صاحب هذه النظرية " كارل روجرز" وهي تنتمي للمدرسة الإنسانية في علم النفس،حيث تركز على استبصار الفرد بذاته

  وبالخبرات التي حرفها أو أنكرها في محاولة لإدماجها أو التقريب بينهما.أي بين ذات الفرد وخبراته مما يعطي

فرصة لنمو الشخصية،وينظر روجرز إلى الإنسان نظرة  إيجابية على أنه بنّاء وايجابي ومتعاو ومتطلع

للأمام،كما يحدد نمو الشخصية في مجموعة من المفاهيم تتلخص في أن الطفل يولد ولديه حاجة وحيد وفطرية

موروثة هي الحاجة إلى تحقيق الذات، ولكنه يتعلم من بيئته حاجتين آخرين هما الحاجة للتقدير الإيجابي من جانب

الآخرين والحاجة للتقدير الإيجابي الذاتي(الحسيني،2000،ص 121).                                

1- المفاهيم الأساسية في نظرية الذات: إن نظرية روجرز تعتمد على المفاهيم التالية:

1.1- الكائن العضوي: نسق كلي منظم و كيان الفرد وسلوكه وأفكاره وكل جسمه فالتصرفات في هذه الحالة

تكون كلية في مجال الظواهر المحيطة به.إن الفرد كل منظم ويحاول إشباع حاجاته وأن الهدف الأساسي هو تحقيق

الذات.(المعروف،2012،ص 17).   

2.1- المجال الظاهري: يبين روجرز أن المجال الظاهري للفرد هو عالم الخبرة الخاص به،والذي بداخله كل

ما يخبره الفرد عن نفسه سواء كان مدركا أو غير مدرك لتلك الخبرات بشكل شعوري(العاسمي،2015،ص 79). 

3.1- السلوك: هو نشاط موجه نحو هدف من جانب الفرد لتحقيق إشباع حاجاته كما يخبرها في مجاله الظاهري،

وقد يتفق السلوك مع مفهوم الذات كما قد لا يتفق فيشكل عدم توافق نفسي مما يتوجب تغييره ويكون تغييره من

خلال تغير مفهوم الذات أولا وهذا ما يحاول المرشد إحداثه في الإرشاد المتمركز حول المسترشد. 

4.1- الخبرة: موقف يعيشه الفرد في زمان ومكان معين ويتفاعل معها ويؤثر فيها ويتأثر بها، والخبرات المتوافقة

مع مفهوم الذات والمعايير الاجتماعية تؤدي إلى الراحة.أما الخبرات التي لا تتوافق مع مفهوم الذات والمعايير

الاجتماعية تؤدي إلى التوتر والقلق.                  

5.1- مفهوم الذات:هو جزء من المجال الظاهري يتكون من مجموع إدراكات الفرد لنفسه وتقييمه المستمر لها

كمصدر للخبرة والسلوك أي فكرة الفرد عن نفسه فهي إما موجبة أو سالبة،فالفرد الذي يكون صورة موجبة عن

ذاته يكون تقديره لذاته مرتفعا،أما الشخص الذي لديه مفهوم سالب عن ذاته فإنه يشعر بالخجل والانطواء والعزلة

والانسحاب عن الآخرين في مجتمعه(مفتود سارة،2011،ص 134).وتتكون الذات حسب روجرز من: 

أ- الذات الحقيقية: تعد قلب أو مركز مفهوم الذات،و تعني ما يكونه الفرد فعلا(ماذا يكون).

ب- الذات المدركة(كما تراها الذات): تتصل بكيفية إدراك الفرد لذاته،وهذا الجانب ينمو من خلال التفاعلات

مع ناس آخرين ومع البيئة.فإذا كان الفرد محبوبا ومقبولا فإن الذات ترى كذلك وإذا علم الفرد أنه لا أهمية أو لا

قيمة له فإنه سيرى ذاته على أنها لا قيمة لها. 

ج- الذات الاجتماعية(كما يراها الآخرين):يدرك الفرد الآخرين على أنهم يفكرون فيه بطريقة خاصة،

وفي معظم الأحيان فإن الفرد يحاول أن يعيش إلى مستوى هذه التوقعات من جانب الآخرين،وتنشأ الصراعات

الداخلية عندما يكون هناك فجوة بين الذات المدركة والاجتماعية. 

د- الذات المثالية: إن الأفراد لهم طموحات وغايات يتطلعون إلى تحقيقها،وهذا هو الجانب المثالي من الذات،وهو

الذي يدمج الأدوار والتطلعات ليعطي الفرد وجهة للحياة،كما تعكس الذات المثالية ما يود الفرد أن يعمله  

(العاسمي نايل،2015،ص 83).                         

