المحاضرة 4
ب- من سوق العمل إلى مستوى الانتاج:
في سوق العمل يتحدد مستوى التشغيل عندما يتساوى عرض العمل مع الطلب على العمل، بفضل مرونة الأجر الحقيقي، و يتحدد مستوى الانتاج الذي هو دالة في مستوى التشغيل.
1- في سوق العمل: مرونة الأجر الحقيقي تحقق التشغيل الكامل:
في سوق العمل الطلب على العمل دالة متناقصة في الأجر الحقيقي، بينما عرض العمل دالة متزايدة.
- المؤسسات تطلب على العمل لتعظيم أرباحها: فحسب قانون عوائد الحجم المتناقصة، فإن الإنتاجية الحدية للعمل تتناقص بزيادة حجم الانتاج، حيث من مصلحة المؤسسة زيادة التوظيف طالما أرباحها في تزايد، أي كلما كانت تكلفة العامل (الأجر) الأخير أقل من مداخيله (عدد الوحدات التي أنتجها مضروب سعر بيع الوحدة).
التكلفة الحدية للعمل = الأجر الاسمي للعامل الأخير
المداخيل الحدية = الإنتاجية الحدية للعامل الأخير * سعر بيع الوحدة المنتجة
و عليه يبلغ الربح أقصاه عند ينعدم الربح الحدي، أي عندما يتساوى الأجر الحقيقي مع الإنتاجية الحدية للعمل، فكلما زاد حجم العمال الموظفون كلما تناقصت الإنتاجية الحدية للعمل، و عليه فالطلب على العمل دالة متناقصة في الأجر الحقيقي.
- العائلات تعرض العمل لزيادة منفعتها: فالعائلات تفاضل بين العمل و عدم العمل (الراحة)، أو بين الاستهلاك و عدم الاستهلاك، و هذا التفضيل يتعلق بخيارات المستهلكين و أجورهم الحقيقية، فهم ليسوا عرضة للخداع النقدي، و عليه فعرض العمل دالة متزايدة في الأجر الحقيقي.
- مرونة الأجر تحقق التوازن في سوق العمل: هذا التوازن مستقر لأن المؤسسات بلغت أقصى ربح لها، و كذلك العائلات بلغت أقصى منفعة لها.
- النتائج المستخلصة:
توازن سوق العمل هو توازن تشغيل كامل، فالبطالة الإجبارية غير ممكنة الحدوث، إلا إذا كان الأجر الحقيقي مثبت من طرف قوانين حكومية أو من طرف النقابات العمالية، حيث يكون أعلى من الأجر الحقيقي التوازني.
يمكن أن تكون هناك بطالة إرادية عندما ترى العائلات أن الأجر المقترح أقل من أجر الكفاف.
2- مستوى التشغيل يحدد مستوى الانتاج:
عندما يتحدد مستوى التشغيل يمكن تحديد مستوى الانتاج عن طريق دالة الانتاج:
Y = f(N)
النموذج الكلاسيكي يدرس الأجل القصير حيث يكون رأس المال ثابت، كما أن قانون عوائد الحجم المتناقصة ينطبق كذلك على دالة الانتاج .
ج- توازن سوق رؤوس الأموال:
يسمى كذلك بسوق السندات أو سوق الأموال القابلة للإقراض، حيث يربط هذا السوق العائلات التي تريد توظيف أموالها عن طريق شراء سندات و بين المؤسسات التي تريد تمويل استثماراتها عن طريق الاقتراض بإصدار سندات، و كذلك الحكومة التي تريد تمويل جزء من نفقاتها بإصدار سندات، و عليه فالعائلات تطلب السندات و يعرض السندات كل من المؤسسات و الحكومة.
فتبعا للنظرية الكمية للنقود فإن العائلات لا تطلب على النقود إلا لأجل المعاملات، فتوجه جزء من دخلها أولا لاقتناء سندات و الجزء المتبقي يوجه للاستهلاك، أي أن الاستهلاك يعتبر رصيد بين الدخل و الادخار، و إذا المؤسسات مولت كل استثماراتها بإصدار سندات، فإن توازن سوق رؤوس الأموال ما هو إلا توازن بين الادخار و الاستثمار، أو بين الادخار و الاستثمار و عجز الموازنة الممول بإصدار سندات، و يحدث هذا التوازن بمرونة معدل الفائدة الحقيقي.
1- الادخار دالة متزايدة في معدل الفائدة الحقيقي:
العائلات تفاضل بين الاستهلاك اليوم و بين الاستهلاك في الغد، هذا الاختيار الزمني مرتبط بمعدل التحيين، مثال: إذا كانت 100 دينار اليوم تساوي 110 دينار في الغد، فإن معدل التحيين يساوي 10بالمائة، العائلات تقرر الادخار إذا كان معدل الفائدة في السوق أكبر أو يساوي معدل التحيين.
