المحور الثاني: التنظيم القانوني للمرحلة السابقة على إبرام العقودالالكترونية

 (مرحلة التسويق الالكتروني)

بالنظر لخصوصية العقود الالكترونية كونها عقود تبرم عبر تقنيات الاتصال الالكترونية وخصوصية هذه الوسائل التي تتم بها هذه العقود تعد أهم خاصية تميزها عن العقود التقليدية، ومن هنا يطرح التساؤل حول مدى خصوصية المرحلة السابقة عن إبرام العقود الالكترونية مقارنة بالعقود التقليدية، لاسيما من حيث إمكانية أن تسبقها مفاوضات في المرحلة السابقة على إبرامها، وكذا من حيث إمكانية استخدام الوسائط الإلكترونية المختلفة لتقديم السلع والخدمات للمستهلك والترويج لها من خلال الاشهارات الالكترونية.

المبحث الأول: التفاوض الالكتروني

غالبا ما تسبق العقود التقليدية مرحلة للتفاوض، وباعتبار العقود الالكترونية لا تختلف عن هذه العقود إلا من حيث خصوصية الوسيلة التي تبرم بها، الأمر الذي يدفعنا إلى دراسة مفهوم التفاوض الالكتروني لبيان خصوصيته في العقود الالكترونية.

المطلب الأول: مفهوم التفاوض الالكتروني

لتحديد مفهوم التفاوض الالكتروني سيتم توضيح تعريفه وخصائصه ومن ثم بيان أهميته.

الفرع الأول: تعريف التفاوض الالكتروني

تناول الفقهاء تعارف متعددة لتحديد معنى التفاوض، حيث عرفه البعض بأنه:" العملية التي تتضمن سلسلة من المحادثات وتبادل وجهات النظر وبذل العديد من المساعي بين الطرفين المتفاوضين بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن صفقة معينة".

كما عرفه البعض الآخر بأنه: "حوار أو تبادل مقترحات بين طرفين أو أكثر بهدف التوصل التوصل إلى اتفاق يؤدي إلى حسم قضية أو قضايا نزاعية بينهم وفي الوقت نفسه تحقيق المصالح المشتركة فيما بينهم أو المحافظة عليها."

كذلك عرفه جانب آخر على أنه: "المرحلة التي يتم فيها بحث كافة الجوانب الفنية والمالية والقانونية للعقد المراد إبرامه".

  وأيضاً عرف البعض على أنه: "تحاور ومناقشة وتبادل آراء وتفاعل بين الأطراف من أجل الوصول إلى اتفاق معين حول مصلحة أو حل لمشكلة ما: اقتصادية، قانونية..."

كذلك عرف جانب آخر الدعوة إلى للتفاوض بأنه: " عرض  موجه إلى شخص معين أو غير معين بقصد الدخول في مناقشات الهدف منها إبرام عقد ما ويحاول كل طرف في هذه الفترة أن يحدد مضمونا للتعاقد وفق ما تقتضيه مصلحته باذلاً في ذلك ما في وسعه من طاقة وبراعة."

يستخلص من التعاريف السابقة أن التفاوض هو تحاور ومناقشة وتبادل آراء وتفاعل بين الأطراف من أجل الوصول إلى اتفاق حول مصلحة مشتركة لأجل إبرام العقد مستقبلاً

كما أن التفاوض عملية ثنائية الجانب أساسه الاتصال والتفاعل، ولا يتحقق هذا الاتصال بين الطرفين إلا من خلال اتفاق سابق بينهما.

الفرع الثاني: خصائص التفاوض الالكتروني

1-  التفاوض على العقد ثنائي الجانب على الأقل، أي أنه يتم من خلال جانبين أو أكثر بالنقاش والتحاور وجها لوجه وأما بطريقة المراسلة إذ لا يتصور أن يحدث مفاوضات مع النفس لان التفاوض يقوم أساسا على تقريب وجهات النظر المختلفة والمصالح المتضاربة وهذا لا يمكن تصوره في الحالة الأخيرة.

2-  التفاوض الالكتروني تصرف إرادي فكل طرف له الحرية الكاملة في الدخول ومباشرة المفاوضات أو الاستمرار فيها أو الانسحاب منها ولو في اللحظة الأخيرة وأساس ذلك يرجع إلى مبدأ الحرية التعاقدية.

3-  التفاوض على العقد يقوم على الأخذ والعطاء بتعاون الأطراف على تقريب وجهات النظر من خلال تبادل المقترحات والعروض بحيث يقوم كل طرف بتقديم تنازل من جانبه من خلال إجراء تعديل في الشروط التي جاء بها.

4-  التفاوض مرحلة ذات نتيجة احتمالية إذ ليس كل تفاوض على العقد يؤدي بالضرورة إلى إبرام ذلك العقد وإنما قد ينتهي التفاوض إلى لا شيء كون التفاوض العقدي يحكمه مبدآن:

الأول مبدأ حسن النية والثاني مبدأ حرية التفاوض.

