الدرس 07: نظام الترتيب الزمني
1-نظام الترتيب الزمني في رواية "ذاكرة الجسد" لأحلام مستغانمي
نستحضر دائما لدى دراسة نظام الترتيب الزمني في خطاب المحكي العلاقة بين ترتيب الأحداث في مستوى القصة، وبين ترتيبها في مستوى الخطاب، وقد لا يكفي ذلك إلا بتحديد ما يسمى بزمن المحكي الأول؛ أي النقطة الزمنية التي ينطلق منها الحكي في الخطاب، التي على أساسها، تتحدد المفارقات الزمنية (الاستباقات والاسترجاعات). وسنحاول اكتشاف نظام اشتغال الترتيب الزمني في رواية "ذاكرة الجسد" لأحلام مستغانمي.
1-1-زمن القصة: يتحدد زمن القصة في ذاكرة الجسد بالفترة الممتدة من 08 ماي 1945 إلى تاريخ الفاتح من نوفمبر 1988. وهذا النوع من الزمن يتميز بخطيته، وبتتابع أحداثه منطقيا، وتسلسها كرونولوجيا.
1-2-زمن الخطاب: يتميز بالتشويش والتعقيد وبتكسير خطية زمن القصة وتحريفه وتنافره معه، مما ينتج عنه المفارقات الزمنية، وفي ذاكرة الجسد يبدأ زمن الخطاب من نهاية زمن القصة؛ أي من الفاتح من نوفمبر 1988، ليعود إلى تاريخ اندلاع الثورة التحريرية (1954)، ثم إلى بداية زمن القصة (08 ماي 1945)، ويستمر إلى نهايتها مع أحداث أكتوبر 1988.
وفي الجدول الآتي نستعرض ترتيب بعض الأحداث، وتسلسلها في زمن القصة وزمن الخطاب:
ترتيب الأحداث في زمن القصة |
ترتيب الأحداث في زمن الخطاب |
1-سجن خالد إثر اعتقالات 08 ماي 1945، ولقائه بسي الطاهر داخل زنزانة واحدة. |
42-( آخر مرة استوقفتني فيها صحيفة جزائرية، كان ذلك منذ شهرين تقريبا. عندما كنت أتصفح مجلة عن طريق المصادفة، وإذا بصورتك تفاجئني على نصف صفحة بأكملها، مرفقة بحوار صحافي بمناسبة صدور كتاب جديد لك). الرواية، ص: 15. |
2-اندلاع الثورة التحريرية في الفاتح من نوفمبر 1954. |
43-(ربما غدا أبدأ الكتابة حقا. أحب دائما أن ترتبط الأشياء الهامة في حياتي بتاريخ ما..يكون غمزة لذاكرة أخرى. أغرتني هذه الفكرة من جديد، وأنا أستمع إلى الأخبار هذا المساء وأكتشف، أنا الذي فقدت علاقاتي بالزمن، أن غدا سيكون أول نوفمبر..فهل يمكن لي ألا أختار تاريخا كهذا، لأبدأ به هذا الكتاب؟ غدا ستكون قد مرت 34 سنة على انطلاق الرصاصة الأولى لحرب التحرير، ويكون قد مر على وجودي هنا ثلاثة أسابيع، ومثل ذلك من الزمن على سقوط آخر دفعة من الشهداء..) الرواية، ص: 23، 24. |
3- اختفاء سي الطاهر والتحاقه بالجبال من أجل تأسيس إحدى الخلايا الأولى للكفاح المسلح سنة 1955. |
2- (غدا ستكون قد مرت 34 سنة على انطلاق الرصاصة الأولى لحرب التحرير، ويكون قد مر على وجودي هنا ثلاثة أسابيع، ومثل ذلك من الزمن على سقوط آخر دفعة من الشهداء..). الرواية، ص: 24. (ذات يوم منذ أكثر من ثلاثين سنة سلكت هذه الطرق، واخترت أن تكون تلك الجبال بيتي ومدرستي...) الرواية، ص: 25. |
4- وفاة والدة خالد في شهر جويلية من سنة 1955 |
4-(واكتشفت في المناسبة نفسها، أنني ربما كنت الوحيد الذي لم يترك خلفه سوى قبر طري لأم ماتت مرضا وقهرا...وكنت يتيما، وكنت أعي ذلك بعمق في كل لحظة).الرواية، ص: 27. (سألني عن أخبار الأهل، وأخبار (أمّا) بالتحديد، فأجبته أنها توفيت منذ ثلاثة أشهر). ص: 33. |
5-التحاق خالد بالجبال، وانضمامه إلى صفوف المجاهدين في جبهة التحرير الوطني، ولقائه مرة أخرى بقائده سي الطاهر. |
5- (أكان التحاقي بالجبهة آنذاك محاولة غير معلنة للبحث عن موت أجمل ...كانت الثورة تدخل عامها الثاني، ويتمي يدخل شهره الثالث...). الرواية، ص: 27. (أي صدفة.. أن يعود القدر بعد عشر سنوات تماما، ليضعني مع سي الطاهر في تجربة كفاحية مسلحة هذه المرة!. سنة 1955..وفي شهر أيلول بالذات، التحقت بالجبهة). الرواية، ص: 32، 33. |
6-فرار الشهيد البطل مصطفى بن بولعيد وبعض من رفاقه من سجن الكديا في 10 نوفمبر 1955. |
