اشكالية التعدد
من المسائل التي تقير الازتباك تجاه الدين: تعدد الأديان.يشير جون هيك >ل©111 10112 (17-1977١5م) إلى هذا الإشكالبالتقرير التالي: “لو ولدت في الهند يمكن أن أكون هندوسياً ولوولدت في مصر ربما أكون مسلما ولو ولدت في سيرلنكا ربماأكون بوذياً. لكنني ولدت في انكلترا والمتوقع أن أكون مسيحيا".
ويقول بعدها: "الظاهر أن هذه الأديان المختلفة تقول أشياء مختلفةومتعارضة عن طبيعة الحقيقة المطلقة"'.
وقد اتخذ هذا الأمر كوسيلة للنقض على صحة فكرة الدينمن الأصل. ويمكن الرد هكذا: إذا لم يكن أساس للأديان نسأل:لماذا تتفق هذه الأديان -برغم اختلافها في كل شيء- ويتفق البشرباستثناءات قليلة نسبياً- في كل عصر ومصر على حالة واحدة:وهي الاعتراف بوجود قوة عظمى غيبية؟ فهذه الحالة من الاعترافالخاص المشخص لم تكن نتيجة التنشئة كمسيحي أو كبوذي أو
غيرها من أوجه التربية المتنوعة بتنوع المجتمعات الدينية وتعددها.إنها حالة عامة يتوافق عليها البشر جميعا بما يجعلها السياق الطبيعي
المعهود لهم. إذن أصل المقدس في الجنس البشري لا شأن لهبأوجه التنشئة وبيئات النموء فلا تعدو سائر الديانات إلا أن تكونمحاولات متعددة لبلوغ هدف واحد سام وضروريء ربما يخفقالكثير منهاء ولكن هذا لا يبرر مطلقاً صرف النظر عنها بالمرة.
وثمة في المقام مغالطة سطحية تنداول عادة» تتكل علىكون الأديان عموماً عادة مكتسبة من التربية الوالدية والبيئية» لتثيرفي النفس الإحساس بعدم الحقانية -أي حقانية الدين- الواقعية.ومن الواضح أن لا ربط بين واقعية الشيء في ذاته وبين مصدراكتسابه. ومن المؤكد أيضاً أن ليس كل ما نتعلمه من آبائنا يجبأن يكون باطلاً وغلطاً. بل لعل القاعدة العامة تسير في الغالببعكس هذا الحكم.
الموقف حيال التعدد
حيال وجود المخالف تنبئق أمام أي كيان -دينياً كان أوغيره خيازاتاثلات :
-١ العداوة والحربء بمعنى عام يشمل المجهود العسكري
' جرادي» شفيق» مقولات في فلسفة الدين على ضوء إلهيات المعرفة» دار
وغيره.
"- الانطواء على الذات.
"- التواصل وفتح باب الحوار.
ولا نستطيع أن نحكم على أحد هذه الخيارات بالوجاهةوتمثيل روح التحضر والرقي أكثر من غيره على نحو الإطلاق؛فالمسألة نسبية» وكل موقف له الظروف المختصة التي تكسبهالوجاهة وبعد النظر أكثر مما تكسب الموقفين الآخرين. ولكنعموماً يبدو أن الخيار الثالث له النصيب الأوفر من الاعتياراتالمؤيدة حشارياً..وويما أحد الأسياب الرئيسية لذلكهن عقيقةكون الإنسان اجتماعياً بالطبع أو بالحاجة.
على أن التواصل يقتضي قبل كل شيء أن نحدد الموقفمن فهم الآخر. فهل نعده ضالاً تماماً والسلام؟ أم نعتبر أنه مشتملعلى شيء من الحق والحقيقة؟ أم نعده على حد سواء معنا لا يتميزإلا في جزئيات قليلة الأهمية؟ وهذا ما فتح المجال لفكرة التعددية في فلسفة الدين. فالتعددية فكرة قد نشأت من واقع التعدد عندالنظر فى الخيارات حيال الآخرء خصوصاً -أو بالخصوص-
5-5 معانى التعددية
للتعددية الدينية معان متداولة» هي ':
-١ التعددية في السلوك: أي التعايش مع الآخر ووقوفنامعاّعلى كلمة سواء وتجنينا إثارة العصبيات الدينية والنزاعاتالطائفية بيننا. ولا يهم هذا المعنى الدراسات الكلامية كثيراً؛ لكونهينسجم مع الأفكار الفلسفية المضادة للتعددية أيضاً أي: الحصريةحصر الحقيقة والنجاة في دين واحد)والشمولية (حصر الحقيقةفي دين مع توسيع دائرة النجاة لتشمل غيره».
-١ التعددية في السبل إلى الهدف: أي توسيع دائرةالناجين في الآخرة لتشمل البشر على اختلاف دياناتهم ولو معبعض الشروط وبعض القيود.
- تعددية الحق: لا مراء أنه ما بعد الحق إلا الضلال.
ولكن يمكن أن يقال مثلاً: بأن الديانات على تنوعها قد اشتملتعلى جوانب -قلت أو كثرت- من هذا الحق الواحد» كل بحسبه.أو يقال مثلاً: أن حقائق العالم متنوعة ومترابطة بعضها ببعضها
لآخرء وكل دين يشتمل على قسم من تلك الحقائق الكثيرة. أويقال: أن الدين في باطنه وجوهره واحد وما التعدد الذي نراه فيه إلابتبع المظاهر الخارجية له» فيكون أتباع الديانات كمتسلقي الجبل
الواحد؛ متباعدين عند قاعدته متقاربين عند قمته'.
والمقام يحتمل أن تثار عدة أوجه للمناقشة في هذه الأقوال.ولكن الشيء الأهم من مناقشة فكرة الحق بحسب الرؤية الفلسفيةللدين هو أن نناقشها بحسب الرؤية الفلسفية عموماً. ذلك أن إدراكالشيء على ما هو عليه في الواقع -أي الوقوع عليه واشتماله هو هوبلا زيادة ولا نقصان ولا تغيير فيه- لا يتصور له أكثر من شكلواحدء هو: (إدراك الشيء على ما هو عليه في الواقع»» لا (إدراكجوانب منه)» ولا: (إدراك أقسام منه باعتباره أشياء لاشيء فقط)»ولا (السعي إلى إدراكه على ما هو عليه لا نفس إدراكه على ما هوعليه مع كونه حقيقة باطنة). فكل هذه الصور هي ليست (إدراكالشيء على ما هو عليه في الواقع). وربما تكون قريبة منه أو حتىشديدة القربء لكن لا خلاف في عدم مطابقة أي منها له.
اذا ع فنا هذا