5-  التفاوض مرحلة تمهيدية لإبرام العقد فهو يهدف إلى الإعداد والتحضير لإبرام العقد النهائي وإذا كان التفاوض لا يلزم الطرفين فانه يهدف في النتيجة إلى إبرام العقد بعد أن قام الطرفان بالتمهيد له بالتفاوض للتوصل إلى اتفاقات مرحلية تقود الطرفان في النهاية لبلورتها إلى اتفاق نهائي في المحصلة.

نستنتج من ذلك أن التفاوض يكون بين طرفين أو أكثر وتتجه الإرادة إلى الدخول فيه لإبرام العقد، ويقوم على التبادل والتحاور والأخذ بتبادل المعلومات لتقارب وجهات النظر تمهيدا لإبرام العقد فضلا عن كونه احتمالي أي يمكن أن يؤدي أو لا يؤدي إلى إبرام العقد .

إن أهم خصائص التفاوض الالكتروني انه يتم بواسطة وسيلة الكترونية غير ملموسة، بحيث يتبادل أطراف التفاوض إراداتهم خلال مرحلة المفاوضات من خلال رسائل البيانات التي يتم تبادلها عبر الانترنت أيا كانت الوسيلة المستخدمة كأن تكون عن طريق البريد الالكتروني (E-mail) أو عن  طريق الدخول إلى الموقع (Web-site) أو عن طريق المحادثة ( (Chattingأو الفيسبوك (facebook) وهذه الوسائل باستخدام واحدة منها سوف نطلق على التفاوض بانه تم بطريقة الكترونية ويسمى عندئذ بالتفاوض الكتروني.

الفرع الثالث: أهمية التفاوض الالكتروني

يعتبر من أساسيات العقود القيام بالمفاوضات التي تستغرق الوقت والجهد والتخصص في الدراسة، لاسيما في المجال الالكتروني، وعليه يمكن القول:

-   تكمن أهمية مرحلة التفاوض في الحد من الإشكالات القانونية التي قد تظهر في المستقبل فتأثر على عملية إبرام العقد و إتمامه، سواء من جراء عدم الالتزام بالعقد أو لجهل أحد أطراف العقد بمسألة مرتبطة بالعقد وتنفيذه، إذ يتم من خلال التفاوض الإعداد والتحضير للعقد عن طريق البحث في كافة الجوانب القانونية والفنية وبيان شخص الطرف الآخر وموقفه القانوني والفني.

-   إن التفاوض رغم الصعوبات المتعلقة بالسلعة والشخص فانه يتمتع بايجابيات منها ما تتعلق بتوفير الوقت والنفقات لأنه يجري من خلال رسائل البيانات التي يتبادلها أطراف التفاوض

-   للعملية التفاوضية أهمية في عملية تفسير العقد فمن خلال التفاوض يستنأس القاضي في معرفة المقاصد الحقيقة للمتعاقدين في حالة غموض أو وجود نقص في بنود العقد بالمفاوضة كقرينة قضائية أو كظرف من الظروف الواقعية التي تحيط بالنزاع 

-   للمفاوضة أهمية تنبع من حيث كونها تلحق بالعقد باعتبارها جزءا من العقد للاستفادة منها لتكملة العقد كالإحالة إليها مثلاً فيما يتعلق بالسعر أو محل البيع أو غيره ففي مثل هذه الحالات تعد المفاوضات جزءا لا يتجزأ من العقد

-      تبرز أهميتها كذلك فيما يتعلق بتحديد القانون الواجب التطبيق على العقد ذات الطابع الدولي عندما يثار نزاع على تطبيقه بين طرفيه ، فضلاً عن كونها وسيلة لتسوية المنازعات التي قد تنشأ بين الطرفين اللذان أبرما اتفاقا بذلك في مرحلة التفاوض ،وكونها وسيلة لإزالة القلق والتردد بين الطرفين الذي يخلق الرغبة لكلاهما في التفكير بتأني في التحقق من ملائمة العقد للظروف والتطلعات فتكون المفاوضة وسيلة لتهيئة انسب الظروف وأكثرها ملائمة لإبرام العقد النهائي

المطلب الثاني: الجزاء المترتب عن الإخلال بالتفاوض الالكتروني

يميز الفقه الحديث بين صورتين من المفاوضات أولهما غير المصحوبة باتفاق التفاوض أي دون اتفاق يتضمنها وهي تعتبر مجرد عمل مادي لا يرتب أثرا قانونياً إلا إذا صاحبها خطأ أدى إلى وقوع الضرر.

وثانية هي مصحوبة باتفاق التفاوض أي تتم بناءً على اتفاق صري بين الطرفين، غالباً ما يكون مكتوباً، يعد هنا تصرف قانوني لوجود علاقة عقدية بين الأطراف، وملاحظة أن الاتفاق على التفاوض لا يلزم الطرف بإبرام العقد النهائي لأن الالتزام بالتفاوض بناءً على عقد تفاوض هو التزام ببذل عناية وليس لتحقيق نتيجة، قد يتم النص فيه على بعض الالتزامات التي تحكم سير المفاوضات وغالباً ما يتضمن شروط تنظم هذه المرحلة مثل: الالتزام بعدم الدخول في مفاوضات موازية – الالتزام بالسرية – وتحديد مدة معقولة للاستمرار في التفاوض...