3- (وربما كان لاختفاء سي الطاهر من حينا بسيدي المبروك منذ بضعة أشهر، دور في حسم القضية، واستعجالي في أخذ ذلك القرار المفاجئ. فلم يكن يخفى على أحد أنه انتقل إلى مكان سري في الجبال المحيطة بقسنطينة ليؤسس من هناك مع آخرين إحدى الخلايا الأولى للكفاح المسلح). الرواية، ص: 27. |
7-تعيين خالد في رتبة ملازم من طرف القائد سي الطاهر. |
1-(وكان سجن (الكديا) وقتها، ككل سجون الشرق الجزائري يعاني فجأة من فائض رجولة، إثر مظاهرات 8 ماي 1945... كان في مصادفة وجودي مع (سي الطاهر) في الزنزانة نفسها شيء أسطوري بحد ذاته، وتجربة نضالية ظلت تلاحقني لسنوات بكل تفاصيلها...). الرواية، ص: 30، 32. |
8- إصابة خالد برصاصتين في ذراعه اليسرى. |
7-(وكان سي طاهر بعد أكثر من معركة ناجحة اشتركت فيها، قد بدأ تدريجيا يعتمد علي في المهمات الصعبة، ويكلفني بالمهمات الأكثر خطورة، تلك التي تتطلب مواجهة مباشرة مع العدو. ورفعني بعد سنتين إلى رتبة ملازم لأتمكن من إدارة بعض المعارك وحدي، وأخذ القرارات العسكرية التي يقتضيها كل ظرف). الرواية، ص: 34. |
9- طلب سي الطاهر من خالد أن يزور عائلته المقيمة في تونس، وأن يسلم مبلغا من المال لوالدته، لتشتري هدية للصغيرة، وأن يقوم بتسجيلها في دار البلدية. |
8-وجاءت تلك المعركة الضارية التي دارت على مشارف باتنة لتقلب يوما كل شيء..فقد فقدنا فيها ستة مجاهدين، وكنت فيها أنا من عداد الجرحى بعدما اخترقت ذراعي اليسرى رصاصتان...). الرواية، ص: 35. |
10-سفر خالد إلى تونس سنة 1957 من أجل تلقي العلاج، الذي انتهى ببتر ذراعه. |
10-(...وأنا أجد نفسي من ضمن الجرحى الذين يجب أن ينقلوا على وجه السرعة إلى الحدود التونسية للعلاج. ولم يكن العلاج بالنسبة لي سوى بتر ذراعي اليسرى، لاستحالة استئصال الرصاصتين..). الرواية، ص: 35. |
11-إسداء الطبيب اليوغسلافي كابوتسكي النصيحة لخالد بممارسة الكتابة أو الرسم كوسيلة للتعويض النفسي. |
9-(لو قدر لك أن تصل إلى هناك..أتمنى أن تذهب لزيارتهم حين تشفى وتسلم هذا المبلغ إلى (أمّا) لتشتري به هدية للصغيرة، وأود أيضا أن تقوم بتسجيلها في دار البلدية لو استطعت ذلك...لقد اخترت لها هذا الاسم...سجلها متى استطعت ذلك وقبلها عني...وسلم كثيرا على (أمّا)...). الرواية، ص: 36. |
12-تسجيل خالد الصغيرة حياة في دار البلدية بتاريخ 15 أيلول 1957. |
16-(مات (سي طاهر) طاهرا على عتبات الاستقلال... ست ساعات من الحصار والتطويق، ومن القصف المركز لدشرة بأكملها ليتمكن قتلته من نشر صورته على صفحات جرائد الغد كدليل على انتصاراتهم... استشهد هكذا في صيف 1960 دون أن يتمتع بالنصر ولا بقطف ثماره..). الرواية، ص: 45. |
13-رسم لوحته الأولى (قنطرة الحبال بقسنطينة) سماها حنين في تونس سنة 1957. |
15-(كانت آخر مرة رأيته فيها، في يناير سنة 1960. وكان حضر ليشهد أهم حدث في حياته؛ ليتعرف على مولوده الثاني ناصر، فقد كانت أمنيته السرية أن يرزق يوما بذكر). الرواية، ص: 46. |
14-الممرضة في المستشفى بتونس، تسلم خالد ثياب سي مصطفى، وقد وجد في جيب سترته بطاقته التعريفية ملطخة بالدماء، وكان ذلك سنة 1957. |
22- (كان يوم لقائنا يوما للدهشة..لم يكن القدر فيه هو الطرف الثاني، كان منذ البدء الطرف الاول. أليس هو الذي أتى بنا من مدن أخرى، من زمن آخر وذاكرة أخرى، ليجمعنا في قاعة بباريس، في حفل افتتاح معرض للرسم؟ يومها كنت أنا الرسام، وكنت أنت زائرة فضولية على أكثر من صعيد). الرواية، ص: 51. |
15-لقاء خالد الأخير بقائده سي الطاهر بمناسبة ولادة ابنه ناصر في تونس خلال شهر يناير 1960. |
