تمهيد :

  يلعب الجهاز المصرفي دورا كبير الأهمية في خدمة الاقتصاد الوطني بكافة قطاعاته الإنتاجية منها والمالية فهو بما يملكه من وسائل وإمكانيات تتيح له تجميع الأموال والأصول النقدية من مصادرها المختلفة ليعيد استخدامها واستثمارها في شتى مجالات الاقتصاد الوطني لتحقيق أهداف عديدة من أهمها زيادة النمو الاقتصادي وتشجيع عملية الادخار والاستثمار لدى المتعاملين الاقتصاديين 

1.النظام المصرفي والجهاز المصرفي : يعتبر الجهاز المصرفي جزء من النظام المالي ، له دور هام في حشد المدخرات وتعبئتها ومن ثم توزيعها وفق احتياجات المتعاملين الاقتصاديين من خلال نظام الوساطة المالية والإشراف على السياسة النقدية كل حسب اختصاصه، فهو يتكون من عدة مؤسسات مالية تمارس العمليات المصرفية وتسند إليها مهام مختلفة حسب طبيعتها ، فهو يشمل مجموع المصارف العاملة في بلد ما وأهم ما يميزه عن غيره هو كيفية تركيب هيكلة وحجم المصارف التي تتكون منها، وكيفية توزيع فروع المصارف على بلد ما، ثم ملكية المصارف ودمجها وتوحيدهاـ وبذلك فهو يضم مجموعة المؤسسات التي تعمل في السوق النقدي والتي تتميز بتعاملها بعمليات الائتمان قصيرة الأجل .

       وفي الوقت الراهن لم تعد النظرة للجهاز البنكي على انه ذلك الجهاز البنكي الذي يتضمن وجود البنك المركزي على رأسه والبنوك التجارية الخاضعة له قائمة بل أضحت هناك نظرة بديلة والتي فحواها الى جانب مكونات السابقة تضاف لها البنوك المتخصصة والمؤسسات المالية الأخرى في ظل نظام يحتكم لمجموعة من القوانين تعمل في ظلها جميعها ،يسمى النظام البنكي.

      ورغم تداخل المفاهيم إلا أن هناك فرق بين النظام المصرفي وجهازه ، فالجهاز عبارة عن هيكل النظام المصرفي وبالتالي هو جزء منه ويتكون من مجموعة المؤسسات المصرفية أو النقدية ، أما النظام فهو جهاز مصرفي مضافا إليه مختلف الآليات والتنظيمية والتشريعية التي تحكم السوق النقدي .

2.مكونات الجهاز المصرفي : سنتطرق الى مختلف أصناف البنوك ونعرف كل صنف على حدى وذلك لمعرفة أهميته ضمن الجهاز، كما سيأتي  :

1.2.البنوك المركزية : نشأت البنوك المركزية في الأساس كبنوك تجارية تقوم بكافة الأعمال المصرفية التي تقوم بها البنوك التجارية وفي مرحلة تاريخية لاحقة تركزت في هذه البنوك احتكار الإصدار النقدي وقد تطورت بعد ذلك وظائف هذه البنوك بحيث جعلت منها السلطة العليا المشرفة على شؤون النقد والائتمان .

يعد بنك أمستردام أول بنك مركزي في العالم، تأسس في عام 1609 في مدينة أمستردام بهولندا. كان الهدف من تأسيس البنك هو توفير نظام نقدي مستقر لتمويل التجارة البحرية الهولندية المتنامية. كان البنك مسؤولاً عن إصدار العملة، وتنظيم النظام المصرفي، وتوفير الخدمات المالية للحكومة الهولندية، وقدكان بنك أمستردام نموذجًا لبنوك مركزية أخرى تأسست في أوروبا وحول العالم. في القرن التاسع عشر، تأسست العديد من البنوك المركزية في أوروبا، بما في ذلك بنك إنجلترا (1694)، وبنك فرنسا (1800)، وبنك ألمانيا (1875). وفي القرن العشرين، وفي وأ م حيث تباشر مهام البنك المركزي مجموعة بنوك يطلق عليها اسم بنوك الاحتياطي  الفيدرالية (federal reserve banks ) ـفلم تنشأ إلا في عام 1913 ،

