المبحث الثالث: تمييز العقود الالكترونية عن العقود المشابهة لها

إلى جانب العقود الإلكترونية هناك العديد من العقود التي تنشأ في البيئة الإلكترونية وتكون مرتبطة بهذه البيئة ومتلازمة معها؛ غير أن هذه الطائفة من العقود تبرم بسبب التجارة الإلكترونية ومن أجل تحقيقها دون أن تكون محلا لها، لذا فهي ترتبط بالعقود الالكترونية وضرورية لوجودها، ويمكن تقسيم هذه الطائفة من العقود إلى مجموعتين: يطلق عليها عقود الخدمات الإلكترونية وعقود المعلوماتية.

المطلب الأول: عقود الخدمات الإلكترونية

يقصد بعقود الخدمات الإلكترونية:" تلك العقود الخاصة بتجهيز وتقديم خدمات شبكة الإنترنت وكيفية الاستفادة منها، حيث تبرم بين القائمين على تقديم خدمات هذه الشبكة والمستفيدين منها"، وبالنظر لتنوع هذه العقود سيتم بيان أبرزها وذلك على النحو التالي:

أولا: عقد الدخول الفني إلى شبكة الإنترنت (عقد الاشتراك في الإنترنت)

يعتبر هذا النوع من العقود خطوة مبدئية اللازمة لإبرام أو تنفيذ العقود الإلكتروني، فبمقتضى هذا العقد يتيح مقدم خدمة الدخول إلى الإنترنت للعميل الوسائل التي تمكنه من الدخول إلى الشبكة، أهمها برنامج الاتصال (( connexion ، الذي يحقق الاتصال بين جهاز الكمبيوتر و الأقمار الصناعية التي وفقها يتم بث إشارة رقمية، يتم تحويلها إلى الشكل الذي نجد شبكة الإنترنت عليه كما يلتزم مزود الخدمة بوضع كافة البرامج الأساسية لتشغيل خدمت الإنترنت تحت يد العميل.

يوجد نموذج وصور عديدة لعقد الدخول، كما يوجد عدة أنواع من متعهدي الدخول هذا الأخير الذي قد يلتزم بالتزامات مكملة، مثل الالتزام بصيانة وتطوير الشبكة و الالتزام بتوريد المواد الضرورية للاتصال، رغم أن عقد الدخول إلى شبكة الانترنت يتفق مع العقد الالكتروني لكونهما من عقود التجارة الإلكترونية، إلا أن الأول يظل متميزا و مستقلا عن الثاني ويعتبر آلية ضرورية لإبرامه أو تنفيذه.

ثانيا: عقد الإيواء

يعتبر الإيواء أحد العقود التي يقوم من خلالها المزود بتقديم الخدمات بوضعها تحت تصرف المشترك، وتتمثل هذه الخدمات في الغالب إتاحة الانتفاع بمساحات على قرص صلب لإحدى أجهزة الحاسب الخاص به، أو ضمان مكان على شبكة الإنترنت، أو تقديم جزء من المعلومات ليتم الانتفاع بها خلال مدة معينة، ومن ثم يتم إعادتها إلى صاحبها بعد الانتهاء من حق الانتفاع، و بالتالي فإنه يمكن تكييف هذا العقد من عقود الإيجار على أساس أن غايته تمكين المستخدم من الانتفاع بالعين المؤجرة، بينما تبقى المعلومة ملك لصاحبها .

يتضح مما سبق، أن عقد الإيواء المعلوماتي من العقود الأساسية لتمكين استخدام شبكة الإنترنت فمن خلال هذه العقود تتوفر آلية الاتصال والموديوم وبرامج الإنترنت ما يجعل استخدام شبكة الإنترنت سهلا وفي متناول الجميع و يمكن من إجراء كافة التصرفات المباحة عبر شبكة الإنترنت كإبرام العقود الإلكترونية والتجول في المواقع و التسوق الإلكتروني، فعقد الإيواء المعلوماتي يمكن المستخدمين من قنوات المعلومات التي تزودهم بالعديد من الخدمات، مثال ذلك أن يتيح مقدم الخدمة المعلوماتية للمشترك إمكانية أن يكون له عنوان بريد إلكتروني، فيخصص له حيزا على القرص الصلب الجهاز الكمبيوتر المملوك له و المتصل عبر شبكة الإنترنت من أجل صندوق خطاباته الإلكتروني.