  وعليه، لا يترتب عن قطع المفاوضات أية مسئولية إلا بوجود خطأ مادي أو معنوي سبب ضرراً للطرف الآخر، وأيّاً كان أساس هذه المسئولية فإن قيامها لا يتحقق إلا إذا اكتملت عناصرها المتمثلة في الخطأ والضرر والعلاقة السببية.

  تجدر الإشارة إلى أنه لا يشترط لقيام المسئولية عند العدول عن التفاوض ثبوت قصد الطرف الذي عدل إلحاق الضرر بالطرف الآخر، بل يكفي اقتران العدول بخطأ أو تقصير أو تعسف...

المطلب الثالث: موقف المشرع الجزائري من التفاوض الالكتروني

لم يرد في التشريع الجزائري نص صريح وواضح ينظم مسألة المفاوضات في مرحلة ما قبل العقد النهائي كنتيجة لذلك لم يعمل على تحديد الأثر القانوني المترتب عن قطع المفاوضات بدون مبرر أو سوء نية، لا في القانون المدني ولا في القانون 18-05 المتعلق بالتجارة الالكترونية.

المبحث الثاني: الإشهارات الإلكترونية

لتكنولوجيا المعلومات الحديثة دوراً رئيسياً في إحداث تطورات مختلفة في مجال تسويق السلع والخدمات، حيث أفرز استخدام تقنياتها المتطورة في هذا المجال عن ظهور أشكال حديثة لوسائل التسويق من أبرزها الاشهارات الالكترونية، وقد زادت أهميتها بازدياد أهمية شبكة المعلومات العالمية كوسيط إعلامي هائل ساهم في انتشار هذه الاشهارات و في تطورها بشكل كبير ومتسارع، الأمر الذي جعلها تحتل مكانة متميزة لدى المتعاملين الاقتصاديين.

وفي ظل انتشار ظاهرة التسوق عبر شبكة الانترنت مع ما يشهده العالم في الآونة الأخيرة من اهتمام متزايد بالتجارة الالكترونية، اتجه المشرع الجزائري إلى إحاطة الاشهارات الالكترونية بمجموعة من الضوابط القانونية يتعين على كل مورد الكتروني مراعاتها في إشهاراته حتى تتسم بالنزاهة والمشروعية.

المطلب الأول:  مفهوم الإشهارات الإلكترونية

يعد الإشهار الإلكتروني أحد أنواع الإشهارات التجارية غير أن ما يميزه هو نوع الوسيلة التي يبث عبرها و من أهمها شبكة الانترنت و التي تمكنت من إدخال  شكلاً جديداً للإشهار يقوم على تقديم خدمة خاصة للعملاء تبعا لأذواقهم ونسبة تكاليف أقل من الطرق التقليدية، ولتحديد مفهوم الاشهارات الالكترونية لابد من تعريفها ثم بيان محل هذه الممارسات التي يسعى المعلن من خلالها إلى جذب المستهلكين لاقتنائها.

يمثل الإشهار التجاري وسيلة من وسائل الاتصال التي يهدف بموجبها المعلن إلى الإعلان عن منتوجاته و خدماته للجمهور، ويرتكز المعلن في ذلك على مضمون رسالته الاشهارية الموجهة للجمهور سواء من خلال النص أو الصورة أو عبر الصوت، باستخدام مختلف الوسائل الاشهارية بما في ذلك الوسائط الالكترونية المتنوعة.

الفرع الأول: تعريف الإشهارات الإلكترونية

يعتبر الإشهار الالكتروني من المصطلحات الحديثة المتداولة بكثرة في مجال تكنولوجيا الإعلام والاتصالات الحديثة، و قد تعددت وتنوعت المسميات التي أطلقت عليه من: الإشهار على الانترنت والإشهار الرقمي والإشهار الذكي والإشهار الافتراضي و الإشهار العابر للحدود والإشهار على الخط...إلخ، إلا أنها في نهاية المطاف تصب في ذات الاتجاه والسياق.

و بالرجوع لأحكام القانون 04-02 المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية في المادة 3/3 منه و التي عرفت الإشهار بوجه عام على أنه :" كل إعلان يهدف بصفة مباشرة أو غير مباشرة إلى ترويج بيع السلع أو الخدمات، مهما كان المكان أو وسائل الاتصال المستعملة يتبين لنا بوضوح تبني المشرع الجزائري لتعريف موسع للإشهار التجاري يسمح بإدخال كافة أشكال الاتصالات المستخدمة، مادامت تهدف إلى الترويج عن السلع و الخدمات، و جذب العملاء و حثهم على الاقتناء، بما في ذلك الإشهارات التي تتم عبر شبكة الانترنت بعدما أصبحت هذه الأخيرة تستخدم كدعامة إعلانية.