17- (ولكن.. أيعقل أن تكوني أنت الطفلة التي رأيتها لآخر مرة في تونس سنة (1962) غداة الاستقلال، عندما رحت أطمئن عليكم كالعادة، وأتابع بنفسي تفاصيل عودتكم إلى الجزائر؟ بعدما اتصل بي (سي الشريف) من قسنطينة، ليطلب مني بيع ذلك البيت الذي لم يعد هناك ضرورة لوجوده، والذي اشتراه (سي الطاهر) منذ عدة سنوات ليهرب إليه اسرته الصغيرة، عندما أبعدته فرنسا عن الجزائر في الخمسينيات، بعد عدة اشهر من السجن قضاها بتهمة التحريض السياسي). الرواية، ص: 56. |
16-استشهاد سي الطاهر في أوت 1960. |
11-(...لقد مرت بي أكثر من حالة من هذا النوع، ولذا أعتقد أن فقدانك ذراعك قد أخل بعلاقتك بما هو حولك. وعليك أن تعيد بناء علاقة جديدة مع العالم من خلال الكتابة أو الرسم...المهم الكتابة في حد ذاتها كوسيلة تفريغ، وأداة ترميم داخلي..ارسم أحب شيء إليك...ارسم..فقد لا تكون في حاجة إلي بعد اليوم!). الرواية، ص: 60، 61. |
17-رؤية خالد لحياة لآخر مرة في تونس غداة الاستقلال سنة 1962 عندما اتصل به سي الشريف من أجل بيع المنزل، وترتيب عودة عائلة شقيقه الشهيد سي الطاهر إلى الجزائر. |
13-(انتظرت فقط طلوع الصباح لأشتري بما تبقى في جيبي من أوراق نقدية ما أحتاج إليه لرسم لوحتين أو ثلاث. ووقفت كمجنون على عجل أرسم قنطرة الحبال في قسنطينة..وها هي حنين لوحتي الأولى، وجوار تاريخ رسمها (تونس 57) توقيعي الذي وضعته لأول مرة أسفل لوحة). الرواية، ص: 64. |
18-تعرف خالد على الشاعر زياد سنة 1973. |
12- (وها هي حنين لوحتي الأولى، وجوار تاريخ رسمها (تونس 57) توقيعي الذي وضعته لأول مرة أسفل لوحة. تماما كما وضعته أسفل اسمك، وتاريخ ميلادك الجديد، ذات خريف من سنة 1957، وأنا أسجلك في دار البلدية لأول مرة..). الرواية، ص: 64. |
19-رحيل زياد إلى لبنان بعد حرب أكتوبر بشهرين أو ثلاثة، وانضمامه إلى الجبهة الشعبية التي كان منخرطا فيها قبل مجيئه إلى الجزائر. |
24-(...ثم التفت نحوي سائلة: متى ينتهي المعرض؟ قلت: في 25 نيسان..أي بعد عشر أيام..). الرواية، ص: 69. |
20-عثور خالد على بطاقة تعريف سي مصطفى ضمن أوراقه القديمة، وتسليمها له سنة 1973. |
21- (...في ذلك اليوم، سعدت وأنا أرى كاترين تدخل القاعة. جاءت متأخرة كما كنت أتوقع...). الرواية، ص: 71. |
21-سفر خالد الأول إلى فرنسا سنة 1973، وتعرفه على كاترين. |
23- (وفجأة فتح الباب ليدخل منه..سي الشريف! ...وقبل أن أسأله عن أخباره قال وهو يقدم لي ذلك الصديق المشترك الذي كان يرافقه:شفت شكون جبتلك معاي؟ صحت وأنا أنتقل من دهشة غلى أخرى: أهلا سي مصطفى واش راك...). الرواية، ص: 79، 80. |
22-لقاء خالد بحياة عند زيارتها، رفقة ناديا ابنة عمها سي الشريف لحفل افتتاح معرض للرسم أقيم بباريس، استعرض خالد لوحاته في إحدى قاعاته الكبيرة في نيسان 1981. |
14- (كان في جيب سترته يومها بطاقة تعريفه التي تكاد لا تقرأ ، من أثار بقع الدم عليها. والتي احتفظت بها لأعيدها له فيما بعد...وربما كنت أريد كذلك وأنا على أبواب المنفى أن أنهي علاقاتي بتلك البطاقة التي رافقتني منذ 1957...). الرواية، ص: 82. |
23-زيارة سي الشريف رفقة سي مصطفى لخالد بالمعرض. |
20- (سنة 1973 عثرت مصادفة على تلك البطاقة ضمن أوراقي القديمة. وكنت آنذاك أجمع أشيائي استعدادا للرحيل). الرواية، ص: 82. |
24-نهاية فترة إقامة المعرض 25 نيسان 1981 |
25-(يشهد الدمار حولي اليوم، أنني أحببتك حتى الهلاك؛ واشتهيتك..حتى الاحتراق الأخير...ألم يكن جنونا أن أزايد على جنون السواح والعشاق...كان يجرفني إليك بقوة حب في الخمسين، بجنون حب في الخمسين...كان حبك... ينحدر بي إلى أبعد نقطة في اللامنطق...في لآخر المطاف، الجنون أو الموت..). الرواية، ص: 99، 101. |
25-علاقة خالد بحياة، يفضي إلى وقوعه في شراك حبها حد الجنون. |