وعليه، يعد عقد الإيواء المعلوماتي سواء تم كليا أو جزئيا عبر الوسائط الإلكترونية عقدا إلكترونيا.

ثالثا: عقد إنشاء المتجر الافتراضي

يعرف عقد إنشاء متجر افتراضي بأنه " عقد يلتزم بمقتضاه مقدم الخدمة بأن يُمكن التاجر من عرض بضاعته من خلال موقع إلكتروني أو مركز تجاري افتراضي في مقابل أجر متفق عليه". لهذا العقد أهمية بالغة في المعاملات الإلكترونية، بحيث لا يستطيع التاجر إبرام صفقاته مع عملائه دون أن ينشئ موقعا تجاريا على شبكة الإنترنت، وقد يعهد هذه المهمة لأحد المهنيين المختصين في مجال المعلومات الذي يتولى تصميم الموقع وفق شروط متفق عليها . و يتضمن عقد إنشاء المتجر الافتراضي شروطا تهدف إلى تنظيم سير النشاط التجاري الذي يتم بالمركز التجاري الافتراضي، وتنظيم الرقابة على محتويات المتجر و إبرام العقد مع احترام الأعراف التجارية المعمول بها .

المطلب الثاني: عقود المعلوماتية

توجد أنواع من العقود الإلكترونية يتم إبرامها وتنفيذها داخل شبكة الإنترنت، أو من خلال الهاتف في حال ما إذا كان محل العقد غير مادي، فإذا كان محل العقد تقديم مشورة، فإن المستخدم يحصل عليها مباشرة من الخط وإذا كان محل العقد يتمثل في الحصول على معلومات معينة، فإن الحصول عليها يتم من خلاله أيضاً، وفي الحالات جميعها تقديم المشورة أو المعلومة تمثل قيمة مادية، ولكنها في ذاتها تعد أموالاً غير مادية، وهي بهذه الصورة تعد أموالاً معلوماتية، بغض النظر عن الشكل الذي اتخذته، وعليه سيتم إيراد أهم العقود التي تنصب على أموال ذات طبيعة معلوماتية فيما يلي:

 أولا: عقد الحصول على معلومات عبر الخط يكون

يمكن للعميل وفق هذا العقد الحصول على المعلومات التي يريد عبر شبكة الاتصال، مقابل التزامه بدفع ما يترتب عليه من مقابل مادي، وغالباً ما يتم تنظيم مثل هذا العقد بأكثر من طريقة.

ثانيا: عقد تقديم الدراسة والمشورة

 تعترض مستخدم الحاسوب وبرامج المعلومات بعض العقبات والصعوبات الفنية التي لا يستطيع تجاوزها بنفسه دون مساعدة، وعندها يطلب هذا المستخدم من المورد المتخصص دراسة المشكلة، ووضع الحلول الفنية اللازمة لها، مقابل مبلغ مالي يتفق عليه، يدخل العقد وفق ذلك ضمن مفهوم عقد المقاولة.

ثالثا: عقد تقديم المساعدة الفنية

يتمكن العميل بموجب هذا العقد من الحصول على تدريب فني لعماله على تشغيل الحواسيب والبرامج المختلفة وصيانتها من خلال فنيين يلتزم المورد بتزويدهم للعميل.

رابعا: عقد تقديم التسهيلات الإدارية

يتولّى المتخصص في مجال المعلومات بموجب هذا العقد إدارة نظم المعلومات الموجودة ومعداتها لدى الشخص طالب الخدمة بعد دراسة كافة البيانات والوثائق لفهم المهمة المطلوب إنجازها.

آخر تعديل: السبت، 4 نوفمبر 2023، 11:42 PM