كما أكدت على نفس هذا المضمون الفقرة 06 من المادة 06 من القانون 18-05 المتعلق بالتجارة الالكترونية عند تعريفها للإشهار الالكتروني بأنه:" كل إعلان يهدف بصفة مباشرة أو غير مباشرة إلى ترويج بيع سلع أو خدمات عن طريق الاتصالات الالكترونية ".

و أهم ما يلاحظ من فحوى هاذين التعريفين، وصف المشرع الجزائري  للإشهار بأنه " إعلان"  تأكيداً منه على أهم خاصية يتميز بها الإشهار ألا وهي العلانية و الجهر في مخاطبة الجمهور، و كذا عدم إشارته إلى أطراف هذا الإشهار و هم: المعلن (المورد الالكتروني) و الوكالة الاشهارية و الطرف المتلقي له سواء كان مستهلك الكتروني أو مورد الكتروني آخر.

فضلا عن ذلك، أبرز المشرع الجزائري من خلال هذا التعريف الهدف المرجو من الإشهار، ألا و هو ترويج  بيع السلع و الخدمات لجذب المستهلك و حثه على اقتنائها، سواء تم ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، كما اشترط في عرض هذا الإشهار استخدام وسيلة من وسائل الإتصال الالكترونية، كالانترنت أو الهاتف المحمول، أو أية وسيلة أخرى الكترونية قد تظهر مستقبلا نتيجة التطور التكنولوجي، لأن هذه التقنيات الحديثة هي التي تضفي عليه الطابع الالكتروني الذي يميزه عن الإشهار التقليدي.

أما من الناحية الفقهية فيعرفه البعض بأنه:" الإشهار الذي يتم عبر الوسائل الإلكترونية، وأشهرها الذي ينشر عبر الشبكة العنكبوتية (الانترنت) ويهدف إلى الترويج لبضاعة أو تسويق خدمة أو دعاية لموقع إلكتروني أو غيره"، و هو بذلك يشمل جميع أشكال العرض الترويجي المقدم من معلن معين، من خلال شبكات الانترنت.

كما يعرفه البعض الآخر بأنه: " تلك المعلومات الموضوعية التي توضع تحت تصرف الجمهور عبر مواقع الانترنت والمتعلقة بالسلع والخدمات ذات طبيعة إشهارية، تهدف إلى دفع الأشخاص الذين يدخلون إلى الموقع إلى شرا تلك السلع أو الخدمات."

و بالرغم من تعدد هذه التعاريف إلا أنها تشترك في التأكيد على أن الإشهار الالكتروني ما هو إلا أسلوب فني جذاب في تقديم السلعة أو الخدمة للمستهلك بشكل يشوقه للحصول عليها و من ثم اقتنائها باستخدام مختلف وسائل الاتصال الالكترونية، ومهما تنوعت وتعددت هذه الوسائل الحديثة فإن هذا الإشهار لا يخرج عن كونه:"إبداع فكري يعتمد على أسس علمية للتأثير على المستهلك من أجل تحقيق غاية اقتصادية، و هي تصريف المنتوجات و الخدمات و زيادة الأرباح".

تجب الإشارة، إلى أن الإشهار الالكتروني يثير إشكال على مستوى الفقه حول مسألة اعتباره إيجابا من عدمه، وحسب أحكام القانون 18-05 المتعلق بالتجارة الالكترونية، فإن الإشهار الالكتروني يمكن أن يكون عرضا تجاريا الكترونيا إذا تضمن ضوابط وبيانات هذا العرض، وفي هذه الحالة يمكن اعتباره إيجابا، ومن ثم يلزم المورد الالكتروني بإتمام العقد متى ما أبدى المستهلك رغبته في التعاقد بعد تلقي هذا العرض.

و بما أن الاشهارات الالكترونية تعرض في بيئة الكترونية افتراضية مختلفة تماماً عن تلك التقليدية، لذا فإن المنتوجات أو الخدمات التي تكون محلها تتنوع هي الأخرى بين منتوجات و خدمات الكترونية وأخرى غير الكترونية.

الفرع الثاني: أشكال الإشهارات الإلكترونية

كان للتطور التكنولوجي السريع أثراً كبيراً على تطور الإشهار وتنوع أشكاله، وهي تشمل كل ما يعرض من إشهارات على شبكة الانترنت عبر وسائطها الإلكترونية المتنوعة التي يستخدمها المعلنين كدعامة لها، وتتمثل أهم هذه الأنواع في:

أولا: الاشهارات عبر مواقع الانترنت (Web site advertising) 

يعد الموقع الالكتروني من الخدمات التي ارتبط وجودها بظهور الإنترنت والتجارة الالكترونية والدفع الالكتروني، و قد أدت مزاياه المتعددة إلى إمكانية الاستفادة منه كأداة فعالة للإعلان عن المنتوجات والخدمات، مع تمكن المتصفح للموقع الالكتروني الذي يتضمن الإشهار من الحصول على تفاصيل تلك المنتوجات والخدمات المعلن عنها المتوفرة في الموقع، مما دفع بالمؤسسات والشركات التجارية إلى إنشاء مواقع خاصة بها على شبكة الإنترنت لتمثل واجهة لمتاجر الكترونية تهدف من خلالها الترويج عن منتوجاتها أو خدماتها، هذا إضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبح يلجأ إليها الكثير من التجار لتقديم عروضهم التجارية.