18- (لقد عرفت شاعرا فلسطينيا كان يدرس في الجزائر. كان سعيدا بحزنه وبوحدته؛ مكتفيا بدخله البسيط كأستاذ للأدب العربي، وبغرفته الجامعية الصغيرة، وبديوانين شعريين...). الرواية، ص: 145. (كنا في سنة 1973. كان عمره ثلاثين سنة، وديوانين، ما يقارب الستين قصيدة، وما يعادلها من الأحلام المبعثرة). الرواية، ص: 152. |
26-زيارة زياد لصديقه خالد بباريس في أيلول 1981. |
19- (...حتى ذلك اليوم الذي تحسنت أحواله المادية، وحصل على شقة وكان على وشك الزواج من إحدى طالباته التي أحبها بجنون، والتي قبل أهلها أخيرا تزويجها منه. عندما قرر فجأة أن يتخلى عن كل شيء، ويعود إلى بيروت ليلتحق بالعمل الفدائي...). الرواية، ص: 145. (ذات يوم، رحل زياد بعد حرب أكتوبر بشهرين أو ثلاثة. عاد إلى بيروت لينضم إلى الجبهة الشعبية التي كان منخرطا فيها قبل قدومه إلى الجزائر). الرواية، ص: 152. |
27-تعرف زياد على حياة ووقوعها في حبه، أدى إلى جفاف علاقتها بخالد، قبل انقطاعها تماما. |
26- (هذه المرة كان يريد أن يخبرني أنه قد يحضر إلى باريس في بداية ايلول. وأنه ينتظر جوابا سريعا مني ليتأكد من وجودي في باريس في هذه الفترة). الرواية، ص: 192. (جاء زياد. واستيقظ البيت الذي ظل مغلقا لشهرين في وجه الآخرين...). الرواية، ص: 196. |
28-سفر خالد إلى إسبانيا لإقامة معرض للرسم. |
27-(له قلت: سنتغدى غدا مع صديقة كاتبة..لا بد أن أعرفك عليها..). الرواية، ص: 197. (على الهاتف قلت لك: تعالي غدا للغداء في ذلك المطعم نفسه..فأنا أحمل لك مفاجأة لا تتوقعينها..). الرواية، ص: 198. (كنت أكتشف بحماقة أنني صنعت قصتكما بيدي. بل وكتبتها فصلا فصلا بغباء مثالي، وأنني عاجز عن التحكم في أبطالي...كيف يمكن أن أفك صلة الكلمة التي كانت تجمعكما بتواطؤ، وأمنع كاتبة أن تحب شاعرا تحفظ أشعاره عن ظهر قبل؟ وكيف أقنعه هو الذي ربما لم يشف بعد من حبه الجزائري السابق، ألاّ يحبك أنت التي جئت لتوقظي الذاكرة، وتشرعي نوافذ النسيان؟). الرواية، ص: 203. |
29-عودة خالد من إسبانيا. |
28-(...ثم جاء ذلك السفر الذي كدت أنساه. ربما كانت تلك أكثر تجاربي ألما على الإطلاق. فقد كان علي أن أترككما عشرة أيام كاملة...سافرت يومها وأنا أحاول أن اقنع نفسي أنها فرصة لنا جميعا، لنضع شيئا من الترتيب في علاقتنا، وأنه كان لا بد لأحدنا أن يتغيب لتحسم هذه الأمور الغامضة بيننا نهائيا). الرواية، ص: 214. |
30- سفر صديقه زياد إلى لبنان في أيار 1981. |
29-(استقبلني زياد بشوق. (أكان حقا سعيدا بعودتي؟). أمدني بالبريد الذي وصل أثناء غيابي، وبورقة سجل عليها أسماء الذين طلبوني هاتفيا خلال تلك الأيام...). الرواية، ص: 220. |
31-استشهاد زياد في لبنان شهر أكتوبر من سنة 1982. |
30-(...لأنني سأسافر الأحد...لأنني يجب أن أعود.. كنت أنتظر فقط عودتك لأسافر. لم يكن مقررا أن أبقى هنا أكثر من أسبوعين. لقد قضيت شهرا كاملا ولا بد أن أعود). الرواية، ص: 221. (رحل زياد..وفرغ البيت منه فجأة كما امتلأ به). الرواية، 225. |
32-فتح خالد الحقيبة التي تركها زياد، جعله يكتشف سر علاقتها به؛ لأنه وجد بداخلها تلك الرواية غير الموقعة، التي حصل منها هو على نسخة في يوم ما، بحجة أنها لا تضع توقيعا لمن تحبهم، مما أكد كل شكوكه وظنونه، ويكون حينها قد عثر على دليل صارخ للخيانة، مما أفضى إلى انقطاع حبل العلاقة بينهما. |
31- (مات زياد..وها هو خبر نعيه يقفز مصادفة من مربع صغير في جريدة إلى العين..ثم إلى القلب.. فيتوقف الزمن. يتكور النبأ غصة في حلقي، فلا اصرخ..ولا أبكي...). الرواية، ص: 247. |
33-قبول حياة الزواج بسي مصطفى. |
