج في المخزون،

4-   في حالة دفع المستهلك الإلكتروني لثمن المنتوج قبل توفره في المخزون، وجب على المورد إرجاع ذلك الثمن للمستهلك الإلكتروني دون المساس بحقه في التعويض.  

ثالثا: أحكام مجلس العقد الإلكتروني

في غياب أحكام خاصة بمجلس العقد الإلكتروني في القانون 18-05 المتعلق بالتجارة الإلكترونية، تحدد ما إذا يعتبر تعاقد بين حاضرين أو غائبين، وتحدد مكان وزمان إبرام العقد الإلكتروني باعتبارها أهم إشكالية قانونية يثيرها التعاقد الإلكتروني، ينبغي الرجوع إلى القواعد العامة في القانون المدني.

1- تكييف طبيعة مجلس العقد الإلكتروني:

لكي ينعقد العقد يجب أن يتطابق الإيجاب مع القبول، سواء تم هذا التعاقد بين حاضرين أو غائبين، ولما كان التعاقد الإلكتروني يتسم بغياب التلاقي المادي المعاصر بين أطرافه لإعتماده على الوسائط الإلكترونية، فإن ذلك يستدعي منا البحث عن التكييف القانوني لمجلس العقد الإلكتروني.

أ‌-    التعاقد بين حاضرين في مجلس العقد:

يكون التعاقد بين حاضرين عندما يجتمع الطرفين في مجلس العقد، وهذا الأخير نوعين: مجلس عقد حقيقي ومجلس عقد حكمي، ويقصد بالنوع الأول مجلس العقد الذي يضم المتعاقدين فيكونوا على اتصال مباشر، وذلك باجتماعها وتواجدهما في مكان وزمان واحد.

أما النوع الثاني: فهو ذلك المجلس الذي يجتمع فيه المتعاقدين حكماً وليس حقيقةً من خلال وسيلة اتصال تفاعلية تسمح بتبادلهما التعبير عن إرادتهما مباشرة، دون تواجدهما في نفس المكان، مثل الهاتف أو أي طريق مماثل حسب نص المادة 64 ق.م. أو كالمحادثة الصوتية أو المرئية أو كلاهما التي تتيحها بعض وسائل الاتصال الإلكترونية، بحيث إذا عبر أحد المتعاقدين عن إرادته فإن تعبيره ينتج أثره في الحال وينعقد العقد فوراً بمجرد تطابق الإيجاب مع القبول.

ومن هنا يتضح أن مجلس العقد الحكمي يتميز بعدم تواجد المتعاقدان في نفس المكان لكن يجمعهما نفس الزمان، أما في مجلس العقد الحقيقي فالمتعاقدان يتواجدان في نفس المكان والزمان.

وعليه، يتضح أنه في التعاقد بين حاضرين لا يوجد فاصل زمني بين صدور القبول وعلم الموجب به، بحيث ينعقد العقد بمجرد صدور القبول، سواء كان المتعاقدان في مجلس عقد حقيقي أو حكمي من خلال تعاقدهما عبر أية وسيلة اتصال تفاعلية.

ب‌-  التعاقد بين غائبين:

يكون التعاقد بين غائبين عندما لا يجمع بين المتعاقدين مجلس عقد لا حقيقةً ولا حكماً،  بحيث يكون هناك فاصل زمني بين صدور القبول وعلم الموجب به، مثال التعاقد برسالة قصيرة sms أو عبر البريد الإلكتروني (e-mail) أو بالفاكس أو التلكس...إلخ

يستخلص مما سبق بيانه، أن العقد الالكتروني يعتبر تعاقد بين حاضرين إذا كانت وسيلة الاتصال الالكترونية تفاعلية، ويعد تعاقد بين غائبين إذا كانت وسيلة الاتصال الالكترونية غير تفاعلية.

2- تحديد زمان ومكان إبرام العقد الإلكتروني:

يثير التعاقد الإلكتروني إشكالية تحديد زمان ومكان انعقاد العقد الإلكتروني، فإذا تم التعاقد بوسيلة إلكترونية تفاعلية اعتبر تعاقد بين حاضرين، ويعتد في هذه الحالة بمكان تواجد المتعاقدين في مجلس العقد الحقيقي وبزمان تطابق إرادتهما فيه.