* إذا اتفقت الذات الواقعية للفرد مع ذاته الاجتماعية والمثالية،فإنه يشعر بتوافق مع نفسه ومع المحيط الذي يعيش

فيه،أما إذا كان هناك تنافرا وعدم تطابق بين الذوات الثلاث،فإن سوء التوافق هذا وعدم الاتزان سيطغى على حياة

الفرد مما يدفعه إلى البحث عن أسلوب قادر على أن يتبنى التوافق داخل هذا الفرد،وهذا يجعل الحاجة ماسة إلى

الإرشاد لغرض تحقيق الانسجام والتوافق بين الفرد وذاته وبينه وبين المجتمع،وترى هذا النظرية أن الذات تتكون

وتتحقق من خلال النمو الايجابي،فهي تمثل صورة الفرد وجوهره وحيويته،ولذا فإن فهم الإنسان لذاته له أثر كبير

في سلوكه من حيث الاستقامة أو الانحراف،وأن تعاون المسترشد مع المرشد أمر أساسي في نجاح عملية الإرشاد،

فلابد من فهم ذات المسترشد كما يراها هو بنفسه،ولذلك فإنه من المهم دراسة خبرات الفرد وتجاربه وتصوراته عن

نفسه وعن الآخرين من حوله في المجتمع الذي يعيش فيه(الحريري والإمامي،2011،ص 84).      

2- النظرة إلى الطبيعة الإنسانية: 

ينظر روجرز إلى الإنسان نظرة متفائلة فهو إنسان عقلاني واجتماعي وواقعي يتحرك إلى الأمام يسعى دائما إلى

أن يكون أكثر فاعلية أثناء حياته،فالخير والجدارة والعقلانية كل ذلك من طبيعته،ومن أهم الافتراضات التي تعتمد

عليها هذه النظرية مايلي:                                                                

- أن كل فرد يوجد في عالم الخبرة المتغيرة،ويتضمن جميع ما مر به وأن بعض هذه الخبرات يكون متفقا منسجما

مع الفرد،في حين تكون بعضها على العكس ويؤدي إلى تهديد الفرد وسوء توافقه.                     

- إن الكائن الحي يستجيب لما حوله كما يدركه وبطريقة منظمة تنسجم مع ما تم إدراكه. 

- لدى الفرد ميل إلى تحقيق ذاته والمحافظة عليها وتعزيزها فهو يشبع حاجاته البيولوجية ويقاوم كل تهديد قد

يتعرض له،ويحاول استغلال قدراته الكامنة إلى أقصى درجة ممكنة في سبيل تحقيق أهدافه.  

- إن سلوك الفرد موجه،يحدث من أجل إشباع حاجاته كما يدركها.                       

- إن مشاعر الفرد تصاحب السلوك الصادر عن الفرد وتؤثر فيه.               

- لكي نفهم سلوك الفرد فهما جيدا يجب أن نفسره من خلال الإطار المرجعي للفرد نفسه.

- تعتبر الذات كينونة الفرد وماهيته،وتتكون نتيجة التفاعل بين الفرد والبيئة المحيطة به،ثم تنمو نتيجة النضج

والتعلم،وتصبح المركز الذي يجمع الخبرات التي يمر بها الفرد.      

- أغلب السلوكيات التي تصدر عن الفرد تكون منسجمة مع النفس(العبادية،2018،ص 71).

- يحدث سوء التوافق النفسي للفرد عندما ينكر الخبرة التي تحدث له أو يشوهها لأنها لا تتوافق مع ذاته،ومن ثم

يدركها على أنها خبرات مهددة له وتتسبب له القلق والتوتر،ونتيجة لذلك يلجأ الفرد إلى بعض الحيل الدفاعية لتجنب

القلق والتوتر،ولكن اللجوء إلى هذه الحيل يؤدي إلى تشويه واقع الفرد،بمعنى أنه يحدث عدم التطابق والانسجام بين

الذات والخبرة،مما ينتج عنه ظهور الاضطراب النفسي.                                                 

3- تطبيقات النظرية: للاستفادة من هذه النظرية واستخدامها في عملية الإرشاد، فإنه ينبغي على المرشد إتباع

الإجراءات التالية:                                                      

- ينبغي على المرشد أن يعتبر المسترشد كفرد وليس مشكلة ومحاولة فهم اتجاهاته وأثرها على مشكلته من خلال

إفساح المجال للمسترشد لتفريغ ما في داخله والتنفيس عن انفعالاته، والتحدث بكل صراحة عن مشكلته،وعلى

المرشد أن يصغي إلى المسترشد باهتمام،ويركز على جميع تعبيراته اللفظية والجسدية،وعليه أن يلاحظ مدى

الانسجام بين تلك التعبيرات وأن يبتعد عن المقاطعة أو التشويش،وأن يهيئ جو مبني على التعاون والمودة والتقبل،

وبعد انتهاء المسترشد من حديثه،على المرشد أن يوجه له بعض الأسئلة التوضيحية،ثم يقوم المرشد بتلخيص أفكار

ومشاعر المسترشد للتأكد من أنه ليس هناك أي لبس أو عدم فهم.