 غالبا ما يقوم المورد الإلكتروني بالإشهار لمنتوجاته عن طريق الإعلانات المختصرة التي تأخذ مساحة صغيرة من صفحة الويب، حيث يكون الإعلان المختصر مربوطا مع الموقع المعلن وعند النقر على الإعلان، يتم التحويل المستخدمين إلى موقع المعلن.

كذلك يتم من خلال هذه المواقع عرض كتالوجات المنتوجات والخدمات وقوائم الأسعار وهذا ما يمكن المعلن من تسويق ما لديه من منتوجات وخدمات من خلال عنوانه الالكتروني، كما يعطي الفرصة للمستهلك لمقارنة هذه السلع أو الخدمات من إعلان لآخر وله أيضا خدمة التوصيل إلى المنزل.

ثانيا: الاشهارات عبر البريد الالكتروني (E-Mail Advertising)

يعد البريد الالكتروني أكثر الأساليب المستخدمة في الإشهارية الالكترونية، كوسيلة لعرض السلع وتقديم الخدمات للمستهلكين عبر شبكة الإنترنت، حيث يساهم بصورة فاعلة في الاتصال المباشر بالعملاء المستهدفين وترويج المورد الالكتروني لمنتوجاته وخدماته لديهم، مع إمكانية إتمام التعاقد معهم من خلال توجيه رسائله الإشهارية عبر البريد الإلكتروني إلى مستخدميه، وإرفاقها بملفات متضمنة صور للمنتوجات والخدمات أو كتيبات أو تسجيلات صوتية ومقاطع فيديو.

وبالرغم من الأهمية التي يمثلها البريد الالكتروني كوسيلة للإشهار عبر الانترنت، إلا أنه يبقى محفوفا بالعديد من المخاطر أهمها الرسائل الاشهارية المكثفة المرسلة إلى المستهلكين دون طلب منهم والتي يعبر عنها بالاشهارات المزعجة أو غير المرغوب فيها "Spam".

ثالثا: الشريط الإشهاري (Advertising Banner)

هو عبارة عن إشهار مستطيل الشكل صغير الحجم بالمقارنة مع صفحة الموقع يتم وضعه في أعلى أو أسفل الصفحة، و يؤدي النقر عليه إلى موقع الويب الخاص بالمعلن، وتظهر هذه الشرائط الاشهارية بشكل تلقائي دون أن يطلبها مستخدم الموقع، ولا يستطيع في الغالب التخلّص منها لعدم وجود أيقونة لإلغائها، لذا يجد المستهلك نفسه أمام تدفق كبير من الإشهارات.

يعتبر الشريط الإشهاري أكثر إشهارات الإنترنت شيوعا و أكثرها فعالية في إثارة وجذب الانتباه بما يوفره من سرعة فائقة في الحصول على المعلومات الكافية، خاصة وأنه يحتوي على وصلات لمواقع الشركات المعنية.

رابعا: الاشهارات عبر الهواتف النقالة ( (Mobile Advertising

يوجد عدة أنماط لإشهارات الهاتف النقال أشهرها تلك التي يتم عرضها عبر خدمة الرسائل النصية القصيرة(SMS)   "Short Message Service"، أو عبر خدمة رسائل الوسائط المتعددة (MMS) " Multimedia Messaging service"، أو عن طريق(GSM)  "Global System for Mobile"  عبر خدمة النظام الشامل للهاتف النقال.

ومع التطور التكنولوجي الهائل للهواتف الذكية و ازدياد عدد مستخدميها، وأمام المنافسة القوية بين مزودي خدمات الاتصالات اللاسلكية للهاتف النقال في الجزائر، اهتم المشرع الجزائري بضبط الإشهار في هذا المجال بمقتضى القانون 2000-03 المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، الذي منح لسلطة الضّبط للبريد والمواصلات  مهمة السهر على ضمان منافسة حرة ومشروعة في هذا الإطار، و بموجبه أصدرت هذه السلطة القرار رقم 02 المؤرخ في 12/01/2011 يحدد الشروط والأحكام المطبقة على العروض الإشهارية لمتعاملي الهاتف النّقال من نوع (GSM).

المطلب الثاني: الضوابط القانونية للاشهارات الالكترونية

يتمتع المورد الالكتروني كأصل عام بحرية استعمال الإشهار كأسلوب فني جذاب في تقديم السلعة أو الخدمة للمستهلك بشكل يشوقه و يرغبه في اقتنائها، بهدف حث أكبر عدد ممكن من المستهلكين على التعاقد عليها، و من ثم زيادة مبيعاته و تحقيق غايته من الأرباح، في مقابل ذلك، يلتزم بمراعاة مبدأ نزاهة الممارسات التجارية الذي يقتضي منه أن تكون اشهاراته مشروعة ونزيهة، وذلك منعاً لأي مساس بحقوق الموردين المنافسين والمستهلكين.