ويمكن القول أن بداية القرن العشرين خاصة خلال سنوات مابين 1930 -1940 ـ أخذت الكثير من بلاد العالم نحو إنشاء بنوك مركزية مؤسسة تقف على قمة النظام المصرفي جميعه بسوقيه النقدي والمالي ويطلق عليه في نفس الوقت بنك البنوك أوبنك الحكومة بنك البنوك لأنه يمدها ببعض الخدمات مثلما يقوم بتقديم خدمات لزبائنه ورغم أن هذا الأخير يحقق أرباح إلا أن هذه الأرباح لا تعتبر سببا رئيسيا لنشاطه لأن ما يحكم مصلحته هو خدمة المصلحة العامة في الميدان النقدي، ومع ذلك فإن المصلحة العامة تختلف من بلد لآخر، كما يقوم البنك المركزي بإعطاء قرارات والتي بفضلها تعمل على تطورات الكتلة النقدية على استقرار الاقتصاد .

1.1.2.مفهوم البنك المركزي : فهو شخصية اعتبارية عامة مستقلة تقف على قمة النظام البنكي ، يحث تتولى تنظيم السياسة النقدية والبنكية والإشراف على تنفيذها وفقا للخطة العامة، له الحق غب الاطلاع على دفاتر وسجلات البنوك ما يمسح له بالحصول على كافة المعلومات التي تساعده في تحقيق أعراضه .

2.1.2.خصائص البنك المركزي : يتسم البنك المركزي بسلسة من الخصائص وسمات التي تميزه عن باقي المصارف وتتمثل في :

-      مؤسسة مستقلة بذاتها ،مكانتها غلى خرم الجهاز المصرفي تعمل بلا هوادة لصالح الدولة وليس للصالح الخاص .

-      المسؤول بشكل منفرد على صياغة السياسة النقدية الرشيدة وعلى إدارة شؤون النقد والائتمان بما يستجيب لقرارات وسياسات الحكومة التي تغرب في هذه الأخيرة في تنفيذ ها وضمان نجاحها

-      يشغل مركز الصدارة، فضلا عن الوظائف التي يقوم بها، و له قدرة خلق وتدمير النقود القانونية.

-      يتمتع البنك المركزي بقدرة تحويل الأصول الحقيقية إلى أصول نقدية.

-      يقوم البنك المركزي بتنظيم النشاط المصرفي باعتباره مؤسسة عامة.

-      يقوم بإصدار النقود القانونية ويلبي الاحتياجات المالية للحكومة.

-      يقوم البنك المركزي بمراقبة البنوك التجارية .

3.1.2.وظائف البنك المركزي : يكلف البنك المركزي بتأدية سلسة من الوظائف يمكن تلخيصها فيما يلي :

1.3.1.2.إصدار النقد : تعتبر هذه الوظيفة هي الأقدم تاريخيا وهي السبب الرئيسي في نشوء المصارف المركزية ،ففي المراحل المتأخرة من تطور المصارف التجارية حصرت في مهمة إصدار النقود بمصرف واحد كان يمارس عمله كمصرف إصدار ومصرف تجاري ،ونتيجة لتوسع عملية الإصدار وزيادة مهمته كوكيل للحكومة ، تم تحويله إلى مصرف حكومي مهمته الرئيسية إصدار النقد .

ويصدر المصرف المركزي النقد ،تبعا للحاجات الاقتصادية للدولة وبما يخدم هدف المحافظة على استقرار قيمة العملة المصدرة والمحافظة على مستويات الأسعار ، كما يصدرها استنادا إلى وحدة النقد الرئيسية والتي تشكل أساس القاعدة النقدية ،وتختلف الفئات المصدرة حسب حجم المعاملات الاقتصادية وتطور المجتمعات ،ويراعى في النقد المصدر درجة النقدية (Moneynessأي الصفات التي تحملها العملة والتي لا يمكن نقلها أو تزويرها ،واذا ما شعرت المصارف المركزية بأن العملة سهلة التزييف فانه يتم إلغاؤها واستبدالها بعملة أخرى أو إصدار فئات جديدة .

     وقد تصدر المصارف المركزية عملات رمزية لتخليد مناسبات وطنية أو عالمية ـولا تكون قابلة للتداول ،وتسعى معظم الدول الى تقليل كلفة الإصدار النقدي وأحيانا يتم ذلك من خلال إصدار المسكوكات المعدنية والتي تكلفتها ظاهريا مرتفعة مقارنة بالنقد الورق سالا أن عمرها الافتراضي أطول .