أما إذا أبرم العقد الإلكتروني بوسيلة إلكترونية غير تفاعلية، اعتبر في هذه الحالة تعاقد بين غائبين، وتطبيقا لنص المادة 67 ق.م. التي أخذ المشرع الجزائري بموجبها بنظرية العلم بالقبول، يعتبر العقد مبرم في المكان والزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول، إلا إذا اتفق الطرفان أو نص القانون على غير ذلك، وهذا ما يستشف أيضا من نص المادة 61 ق.م. التي اعتبرت أن وصول التعبير عن الإرادة (الرسالة) قرينة على علم الموجب بالقبول حتى يثبت العكس.

الفرع الثاني: شروط صحة التراضي في العقود الالكترونية

لقيام ركن التراضي لابد أن يكون وجود التراضي صحيحاً، وذلك بصدوره من متعاقد له أهلية كاملة، وإرادة لا يشوبها عيب من عيوب الإرادة.

أولا: الأهلية في العقود الالكترونية

إن الأهلية المطلوبة لصحة العقد، هي أهلية الأداء ويقصد بها :"صلاحية الشخص لمباشرة التصرفات القانونية والقضائية"، أي صلاحية الشخص للتعبير عن إرادته تعبيرا يعتد به القانون حتى يترتب عنه أثاره القانونية. 

لم يحدد قانون التجارة الإلكترونية 18-05 أهلية معينة في التعاقد الإلكتروني، مما يعني أن الأهلية المطلوبة في العقود الإلكترونية هي ذاتها الأهلية المطلوبة بشأن العقود التقليديــــة في القانون المدني.

إن مناط أهلية الأداء هي التمييز لذلك فهي تتأثر بالسن، حيث تكون أهلية الأداء منعدمة لدى الشخص (غير مميز) منذ ولادته إلى بلوغ سن 13، وتكون ناقصة بالنسبة للشخص (المميز) من سن 13 إلى 19 سنة، وتكون كاملة بعد بلوغ سن الرشد وهو 19 كاملة.

وعليه، تكتمل أهلية التعاقد ببلوغ سن الرشد القانوني المحدد بـ19 سنة كاملة عند التعاقد، مع عدم وجود عارض من عوارض الأهلية التي تعدم أهلية الشخص أو تنقص منها حسبما نصت عليه المادتين 40 و78 من ق.م.ج، مع العلم أن الأحكام المتعلقة بالأهلية تعتبر من النظام العام، لذلك لا يجوز للأشخاص التنازل عن أهليتهم أو تغيير أحكامها تطبيقا لنص المادة 45 ق.م.ج.

ولكون التعاقد الإلكتروني يتم عن بعد من خلال وسائل الاتصال الإلكترونية، مما لا يسمح بالتحقق من شخصية كلا المتعاقدين والتأكد من توافر الأهلية اللازمة لمباشرتهما التعاقد، الأمر الذي يثير إشكال حول كيفية التحقق من أهلية المتعاقدين لاسيما وأنها تمثل أهم الشروط لصحة التعاقد.

بالنسبة للمورد الإلكتروني مقدم السلعة أو الخدمات فإنه وفقا لقانون التجارة الإلكترونية 18-05 من خلال المادة 08 منه التي تستوجب عليه تسجيل نشاط التجارة الإلكترونية في السجل التجاري أو في سجل الصناعات التقليدية أو الحرفية، يمكن التحقق من توافر الأهلية لديه للتعاقد قبل ممارسته لنشاطه.

أما القاصر المرشد المأذون له بممارسة التجارة البالغ من العمر 18 سنة كاملة، فيعتبر كامل الأهلية في حدود التصرفات المأذون له بممارستها في تجارته، وهذا طبقا لنص المادة 05 من القانون التجاري.