32-(كان لا بد أن أفتح تلك الحقيبة.. لأغلق أبواب الشك. أخذت ذلك القرار ذات ليلة سبت، بعد مرور أسبوع على قراءتي خبر استشهاد زياد). الرواية، ص: 253. (...وأركض إلى الصفحة الأولى بحثا عن الإهداء، فتقابلني ورقة بيضاء..دون كلمة واحدة. دون توقيع أو إهداء. فأشعر بنوبة حزن تشل يدي، وبرغبة غامضة للبكاء. لمن منا أهديت نسختك المزورة؟ وكلانا يملك منك نسخة دون توقيع؟). الرواية، ص: 256. |
34-دعوة سي الشريف لخالد من أجل حضور زفاف ابنة أخيه حياة. |
34-(...أتدري لماذا طلبتك الليلة؟ إنني قررت أن أصحبك معي إلى قسنطينة...لحضور عرس ابنة أخي الطاهر...). الرواية، ص: 268. |
35-سفر خالد من باريس إلى قسنطينة لحضور حفل زفاف حياة. |
33-(...كنت أتوقع لك قدرا غير هذا..كيف قبلت أن ترتبطي به؟). الرواية، ص: 276. |
36-رفض ناصر أخو حياة واعتراضه على زواجها من سي مصطفى |
35- (عشر سنوات من الغياب، وها هو ذا الرجوع المفاجئ. كنت أتوقع لقاء غير هذا...ها نحن نسافر –أخيرا معا- أنا وأنت..نأخذ طائرة واحدة لأول مرة. ولكن ليس للرحلة نفسها..ولا للاتجاه نفسه). الرواية، ص: 283. |
37-زواج حياة بسي مصطفى. |
6-(يوم 10 نوفمبر 1955، وبعد صلاة المغرب، وبين الساعة السابعة والثامنة مساء بالتحديد، كان مصطفى بن بوالعيد ومعه عشرة من آخرون من رفاقه، قد هربوا من (الكديا)، وقاموا بأغرب عملية هروب من زنزانة لم يغادرها أحد ذلك اليوم..سوى إلى المقصلة). الرواية، ص: 323. |
38- عودة خالد إلى باريس بعد حضوره حفل زواج حياة. |
36-(تصور بماذا طلع لي ناصر اليوم؟ إنه لا يريد أن يحضر عرس أخته... إنه ضد هذا الزواج.. ولا يريد أن يلتقي بالضيوف ولا بالعريس.. ولا حتى بعمه!). الرواية، 339. |
39-زيارة حسان باريس لشراء السيارة التي وعده بها خالد. |
37- (...اختصرت ذلك الموقف العجيب مرة أخرى في كلمة. قلت: كل شيء مبروك...أسلم على العريس الذي يقبلني بشوق صديق قديم لم يلتق به منذ مدة...). الرواية، ص: 352. |
40-موت أخيه حسان بالعاصمة خطأ في أحداث أكتوبر 1988. |
38- (غدا سأعود إلى باريس). الرواية، ص: 366. (نعم..من الأرجح أن أسافر غدا..). الرواية، ص: 370. |
41-عودة خالد النهائية إلى أرض الوطن، وإلى مدينته قسنطينة مكرها لتشييع جثمان أخيه حسان، ومن أجل التكفل بعائلته. |
39-(وكان يحدث لأخبار الوطن أن تأتيني أيضا تارة في جريدة، وتارة في مجالس أخرى. وتارة عندما زارني حسان بعد ذلك لآخر مرة ليشتري تلك السيارة التي وعدته بها..). الرواية، ص: 383. |
42-خالد يتصفح بالمصادفة إحدى المجلات الجزائرية، فإذا به تستوقفه صورة لحياة، بمناسبة صدور كتابها الجديد. |
40- (ولكن مات حسان..ولم يعد اليوم وقت للحديث عن الشهداء...ذات يوم من أكتوبر88، جاء خبر موته هكذا صاعقة يحملها خط هاتفي مشوش، وصوت عتيقة الذي تخنقه الدموع...مات حسان، خطأ برصاصة خاطئة، على رصيف الحلم...). الرواية، ص: 387، 388، 389. |
43-خالد يختار الفاتح من نوفمبر 1988 تاريخا لبداية كتابة الكتاب أو الرواية. |
41- (ها هي ذي قسنطينة مرة أخرى..تلك الأم الطاغية التي تتربص بأولادها، والتي أقسمت أن تعيدنا إليها ولو جثة...لا حسان سيغادرها إلى العاصمة..ولا أنا سأقدر على الهرب منها بعد اليوم...). الرواية، ص: 391. (...إن حسان هناك في مدينة أخرى، ينتظرني في ثلاجة، وأن أولاده الستة لم يعد لهم غيري). الرواية، ص: 400. (غادرت الوطن في زمن لحظر التنفس..وها أنا أعود غليه مذهولا في زمن آخر لحظر التجول...ها أنا أصبحت إذن الابن الشرعي لهذه المدينة التي جاءت بي مكرها مرتين. مرة لأحضر عرسك..ومرة لأدفن أخي...). الرواية، ص: 403. |
وربما من أجل توضيح المسألة أكثر، نستعين بالمخطط الآتي الذي يبين بوضوح عدم التوافق بين زمن القصة وزمن الخطاب في سيرورتهما؛ إذ يشتغل الأول بطريقة منطقية، بينما يشتغل الثاني على الخلخلة الزمنية لترتيب الأحداث، و على التصرف في طبيعتها الخطية.