2.3.1.2.الملجأ الأخير للإقراض : يعتبر البعض أن هذه الوظيفة هي من أهم وظائف المصارف المركزية في العصر الحديث، وتعنى هذه الوظيفة وقوف المصرف المركزي مستعدا لتعزيز الأموال اللازمة للمؤسسات داخل الجهاز المصرفي وخصوصا إذا ما عجزت تلك المؤسسات عن توفير الأموال بنفسها وهذا بالضرورة يساعد على تماسك الجهاز المصرفي وبقاءه سليما وعدم تأثره بالهزات المفاجئة حماية لذلك الجهاز وللمتعاملين معه، من خلال احتفاظه باحتياطات وأرصدة المكونات الأخرى للجهاز المصرفي من خلال فتح حسابات جارية وتقديم قروض والتسهيلات المصرفية لها . 

3.3.1.2. المراقبة والسيطرة على النقد :في غياب الرقابة على عرض النقد فان التوسع في حجم النقود المصرفية قد يكون بلا حدود وسيؤثر على قيمة النقود وسيؤدي إلى انخفاضها وبالتالي حصول التضخم والذي سيقضي على المنتجين .

4.3.1.2.العمل كمصرف المصارف : ويكتسب المصرف المركزي هذه الوظيفة بحكم موقعه على رأس الجهاز المصرفي حيث تعني قيامه بالإشراف والمراقبة سلامة الجهاز المصرفي وتقيده بالتعليمات والأنظمة الهادفة إلى حماية ذلك الجهاز والى مساعدة المصرف المركزي في نفس الوقت بتنفيذ أهدافه ووظائفه الأخرى .كما يساعد ذلك المصارف التجارية نفسها في أداء مهامها بشكل اكبر وفي قيام المنافسة على أسس معروفة وفي حماية متعامليها وفي تسوية التزاماتها بين بعضها البعض، وتعطي هذه الوظيفة الحق للمصرف المركزي بمنح تراخيص المصارف وإلغاء تراخيصها إذا ما خالفت القوانين أو إذا ما هددت سلامة الجهاز المصرفي .

5.3.1.2.العمل كمصرف الحكومة : يعمل البنك المركزي كوكيل مالي للحكومة و ذلك بالاحتفاظ بالودائع الحكومية لديه و نقل الأموال النقدية الحكومية من منظمة إلى أخرى في القطر و إلى الخارج ومنه إلى داخل القطر. وبيع و شراء الأوراق المالية لحساب الحكومة و المساعدة على إصدار و تسويق السندات الحكومية و كذلك في دفعها عند الاستحقاق ودفع الفوائد عليها وعلى غيرها من الالتزامات الحكومية .

   يضطلع البنك المركزي، بالإضافة إلى دوره كمصدر للنقود القانونية ومراقب للسياسة النقدية،  بدور بنك الحكومة، من خلال قبول أذونات الخزانة الصادرة عن السلطة التنفيذية، ومدها بوسائل الدفع اللازمة لتأدية نشاطها.

إلى جانب هذه الوظائف يتولى البنك المركزي تنظيم حسابات الحكومة والمشروعات العامة، زيادة على التمويل الخارجي وتجميع العملات الأجنبية والمدفوعات الخارجية وإصدار القروض العامة وتنظيم الدين العام. فالبنك المركزي  قد يمنح الحكومة قروضا لمواجهة عجز الميزانية. فتوقعات الميزانية الخاصة بالنفقات والإيرادات قد لا تتحقق بسبب التقدير غير السليم أو بسبب ظهور طوارئ، الأمر الذي يؤدي ظهور عجز موازني يواجه بطلب الحكومة لقروض مباشرة من البنك المركزي. ومن المفيد الإشارة إلى أن قدرة الحكومة على طلب هذا النوع من القروض محدودة، كأن يضع القانون حدا لحجم القروض بنسبة من متوسط إيرادات الميزانية لفترة زمنية ( ثلاثة أو أربع سنوات ). كما أن المدة الزمنية لهذه القروض تكون قصيرة (3 أشهر) على أن يتجدد منح هذه القروض لفترة أخرى.

6.3.1.2.الاحتفاظ باحتياطات الدولة من الذهب والعملات الأجنبية : إن المصرف المركزي هو المسؤول عن الاحتفاظ باحتياطات الدولة من الذهب والعملات الأجنبية اللازمة لتمويل العمليات التجارية مع العالم الخارجي وخصوصا في الدول التي لا تقبل عملاتها كعملات رئيسية وتشمل تلك الموجودات الذهب والمسكوكات الذهبية والعملات الأجنبية وحقوق السحب الخاصة واذونات الخزانة الأجنبية.


Last modified: Wednesday, 13 March 2024, 11:14 AM