الفرع الأول: ضوابط ممارسة الاشهارات الالكترونية

أخضع المشرع الجزائري ممارسة الاشهارات الالكترونية لجملة من الضوابط القانونية التي ينبغي على المورد الالكتروني مراعاتها لإضفاء المشروعية على اشهاراته، وهي كالآتي:

أولا: عدم الإشهار عن منتوجات ممنوعة من التسويق

حدد المشرع الجزائري بعض المنتوجات الممنوعة من التسويق والتعامل فيها عن طريق وسائل الاتصالات الالكترونية، وهذا حسب الفقرة 2 من المادة 3 وكذا المادة 05 من القانون 18-05 سابق الذكر، ويشمل هذا المنع كافة المنتجات الممنوع التعامل فيها، لذلك ألحق المشرع هذا المنع بالإشهار المتعلق بها، وهذا ما أكدته المادة 34 من هذا القانون بنصها على أنه: " يمنع نشر أي إشهار أو ترويج عن طريق الاتصالات الالكترونية لكل منتوج أو خدمة ممنوعة من التسويق عن طريق الاتصالات الالكترونية بموجب التشريع والتنظيم المعمول بهما ".

تتمثل المنتوجات والخدمات الممنوعة من التسويق عن طريق وسائل الاتصالات الالكترونية، الواردة في الفقرة 2 من المادة 3 فيما يلي: ير أنه، تمنع كل معـامـلة عـن طريق الاتصالات الإلكترونية تتعلق بـما يأتي:

- لعب القمار والرهان واليانصيب،

- المشروبات الكحولية والتبغ،

- المنتجات الصيدلانية،

- المنتجات التي تمس بحقوق الملكية الفكرية أو الصناعية أو التجارية،

- كل سلعة أو خدمة محظورة بموجب التشريع المعمول به،

-كل سلعة أو خدمة تستوجب إعداد عقد رسمي."

علاوة على ذلك، تمنع المادة 05 من القانون 18-05 كل معاملة عن طريق الاتصـــالات الإلكترونية في العتاد والتجهيزات والمنتجات الحساسة المحددة عن طريق التنظيم المعمول به، وكذا كل المنتجات و/أو الخدمات الأخرى التي من شأنها المساس بمصالح الدفاع الوطني والنظام العام والأمن العمومي.

ثانيا: عدم إرسال الاستبيان المباشر قبل موافقة المستهلك الإلكتروني

طبقا لنص المادة 31 من قانون 18-05 السالف الذكر: " يمنع الاستبيان المباشر اعتمادا على إرسال الرسائل عن طريق الاتصالات الالكترونية باستعمال معلومات شخص طبيعي، بأي شكل من أشكال، لم يبد موافقته المسبقة لتلقي استبيانات مباشرة عن طريق الاتصال الالكتروني"، ويرجع هذا المنع لكثرة الرسائل التي تصل المستهلك الالكتروني عن طريق الاتصالات الالكترونية، حتى أصبحت توصف بالممارسات التطفلية الالكترونية.

يقوم المورد الالكتروني باستخدام الاستبيانات الالكترونية لتجميع المعلومات بشكل مباشر من الزبائن، وتمتاز هذه الاستبيانات بسهولة تعبئتها، فما على المستهلك سوى النقر فوق صناديق الخيارات أو الاختيار من القوائم، الأمر الذي يجعل من هذه العملية سهلة ومسلية بالنسبة له.

ثالثا: عدم إرسال الإشهارات الإلكترونية للمستهلك دون تمكينه من حقه في الاعتراض على تلقيها

غالبا ما يتعمد المورد الإلكتروني بعد حصوله على عنوان البريد الإلكتروني للمستهلك، إغراقه بالرسائل الإشهارية المكثفة الخاصة بالسلع والخدمات، وقد يقوم ببيع ذلك العنوان إلى أحد الشركات التجارية لاستخدامه في الإشهار التجاري غير المرغوب فيه.

وفي هذا الإطار، ألزم المشرع الجزائري بموجب المادة 32/1 من القانون 18-15 كل مورد الكتروني بأن يضمن الحماية التقنية لبريد المستهلك من الإشهار الإلكتروني، حيث يتعين عليه أن يوفر منظومة إلكترونية تسمح لمتلقي إشهاراته الإلكترونية بالتعبير عن رغبته في عدم تلقي أي إشهار منه، وهذا دون مصارف أو مبررات.

وأبرز نظام معتمد في هذه الحالة هو نظام قائمة الرفض أو الاعتراض (Opt-Out)، حيث يعتبر سكوت المستهلك عن تلقي تلك الرسائل الإعلانية قبولا لها، في حين يستطيع أن يبدي رفضه من خلال الضغط على الأيقونة "غير موافق" أو تسجيل بريده ضمن قائمة خاصة برفض استقبال تلك الإعلانات.