43 41
42 40
41 39
40 38
39 37
38 36
37 06
36 35
35 33
34 34
33 32
32 31
31 30
30 29
29 28
28 27
27 26
26 19
25 18
24 25
23 20
22 14
21 23
20 21
19 24
18 12
17 13
16 11
15 17
14 22
13 15
12 16
11 09
10 10
09 08
08 07
07 01
06 03
05 05
04 04
03 02
02 43
01 42
زمن القصة زمن الخطاب
إذا كان زمن القصة يخضع للتسلسل المنطقي والطبيعي للأحداث، فإن زمن الخطاب يعمل على كسر هذا المنطق، وهذه الخطية، وقد تبين لنا من خلال الجدول والمخطط السابقين ذلك الاختلال الحاصل، وذلك التزييف أو التشويش الذي طرأ على زمن القصة، ولاحظنا كيف أن السارد بدأ الرواية بآخر حدث جرى في واقع القصة، وهو أحداث أكتوبر 1988، وانتهى إليه في الأخير، مما جعل زمن الخطاب، يتميز بالدائرية والانفتاح، وكانت بذلك بداية الرواية فاتحة لنهايتها[1]؛ وقد جاء على لسان السارد (خالد) في الرواية، وهو يبحث عن منطلق يبدأ به قصته التي ربطته بغريمته "حياة"، قوله: "ولقصتك معي عدة بدايات، تبدأ مع النهايات غير المتوقعة ومع مقالب القدر"[2]، وفي هذا إشارة أيضا، إلى وعيه بحتمية المصير الذي انتهى إليه، وأنه آن الأوان كي يواجه الحقيقة، ويرفع التحدي بالكتابة عن موضوع علاقته بحياة "ووضع حد لهذا الحب ونسيانها والانتقام منها بقتلها على الورق وتأليف رواية عن قصة حبه معها"[3]، على شاكلة ما كانت تفعله، وهو ما دفعه إلى تذكيرها، وتبرير فعل القتل بالكتابة، بقوله: "ألم تكوني امرأة من ورق. تحب وتكره على ورق. وتهجر وتعود على ورق. وتقتل وتحيي بجرة قلم"[4]. وقوله: "دعيني أعترف لك أنني في هذه اللحظة أكرهك، وأنه كان لا بد أن أكتب هذا الكتاب لأقتلك به أيضا. دعيني أجرب أسلحتك.."[5]. وقوله كذلك :"ستقولين لماذا كتبت لي هذا الكتاب إذن؟ وسأجيبك أنني أستعير طقوسك في القتل فقط. وأنني قررت أن أدفنك في كتاب لا غير"[6]. وبهذا تكون الكتابة وسيلة للنجاة والخلاص، أو بالأحرى مقبرة لدفن الذكريات.
1-3-المفارقات الزمنية:
لا يمكن تحديد المفارقات الزمنية إلا بتحديد النقطة الزمنية الأولى التي انطلق منها الحكي، أو ما يسمى بزمن المحكي الأول، وفي رواية ذاكرة الجسد، يختار السارد تاريخ الفاتح من نوفمبر لبداية أحداث الرواية. يقول: "(ربما غدا أبدأ الكتابة حقا.
أحب دائما أن ترتبط الأشياء الهامة في حياتي بتاريخ ما..يكون غمزة لذاكرة أخرى.
أغرتني هذه الفكرة من جديد، وأنا أستمع إلى الأخبار هذا المساء وأكتشف، أنا الذي فقدت علاقاتي بالزمن، أن غدا سيكون أول نوفمبر..فهل يمكن لي ألا أختار تاريخا كهذا، لأبدأ به هذا الكتاب؟
غدا ستكون قد مرت 34 سنة على انطلاق الرصاصة الأولى لحرب التحرير، ويكون قد مر على وجودي هنا ثلاثة أسابيع، ومثل ذلك من الزمن على سقوط آخر دفعة من الشهداء...)[7]
في هذا المقطع، يكتشف القارئ زمن المحكي الأول، ويتمكن من تحديده بسهولة، ذلك لأن السارد يذكر تصريحا لا تلميحا التاريخ الذي يبدأ به أول أحداث الرواية الذي تزامن مع الذكرى الرابعة والثلاثين لاندلاع ثورة التحرير المجيدة، لذلك وبعد مرور أربع وثلاثين سنة يكون تاريخ الفاتح من نوفمبر 1988 هو حاضر السرد، والنقطة الزمنية الأولى التي تنطلق منها أحداث الرواية، ويبنى على أساسها زمن الخطاب، وتتحدد من خلالها الاسترجاعات والاستباقات.
1-3-1-زمن المحكي الأول: غدا سيكون أول نوفمبر (إشارة إلى تاريخ 01 نوفمبر 1954)+ غدا ستكون قد مرت 34 سنة على انطلاق الرصاصة الأولى لحرب التحرير. (1954+34= 01 نوفمبر 1988). فإذا كان زمن المحكي الأول، يتحدد حسابيا بتاريخ 01 نوفمبر 1988؛ فإن حاضر السارد المخاطب في الرواية، قد ينبئ بتاريخ سابق هو 31 أكتوبر 1988. لكنه في كلتا الحالتين، يكون زمن المحكي الأول محددا، ويكون -تبعا لذلك- تحديد المفارقات الزمنية واكتشافها أمرا ممكنا، ميسورا.
1-3-2-الاسترجاعات:
تصنف رواية ذاكرة الجسد في دائرة السرد الاسترجاعي بامتياز؛ لأنها قائمة بشكل كبير على الاسترجاع الذي يمتح من الذاكرة، ومن أحداث الماضي والتاريخ الوطني لحرب التحرير، وبذلك فقد شكل الاسترجاع ظاهرة لافتة، وخصوصية بارزة فيها. ولعل مما أضفى عليها هذه المسحة الاسترجاعية أيضا، كونها أقرب إلى الرواية السيرذاتية، لأن البطل خالد، عمد إلى سرد أحداث وقعت في الماضي، تخص بعض الجوانب من سيرة حياته الشخصية، أو أحداث كان هو طرفا مشاركا فيها، وشاهدا على خباياها وأسرارها، ولذلك راح يستعين بمخزون ذاكرته في استحضار الماضي، بهدف ترهينه في الحاضر، وبغية مساءلته ومحاكمته، ومن أجل تفسير تحولاته وتقلباته، وكشف أسباب ارتباط الذاكرة بالجسد أو العكس.