وهناك عدة مراحل تمر بها عملية الإرشاد وهي:                                         

1.3- مرحلة الاستطلاع والاستكشاف: في هذا المرحلة يحاول المرشد التعرف على الصعوبات التي تعيق

المسترشد وتسبب له القلق والضيق والتعرف على جوانب القوة والجوانب السلبية لديه لتقويمها،وذلك من خلال

الجلسات الإرشادية، ومقابلة ولي أمره أو إخوته ومدرسيه وأصدقائه وأقربائه وتهدف هذه المرحلة إلى مساعدة

المسترشد على فهم شخصيته واستغلال الجوانب الإيجابية منها في تحقيق أهدافه كما يريد.             

2.3- مرحلة التوضيح وتحقيق القيم: وفي هذه المرحلة يزداد وعي المسترشد وفهمه وإدراكه للقيم الحقيقية

التي لها مكانة لديه،من خلال الأسئلة التي يوجهها المرشد والتي يمكن معها إزالة التوتر الموجود لدى المسترشد.   

3.3- مرحلة المكافأة وتعزيز الاستجابات: تعتمد على توضيح المرشد لمدى التقدم الذي أحرزه المسترشد

في الاتجاه الإيجابي وتأكيده للمسترشد بأن ذلك يمثل خطوة أولية في التغلب على المشكلة التي تسبب الاضطرابات

الانفعالية (الحريري والإمامي،2011،ص 87).       

كما حدد روجرز دور المرشد وعمله في ثلاث خطوات رئيسية:

- تقبل ما يقوم به العميل وما يعبر به عن مشكلاته دون إصدار الأحكام.

-إعادة صياغة عبارات العميل التي يوضح بها أفكاره ومشاعره بطريقة موضوعية فيكون كالمرآة التي تنعكس

عليها انفعالات العميل فيراها واضحة ويتقبلها كجزء من ذاته.        

- مساعدة العميل على تركيز أفكاره عن طريق تلخيصها أو التعليق عليها تعليقا عرضيا خال من المدح والاستهجان

فيتيح للعميل فرصة ليفهم نفسه كما هو(العبادية،2018،ص 49)

4- الانتقادات الموجهة للنظرية: تعرضت نظرية الذات إلى بعض الانتقادات منها:     

- أن النظرية لم تبلور تصورا كاملا لطبيعة الإنسان،وذلك لتركيزها الكامل على الذات ومفهوم الذات.                 

- يرى روجرز أن الفرد وحده له الحق في تحقيق أهدافه وتقرير مصيره،ولكنه نسي أن الفرد ليس له الحق في

السلوك الخاطئ.                                                      

- يركز على الجوانب الشعورية على حساب الجوانب اللاشعورية ونسي أن الإنسان يستطيع أن يصل إلى الحقيقة

الموضوعية،وأن الجوانب اللاشعورية لها أهميتها.                  

- يضع روجرز أهمية ثانوية للاختبارات كوسيلة لجمع المعلومات لعملية الإرشاد، واكتفى بأن أشار روجرز إلى أن

الاختبارات والمقاييس يمكن أن تستخدم حين يطلبها المسترشد،وأن المعلومات التي يحصل عليها المرشد بواسطتها

يمكن الحصول على أفضل منها عن طريق المقابلة،ونسي أن على المرشد استخدام جميع الوسائل الممكنة للحصول

على أكبر قدر من المعلومات لتحقيق أكبر نجاح لعملية الإرشاد النفسي                      

- النظرية غير عملية بالنسبة للأفراد الذين لا يتقبلون تحمل المسؤولية في حل مشكلاتهم(الحريري،2011،ص90) 

- يعتمد الإرشاد المتمركز حول المسترشد على الاستبصار الذاتي للفرد وخبراته والتعامل مع مشاعره وإدراك

العلاقة الإرشادية وإدراك الخبرات في صورة مرمزة ترميزا دقيقا،وبذلك فإن هذه الطريقة لا تناسب مجموعة من

الحالات التي تحتاج للإرشاد مثل حالات الأطفال الصغار،وحالات التخلف العقلي والحالات الذهانية والحالات

الحادة (العاسمي،2015،ص 468).     

  

Modifié le: samedi 14 janvier 2023, 21:17