وعلى خلاف ذلك، فإن المستهلك المقتني للسلع والخدمات قد تتوفر فيه أهلية التعاقد وقد لا تتوافر كأن يكون ناقص الأهلية أو عديمها مما يؤثر على صحة العقد الإلكتروني الذي يبرمه، وبالنظر لغياب نص قانوني خاص في قانون التجارة الإلكترونية 18-05 يعالج مسألة القاصر الذي يتعاقد إلكترونيا، فإن الأمر يستدعي الرجوع إلى القواعد العامة في القانون المدني المقررة لحماية القاصر المتعاقد.

وفقا لأحكام القانون المدني وكذا المادتين 82 و83 من قانون الأسرة، القاصر الذي لم يبلغ سن التمييز تعتبر جميع تصرفاته باطلة بطلانا مطلقا، أما القاصر المميز فتكون تصرفاته نافذة إذا كانت نافعة له، وباطلة بطلانا مطلقا إذا كانت ضارة به.

أما التصرفات المالية الدائرة بين الدفع والضرر فتكون قابلة للإبطال لمصلحة القاصر ويزول حقه في التمسك بالإبطال إذا أجاز التصرف بعد بلوغه سن الرشد أو إذا صدرت الإجارة من الولي أو الوصي، وفي حالة النزاع يرفع الأمر للقضاء.

تأسيسا على ذلك، تسري هذه الأحكام على العقود الإلكترونية التي يكون المستهلك القاصر الإلكتروني طرفا فيها.

من الناحية العملية غالبا ما يتجنب موردي السلع والخدمات إلكترونيا التعاقد مع المستهلك القاصر خشية إبطاله للعقود التي يبرمها معهم، ونظرا لصعوبة التحقق من أهلية المستهلك الإلكتروني يلجأ الكثير منهم إلى وضع تحذيرات على المواقع الإلكترونية يطلب فيها عدم الدخول إليها إلا من قبل الشخص المتمتع بالأهلية القانونية، ويلتزم الشخص المتعاقد بالإفصاح عن أهليته من خلال ملأ نموذج معلومات خاصة به، وإذا تعمد المستهلك القاصر إخفاء نقص أهليته أو عدم توافرها باستخدام طرق احتيالية، جاز للمورد الرجوع بالتعويض على القاصر إذا حكم ببطلان العقد، طبقا لقواعد المسؤولية التقصيرية.

علاوة على ذلك، يمكن معالجة مشكلة تعمد المستهلك الإلكتروني القاصر في إخفاء نقص أو عدم توافر أهليته من خلال الأخذ بنظرية الظاهر، فإذا اختلس القاصر مثلا البطاقة المصرفية الخاصة بوالده واستخدمها مع مورد إلكتروني حسن النية، فيحق لهذا الأخير الدفع بأن القاصر يتوافر فيه مظهر صاحب البطاقة، ومن ثم يحق لهذا المورد الرجوع بالتعويض على القاصر إذا حكم ببطلان العقد.

ثانيا: عيوب الإرادة في العقود الالكترونية

لا يكفي لصحة التراضي مجرد تعبير المتعاقدين المتمتعين بالأهلية الكاملة عن إرادته، بل لابد أن تكون هذه الإرادة سليمة، أي خالية من عيوب الإرادة المتمثلة في الغلط والتدليس والإكراه والاستغلال الواردة في المواد من 81 إلى 91 من ق.م.ج.

     تجدر الملاحظة هنا، إلى أن عيوب الإرادة المعروفة في العقود التقليدية لا تختلف عن عيوب الإرادة في العقود المبرمة عبر وسائل الاتصال الإلكترونية، غير أن أكثر هذه العيوب شيوعا بالنظر لطبيعة وخصوصية العقود الإلكترونية هي الغلط والتدليس.

1-  الغلط الإلكتروني:

الغلط هو وهم يقع في ذهن الشخص من تلقاء نفسه فيجعله يتصور الأمر على خلاف حقيقته ويدفعه إلى التعاقد، وطالما أن التعاقد الإلكتروني يتم عن بعد دون التواجد المادي للمتعاقدين في مجلس عقد حقيقي، الأمر الذي لا يسمح للمستهلك من معاينة المنتوج بالعين المجردة والتحقق من مدى توافره على المواصفات التي تلبي احتياجاته فقد يؤدي ذلك إلى وقوعه في الغلط، خاصة في ظل التطور التكنولوجي الذي عرفته الاشهارات الإلكترونية والتي غالبا ما يتم تصميمها بشكل مشوق وجذاب لدرجة مبالغ فيها.