ولعل "المتأمل لأحداث الرواية من أولها إلى آخرها، يجدها وليدة هذه الذاكرة المرتبطة بالجسد، فكانت شاهدة عليه حافظة لأسراره وماضيه الطويل، ومن هنا يتحول الجسد إلى ذاكرة لما يحمله من أخاديد وأغوار متعلقة بذلك الماضي، حيث الثورة والاستعمار وما عقب الثورة من حقائق جعل الجسد يتحول لذاكرة، يحمل أسراره وخفاياه خاصة هذه اليد المبتورة التي تطرح أكثر من علامة استفهام...وإذا كان الكلام ينطبق على شخصية السارد لأحداث هذه الرواية التي تملها ذاكرته، فإنها أيضا تنطبق على...شخصية حياة التي تمثل الشخصية المحورية والرئيسية مع شخصية [السارد]... ولذا نجد جسد حياة هو الجزائر وجسد كاترين هو فرنسا وجسد خالد هو الجزائر في تاريخها وماضيها ونضالها وبالتالي كان [السارد] شاهدا على الجزائر من ميلادها حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن من خلال حياة وشاهدا على فرنسا التي كانت جزءا من خلال كاترين"[8]. وعلى هذا الأساس "تتوزع النهايات في الرواية، فتجعل الزمن فيها ناكصا مرتدا ارتدادا ذا وجوه مختلفة"[9]؛ إذ كلما شغل السارد ذاكرته، كلما نتج عن ذلك ضروب شتى ومتعددة للسرد الاسترجاعي القائم على الزمن المرتد الهابط. "هذا الزمن الهابط هو الذي قامت عليه الرواية من خلال تقديمها لنا ومنذ البداية نهايتها، ثم يرتد الزمن إلى الماضي ليعرفنا بالمكان والشخصيات وأحوالها التي مرت بها والأحداث الكبرى والصغرى التي أوصلتها إلى تلك النهاية"[10]. فمن تذكر السارد حدث دخوله سجن الكديا، إلى حدث اندلاع الثورة التحريرية وموت والدته، ثم التحاقه بالجبال، إلى إصابته في ذراعه اليسرى وانتقاله إلى تونس من أجل العلاج، وممارسته الرسم، إلى حدث تعرفه على زياد وحياة وكاترين، إلى زواج حياة، وموت حسان...وغيرها من الأحداث القائمة على التذكر والرجوع بالذاكرة إلى الوراء. وسنحاول في الجدول الآتي تحديد بعض الاسترجاعات ووظائفها في الرواية.
الاسترجاع |
وظيفته |
الصفحة |
(عندما قرأت ذلك الخبر منذ شهرين، لم أتوقع إطلاقا أن تعودي فجأة بذلك الحضور الملح، ليصبح كتابك محور تفكيري، ودائرة مغلقة أدور فيها وحدي). |
رجوع السارد إلى هذا الحدث، لأنه كان سببا مباشرا في اتخاذ قرار كتابة الرواية، ومن أجل تبرير موقفه من إنهاء علاقته بحياة من خلال لجوئه إلى الكتابة وقتلها على الورق. |
الصفحة:20 |
(ذات يوم منذ أكثر من ثلاثين سنة سلكت هذه الطرق، واخترت أن تكون تلك الجبال بيتي ومدرستي السرية التي أتعلم فيها المادة الوحيدة الممنوعة من التدريس). |
الرجوع بالذاكرة إلى تاريخ التحاقه بصفوف المجاهدين في ثورة التحرير، في إشارة صريحة إلى استحضار تاريخه الحافل بالبطولات. |
الصفحة:25 |
و(كان سجن (الكديا) وقتها، ككل سجون الشرق الجزائري يعاني فجأة من فائض رجولة، إثر مظاهرات 8 ماي 1945 التي قدمت فيها قسنطينة وسطيف وضواحيها أول عربون للثورة...). |
إضاءة هذا الحدث التاريخي المعبر عن تضحيات الشعب ونضاله من أجل ظفره بحريته، وكذا التعريف بهذا السجن الذي دخله خيرة أبطال الثورة. |
الصفحة: 30 |
(أي صدفة..أن يعود القدر بعد عشر سنوات تماما، ليضعني مع (سي الطاهر) في تجربة كفاحية مسلحة هذه المرة ! سنة 1955..وفي شهر أيلول بالذات، التحقت بالجبهة. كان رفاقي يبدأون سنة دراسية ستكون الحاسمة، وكنت في عامي الخامس والعشرين أبدأ حياتي الأخرى). |
التغني بمصاحبته لشخصية فذة، هي شخصية الشهيد سي الطاهر والإشادة بانضمامه إلى صفوف الجبهة. |
الصفحة: 32، 33 |
-(مات (سي طاهر) طاهرا على عتبات الاستقلال... ست ساعات من الحصار والتطويق، ومن القصف المركز لدشرة بأكملها ليتمكن قتلته من نشر صورته على صفحات جرائد الغد كدليل على انتصاراتهم... استشهد هكذا في صيف 1960 دون أن يتمتع بالنصر ولا بقطف ثماره..). |
تخليد ذكرى استشهاد قائده سي الطاهر، والإشادة بمسيرته النضالية الحافلة بالبطولات والانتصارات. |
الصفحة: 45. |
(ويعود فجأة، حديث قديم بيننا إلى البال. حديث مرت عليه اليوم ست سنوات. في ذلك الزمن الذي كنت تجدين فيه شبها بيني وبين زوربا. الرجل الذي أحببته الأكثر حسب تعبيرك، والذي كنت تحلمين بكتابة رواية كروايته، أو حب رجل مثله). |
بعد زواج حياة، يستحضر خالد ذلك الحديث الذي دار بينه وبين حياة يوما، وهو مندهش، متحصر، غير مصدق لما يحصل له. وكأنه في استحضاره لهذا الحديث يريد أن يضمد به جراحه، ويخفف به من حدة فواجعه وآلامه وأحزانه، وما استحضار شخصية زوربا إلا على سبيل المفارقة، لأنه لم يتحقق معه ذلك الشبه الذي كانت تراه حياة بينهما، لأن علاقته بها وصلت إلى النهاية على خلاف علاقة زوربا بصديقه المثقف التي كان يميزها المحبة والصدق والوفاء الذي لم يكن مع حياة. |
الصفحة: 390 |
1-3-3-الاستباقات:
إذا كانت رواية ذاكرة الجسد رواية قائمة على الاسترجاع واستحضار الذاكرة، إلا أن ذلك لا يمنع من اندراجها ضمن الرواية الاستباقية؛ لأن حقيقة السرد الذاتي بضمير المتكلم (أنا) تقوم على الاستشراف لأن السارد يعلم مسبقا ما وقع قبل بداية لحظة السرد وبعدها[11]. ومن خلال الجدول الآتي سنحاول اكتشاف بعض الاستباقات ووظائفها في الرواية.