2- الاستثمار دالة متناقصة في معدل الفائدة الحقيقي:
على المستوى الجزئي المؤسسة ليس عليها تحديد فقط حجم العمل لتعظيم أرباحها و إنما كذلك يجب علها تحديد حجم رأس المال المادي، تكلفة رأس المال هي نتاج ثمن اقتناء رأس المال مضاف إليه الأعباء المالية الناتجة عن إصدار السندات، و بالتالي الأعباء المالية هي: معدل الفائدة مضروب في ثمن رأس المال، أي أن تكلفة رأس المال هي:
K = (1+r)
المؤسسات تقرر زيادة رأس مالها طالما أن مداخيل رأس المال أكبر من تكلفة رأس المال، و تبلغ المؤسسة ربحها الأعظم عن يتساوي العائد الحدي لوحدة رأس المال مع تكلفته الحدية(1+r):
مخزون رأس المال الأمثل: الإنتاجية الحدية لرأس المال = 1+r
و منه فالاستثمار دالة متناقصة في معدل الفائدة، كلما كان معدل الفائدة مرتفع تطلب إنتاجية حدية لرأس المال أكبر (مخزون رأس مال أقل)، و كلما كان معدل الفائدة منخفض تطلب إنتاجية حدية لرأس المال أقل (مخزون رأس مال أكبر).
3- مرونة معدل الفائدة الحقيقي تحقق التوازن بين الادخار و الاستثمار:
عندما يكون الادخار يساوي الطلب على السندات و الاستثمار يساوي عرض السندات، معدل الفائدة يحقق كذلك التساوي بين الادخار و الاستثمار(في غياب عجز الموازنة الممول من إصدار سندات)، في هذه الظروف توازن سوق رأس المال يحدد هيكل النتاج بين استثمار و استهلاك ، فارتفاع الادخار ليس له أي أثر على قيمة الانتاج، حيث أن الاستثمار زاد و الاستهلاك نقص.
د- توازن السوق النقدي:
في هذا السوق يتحدد المستوى العام للأسعار P، و هو ما يمكننا من تحديد الأجر الاسمي و معدل الفائدة الاسمي، و التعبير النقدي عن كل المتغيرات الحقيقية، و تبعا للنظرية الكمية للنقود المستوى العام للأسعار يرتبط بحجم الكتلة النقدية، و هناك تفسيرين لهذه النظرية:
تفسير Irving Fisher :
عرض النقود*سرعة دوران النقود = المستوى العام للأسعار*حجم الانتاج
أو المستوى العام للأسعار = ( عرض النقود*سرعة دوران النقود) \ حجم الانتاج
في الأجل القصير سرعة الدوران ثابتة، الانتاج يتحدد في المجال الحقيقي و عند مستوى التشغيل الكامل، المتغير الوحيد الذي يتفاعل هو المستوى العام للأسعار، و عليه فزيادة العرض النقدي ليس لها أي أثر على المجال الحقيقي، و نتيجتها الوحيدة هي حدوث التضخم.
تفسير Cambridge من طرف A. Marshall et A. C. Pigou:
الطلب على النقود لا يكون إلا لغرض المعاملات:
الطلب على النقود = (1\سرعة دوران النقود)* المستوى العام للأسعار * حجم الانتاج
يكون السوق النقدي متوازنا عندما:
عرض النقود=الطلب على النقود = (1\سرعة دوران النقود)* المستوى العام للأسعار * حجم الانتاج
أي المستوى العام للأسعار = عرض النقود\ (حجم الانتاج *(1\سرعة دوران النقود)
المستوى العام للأسعار دالة العرض النقدي إذا كان كل من "معامل بيجو" و حجم الانتاج ثابتين، زيادة العرض النقدي له أثار تضخمية و ليس له أي أثر على المتغيرات الحقيقية.
I. أثر السياسات الاقتصادية في إطار النموذج الكلاسيكي الكلي:
إذا كانت ميكانيزمات السوق تؤدي بالاقتصاد إلى الحالة المثلى للجميع، فان أي سياسة اقتصادية تكون عديمة الجدوى.
يمكن للسوق التنافسي أن يمتص أي صدمة في العرض أو الطلب، لأن مرونة الأسعار (كذلك الأجر و معدل الفائدة) تمكننا من الرجوع للتوازن.
أ- السياسة المالية: تؤثر في هيكل الانتاج فقط
عندما تمول النفقات الحكومية برفع الضرائب يؤدي ذلك إلى انخفاض الدخل المتاح فينخفض الاستهلاك، أي المحصلة ارتفاع عنصر من الطلب الكلي (النفقات الحكومية) و انخفاض عنصر أخر من الطلب الكلي (الاستهلاك)، و المحصلة أن الانتاج لا يتأثر.
عندما تمول النفقات الحكومية بإصدار السندات يرتفع معدل الفائدة الحقيقي فيرتفع الادخار و ينخفض الاستهلاك و الاستثمار، و المحصلة أن الانتاج لا يتأثر.
ب- السياسة النقدية:
كما رأينا في النظرية الكمية للنقود فان رفع العرض النقدي لا يؤثر في الانتاج بل سيؤدي إلى التضخم فقط.