كما حدد القانون 18-05 المتعلق بالتجارة الالكترونية بموجب المادة 32/2-3-4 منه الإجراءات الواجب اتخاذها بعد تسجيل الاعتراض، والمتمثلة في التزام المورد الالكتروني بتسليم وصل استلام عن طريق الاتصالات الالكترونية يؤكد من خلاله للشخص المعني (المستهلك) تسجيل طلبه في عدم تلقي أي إشهار منه، مع وجوب اتخاذ التدابير اللازمة لتلبية رغبته في غضون 24 ساعة، وتحتسب هذه المدة من وقت تسجيل الاعتراض.

رابعا: عدم إساءة استعمال البيانات الشخصية للمستهلك

تنص المادة 11 من القانون 18-05 المتعلق بالتجارة الإلكترونية، على وجوب أن يحتوي العرض الإلكتروني للمورد على بيان الشروط العامة للبيع لاسيما البنود المتعلقة بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، وعليه، يتعين أن يتوفر الموقع الإلكتروني للمورد على عرض الإجراءات المتعلقة بكيفيات حماية المعطيات الشخصية التي ينتهجها ذلك المورد، من خلال تقديمه لمعلومات وافية حول أسلوب نقل المعطيات أو البيانات وكيفية استخدامها وآليات حمايتها، والخيارات المتاحة في سبيل الوصول لهذه المعطيات، وكذلك الالتزام بعدم كشفها للغير دون موافقة المعني.

غالبا ما يتم الإعلان عن البنود العقدية المتعلقة بحماية المعطيات الشخصية للمستهلك ضمن الصفحة الأولى للموقع الإلكتروني، وهي تختلف من موقع لآخر كما يتم تحديثها من طرف أصحابها في فترات زمنية متباعدة نسبياً، وبعد أن يطلع المستهلك على هذه البنود يمكنه الموافقة عليها بالضغط على زر القبول.

إن التزام المورد الإلكتروني بالإعلان عن مختلف الجوانب المتعلقة بحماية المعطيات الشخصية للمستهلك من خلال العرض الإلكتروني، يحقق فكرة الإعلام المسبق بمسألة مهمة من مسائل التعاقد، ويشكل أحد الضمانات القانونية التي تحمي حق المستهلك في الخصوصية المعلوماتية بالنسبة لسلامة معطياته الشخصية في إطار التجارة الإلكترونية.

ومن أبرز مظاهر إساءة استغلال البيانات الشخصية للمستهلك، استعمالها من قبل المورد الإلكتروني في غير الغرض المخصص لها، وهو ما يشكل انتهاكا للخصوصية، لاسيما منها استخدام تلك المعطيات لأغراض تجارية دعائية دون الحصول على القبول المسبق من المستهلك الإلكتروني، وفي هذا الصدد، ألزمت المادة 31 من القانون 18-05 المتعلق بالتجارة الإلكترونية المورد الإلكتروني بأخذ الموافقة المسبقة للمستهلك قبل استعمال بياناته في إرسال رسائل الاستبيان المباشر إليه.

إن عدم الحصول على الموافقة المسبقة يشكل مخالفــة لنظام (Opt-in) أو ما يسمى بنظام الرضاء الصريح المسبق من طرف المرسل إليه، والذي يحظر إرسال الرسائل الإلكترونية غير المرغوب فيها إلى المرسل إليه إلا بعد إعلامه وأخذ موافقته المسبقة على استقبال تلك الرسائل.

الفرع الثاني: ضوابط نزاهة الاشهارات الالكترونية

إستحدث المشرع الجزائري بمقتضى القانون 18-05 المتعلق بالتجارة الالكترونية أحكاماً قانونيةً خاصة بالإشهار الالكتروني، ألزم من خلالها كل مورد الكتروني بمراعاة مجموعة من الضوابط القانونية التي تقتضيها نزاهة الاشهارات الالكترونية، و تتنوع هذه الضوابط القانونية التي تفتقد بدونها هذه الاشهارات لمشروعيتها، بين ضوابط متعلقة بالرسالة الاشهارية الالكترونية في حد ذاتها و أخرى متعلقة بالمعلن.  

أولا: الضوابط المتعلقة بالرسالة الاشهارية الالكترونية

حددت المادة 30 من قانون 18-05 السالف ذكره، مجموعة من الضوابط التي يجب أن تتوفر في الإشهار الإلكتروني حتى يحقق الغاية المرجوة منه، بنصها على أنه: " دون المساس بالأحكام التشريعية والتنظيمية المعمول بها في هذا المجال، كل إشهار أو ترويج أو رسالة ذات طبيعة أو هدف تجاري تتم عن طريق الاتصالات الالكترونية يجب أن يلبي المقتضيات الآتية:

-    أن تكون محددة بوضوح كرسالة تجارية أو إشهارية.

-    أن تسمح بتحديد الشخص الذي تم تصميم الرسالة لحسابه.

-    ألا تمس بالآداب العامة والنظام العام.

-    أن تحدد بوضوح ما إذا كان هذا العرض التجاري يشمل تخفيضا أو مكافآت أو هدايا، في حالة ما إذا كان هذا العرض تجاريا أو تنافسيا أو ترويجيا.