وحماية للمستهلك الإلكتروني من الوقوع في الغلط، ألزم المشرع الجزائري كل مورد إلكتروني بضرورة تضمين عرضه التجاري الإلكتروني لكافة البيانات الجوهرية الواردة في المادة 10 من القانون 18-05 على سبيل المثال لا الحصر، لاسيما منها تحديد مواصفات السلع والخدمات وكذا شروط التعاقد بشكل تفصيلي.

2-  التدليس الإلكتروني:

يقصد بالتدليس إستعمال وسائل احتيالية بقصد تضليل المتعاقد وإيقاعه في غلط يدفعه إلى التعاقد، ويعتبر التدليس الإلكتروني أكثر عيوب الإرادة الممكن تصورها في العقود الإلكترونية، وذلك بسبب عدم قدرة المستهلك على معاينة السلعة أو المنتوج على حقيقته.

وحماية لرضا هذا المستهلك باعتباره الطرف الأضعف والأقل خبرة ودراية في العقود الإلكترونية مقارنة بالمورد الالكتروني، فرض المشرع الجزائري على هذا الأخير مراعاة البيانات الجوهرية الواردة في العرض التجاري الإلكتروني قبل تعاقده مع المستهلك، هذا إضافة إلى ضرورة مراعاته لضوابط الاشهارات الإلكترونية منعا لانتشار الاشهارات التضليلية التي تتضمن معلومات كاذبة أو خادعة وغيرها من الوسائل الاحتيالية التي يلجأ إليها الموردين للتأثير على إرادة المستهلك ودفعه للتعاقد معهم.

3-  الإكراه الإلكتروني:

الإكراه هو كل ضغط أو تهديد مادي أو معنوي يمارس على شخص دون وجه حق فيبعث في نفسه رهبة أو خوفا يدفعه إلى التعاقد، وقد تطور مفهوم الإكراه بشكل كبير بعد تعديل القانون المدني الفرنسي[2] في 2018 والذي أصبح يشمل الإكراه الاقتصادي الناتج عن إساءة استغلال أحد المتعاقدين لحالة التبعية لدى المتعاقد الآخر وذلك بموجب المادة 1143، وهذا المفهوم الجديد يمكن أن تكون له تطبيقات في مجال العقود الإلكترونية.

4-  الإستغلال الإلكتروني:

يعرف الاستغلال كعيب يشوب الإرادة بأنه استغلال أحد المتعاقدين عن قصد، لطيش بيِّن أو هوى جامح في نفس المتعاقد الآخر(المتعاقد المغبون)، بحيث يدفعه إلى إبرام عقد يترتب عنه عدم تكافؤ كبير بين الأداءات المقدمة من طرفيهما، وفي مجال العقود الإلكترونية يمكن تصور وقوع المستهلك الذي يكون مدمن على اقتناء منتجات وخدمات معينة إلكترونيا بسبب ضعفه النفسي الواضح اتجاهها من خلال إبداء رغبته الشديدة في الحصول عليها، وعندها يستغل المورد الإلكتروني ذلك، مستخدماً الوسائل الترويج والإشهار الإلكترونية المتنوعة التي يرسلها لهذا المستهلك سواء عبر بريده الإلكتروني أو صفحته على مواقع التواصل الإجتماعي...إلخ بغية دفعه للتعاقد معه، مقابل أسعار مبالغ فيها لدرجة كبيرة مقارنة بالقيمة الحقيقية للسلع والخدمات المقتناة.



[1]- المرسوم التنفيذي رقم 13-378 المؤرخ في 09 نوفمبر 2013 الذي يحدد الشروط والكيفيات المتعلقة بإعلام المستهلك، ج.ر. الصادرة 18 نوفمبر 2013، العدد 58.

Last modified: Thursday, 4 January 2024, 12:44 PM