الاستباق |
وظيفته |
الصفحة |
(الحب هو كل ما حدث بيننا. والأدب هو كل ما لم يحدث. يمكنني اليوم بعدما انتهى كل شيء أن أقول: هنيئا للأدب على فجيعتنا إذن فما أكبر مساحة ما لم يحدث. إنها تصلح اليوم لأكثر من كتاب). |
لئن كان المقطع الأول يمثل استرجاعا، يعبر من خلاله السارد عن علاقة الحب التي جمعته بحياة؛ فإن المقطع الثاني، يعد استشرافا لما لم يحدث وهو الأدب، وإعلانا مسبقا عن إنهاء العلاقة وتخليدها في كتاب. |
الصفحة: 7 |
(إنه قانون الحماقات، أليس كذلك. أن أشتري مصادفة مجلة لم أتعود شراءها، فقط لأقلب حياتي رأسا على عقب!). (كان فيهما شيء من الغرق اللذيذ المحبب..وربما نظرة اعتذار مسبقة عن كل ما سيحل بي من كوارث بعد ذلك بسببهما). |
تنبؤ السارد انقلاب حياته رأسا على عقب بمجرد شرائه للمجلة ومشاهدة صورة حياة عليها. |
الصفحة: 16/69. |
(غدا ستكون قد مرت 34 سنة على انطلاق الرصاصة الأولى لحرب التحرير...لذا سيكون الغد يوما للحزن مدفوع الأجر مسبقا). |
استباق حدث لم تصل إليه لحظة السرد بعد، وهو ذكرى اندلاع ثورة التحرير المجيدة. |
الصفحة: 24 |
(وأدري..ستقول إشاعة ما إن هذا الكتاب لك. أؤكد لك سيدتي تلك الإشاعة. سيقول نقاد يمارسون النقد تعويضا عن أشياء أخرى، إن هذا الكتاب ليس رواية، وإنما هذيان رجل لا علم له بمقاييس الأدب. أؤكد لهم مسبقا جهلي، واحتقاري لمقاييسهم. فلا مقياس عندي سوى مقياس الألم، ولا طموح لي سوى أن أدهشك أنتِ، وأن أبكيك أنت، لحظة تنتهين من قراءة هذا الكتاب..فهناك أشياء لم أقلها لك بعد). |
تنبؤ السارد بأن حياة ستقول بأن كتابة الكتاب لها إشاعة، وأن النقاد سيقولون أنه ليس رواية، كما أنه يستبق الأمور في الحكم على مقاييسهم، فضلا عن توقعه دهشتها وبكائها حينما تنتهي من قراءة الكتاب، لأن هناك أشياء لم يقلها لها بعد. |
الصفحة: 386، 387 |
[1]: ينظر، شهرزاد حرز الله، الفن الروائي عند أحلام مستغانمي، دار الغرب للنشر والتوزيع، وهران، 2010، ص: 180.
[2]: أحلام مستغانمي، ذاكرة الجسد، ص: 42.
[3]: حكيمة سبيعي، خطاب الرواية عند أحلام مستغانمي، دار زهران للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط1، 2014، ص: 84.
[4]: ذاكرة الجسد، ص: 16.
[5]: الرواية، ص: 48.
[6]: الرواية، ص: 386.
[7]: أحلام مستغانمي، ذاكرة الجسد، ص: 23، 24.
[8]: بادي مختار، قراءة في رواية ذاكرة الجسد لأحلام مستغانمي، الملتقى الدولي العاشر للرواية عبد الحميد بن هدوقة، مديرية الثقافة لولاية برج بوعريريج، وزارة الثقافة، دار هومه، الجزائر، 92، 93، 94.
[9]: محمد الخبو، الخطاب القصصي في الرواية العربية المعاصرة، ص: 97.
[10]: كمال الرياحي، حركة السرد الروائي ومناخاته: في استراتيجيات التشكيل، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط1، 2005، ص: 111، 112.
[11]: ينظر، عبد العالي بوطيب، مستويات دراسة النص الروائي، مقاربة نظرية، مطبعة الأمنية، الرباط، المغرب، ط1، 1999، ص: 157.