-    التأكد من أن جميع الشروط الواجب استيفاؤها للاستفادة من العرض التجاري ليست مضللة ولا غامضة. "

وعليه، تتمثل الضوابط القانونية المتعلقة بالرسالة الاشهارية الالكترونية طبقا لمقتضيات هذه المادة في:

1- وجوب أن يكون الإشهار واضحاً، ويشمل ذلك:

أ- وجوب تحديد الطبيعة الاشهارية للرسالة بوضوح: بحيث تتضمن بوضوح ما يفيد أنها إشهار تجاري حتى يمكن لمتلقيها التعرف عليها دون وجود لبس أو غموض بينها و بين الرسائل غير الاشهارية، مهما كانت الوسيلة الاشهارية المستعملة مواقع الانترنت أو مواقع التواصل الاجتماعي أو البريد الالكتروني...إلخ

ب- وجوب استعمال عبارات واضحة الدلالة في الإشهار: من خلال تجنب أية عبارات غامضة أو مبهمة أو تحتمل أكثر من معنى، مع مراعاة فئة المستهلكين الذين يخاطبهم الإشهار.

ج- وجوب تحديد مضمون الرسالة الاشهارية بوضوح: ويشمل ذلك وضوح المواصفات الجوهرية للسلعة أو الخدمة المعلن عنها مع أسعارها و شروط الدفع و التسليم وشروط الاسترداد وخدمات ما بعد البيع، ونوع الخدمات ومضمونها والمدة التي تتم خلالها ومقابل أدائها...إلخ، كما يشمل هذا الوضوح كل من العروض التسويقية كالبيع بالمكافأة و البيع بالتقسيط و البيع بالتخفيض[1] وأيضا المسابقات واللعب التسويقية سواء من حيث شروط الاستفادة منها أو طريقة عرضها.

2- وجوب عدم مخالفة الرسالة الاشهارية للنظام العام و الآداب العامة و إلا عد هذا الإشهار غير مشروع.

3- وجوب ألا يكون الإشهار الالكتروني مضللاً سواء بطريق الترك أو الغموض أو المبالغة، ويقصد بالتضليل خداع المستهلك من خلال صياغة الإشهار في عبارات خادعة تعطي انطباعاً مغايراً للحقيقة، سواء كانت المعلومات التي يتضمنها صادقة أو كاذبة، لذا يتعين على كل مورد الكتروني أن يتحرى الصدق والأمانة في اشهاراته حتى تتسم بالنزاهة، وذلك من خلال إيراد معلومات صادقة ومطابقة للحقيقة في إشهاراته سواء تعلقت بمميزات السلع والخدمات وشروط التعاقد وكيفية الاستعمال وخدمات ما بعد البيع...إلخ حتى لا يفاجأ المستهلك بعد الاقتناء أن مضمون الإشهار غير مطابق للحقيقة.

إن هذا الالتزام الوارد في الفقرة الأخيرة من المادة 30 يهدف أساسا لحماية رضا المستهلك الالكتروني، نظرا لوجود المستهلك في مكان بعيد عن مكان المورد، علاوة على عدم الوجود المادي الواقعي للسلع والخدمات أمام أعين المستهلكين، الأمر الذي يؤثر على قدراتهم في الحكم بدقة على المبيع وأوصافه خاصة في ظل تطور الإعلانات والتي قد تكون خادعة أو مضللة في أحيان كثيرة.

ثانيا: الضوابط المتعلقة بالمعلن

بالنسبة للضوابط القانونية المتعلقة بالمعلن فتتمثل حسب المادة 30 من القانون 18-05 المتعلق بالتجارة الالكترونية في:

1- وجوب تحديد هوية المعلن: و ذلك من خلال ذكر مجموعة من البيانات الضرورية المتعلقة به، كاسمه الشخصي و عنوانه ورقم هاتفه و موقعه الالكتروني الذي يتعاقد من خلاله والإيميل الخاص به و الذي يتلقى المراسلات الالكترونية عليه.

2- عدم تشويه المعلن من خلال إشهاره لسلع أو خدمات الموردين الالكترونيين المنافسين: بهدف إيقاع المستهلك في لبس وإلا اعتبر إشهاره صورة من صور المنافسة غير المشروعة، وهذا النوع من الاشهارات يطلق عليه الإشهار المقارن، ولم يتناوله المشرع الجزائري لحد الآن بنصوص منظمة له.

 

 

 



[1] - نظراً لتزايد انتشار الإشهارات عن هذه البيوع  في المجتمع الجزائري، تدخل المشرع الجزائري لمراقبتها بغية مكافحتها أو على الأقل التخفيف من آثارها السلبية الضارة بحقوق المستهلكين، حيث أخضعها تطبيقا لنص المادة 21 من القانون 04-02 المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية، للمرسوم التنفيذي رقم 06-215 المؤرخ في 18 جوان 2006، الذي يحدد شروط و كيفيات ممارسة البيع بالتخفيض و البيع الترويجي و البيع في حالة تصفية المخزونات و البيع عند مخازن المعامل و البيع خارج المحلات التجارية بواسطة فتح الطرود، ج.ر. 21 جوان 2006، العدد 41.

 

Last modified: Tuesday, 5 December 2023, 6:52 PM