أطلق عليها اسم النظرية السلوكية مؤسسها"واطسون"،وهي من أشهر المدارس الأمريكية وأكثرها

تأثيرا في مجال علم النفس،حيث كان تأثيرها يضارع تأثير التحليل النفسي(شحاته،2013،ص

225).وقد تأثر هذا الاتجاه ببحوث الكثير من علماء النفس،إلا أنها تأثرت تأثرا كبيرا ببحوث أربعة

منهم وهم: أبحاث ايفان بافلوف،ادوارد ثورندايك،جون واطسون،سكنر(البكري و عجور،

2011،ص 41).      

يرى أصحاب هذه النظرية أن السلوك الإنساني عبارة عن مجموعة من العادات التي يتعلمها الفرد

ويكتسبها أثناء مراحل نموه المختلفة،وتدور هذه النظرية حول محور عملية التعلم في اكتساب التعلم

الجديد أو في إطفائه أو إعادته،ولذا فإن أكثر السلوك الإنساني مكتسب عن طريق التعلم،وأن سلوك

الفرد قابل للتعديل أو التغيير بإيجاد ظروف وأجواء تعليمية معينة. (حمدي عبد الله،2013،ص 91).

1- النظرة إلى الإنسان:

لم تقدم السلوكية أي افتراض فلسفي فيما يتعلق بالطبيعة الإنسانية،حيث لم يهتم سكنر ببنية الشخصية

بل اهتم بالتأكيد على تغيير السلوك وتعديله وكيفية حدوث ذلك وعلى العموم فإن النظرية السلوكية ترى

أن البيئة هي التي تصنع سلوك الفرد بصرف النظر عن قدراته ومواهبه واهتماماته،فهو لا خيِر ولا

شرير وإنما يتوقف ذلك على سلوكه،فإذا كان هذا السلوك سويا فهو خيِر وإذا كان هذا السلوك غير

سوي فهو شرير.فالشخصية عند السلوكيين هي محصلة ما تعلمه الفرد من المواقف التي تعرض

لها،تتشكل من خلال تفاعله مع البيئة واستجابته لها ويرى سكينر أن فهم الشخصية يتحقق حين نلتفت

إلى نمو سلوك الإنسان في تفاعله المستمر مع البيئة وهو لا يقدم نظرية عن النمو ومراحله وإنما يهتم

بالتغيير السلوكي والشيء الوحيد الذي يراه سكنر ذو ثبات نسبي في الشخصية هو السلوك.فالشخصية

السوية في نظرهم رهن بتعلم عادات صحية وسليمة وتجنب اكتساب عادات سلوكية غير سليمة

وغير صحيحة وتتحدد الصحة بناء على  المعايير الاجتماعية السائدة المحيطة بالفرد وبذلك فإن مظاهر

الشخصية السوية عند السلوكيين هي أن يأتي الفرد بالسلوك المناسب في كل موقف بحسب ما تحدده

الثقافة التي يعيش في ظلها.أما السلوك غير السوي فيمكن أن يحدث عندما يخفق الفرد في تعلم

الاستجابة التكيفية التي تتطلبها البيئة (العبادية عبد القادر،2018،ص 53).                  

2- المفاهيم الأساسية للنظرية: تقوم النظرية السلوكية على مفاهيم عديدة من أهمها:

- معظم السلوك الإنساني متعلم: فالفرد يتعلم السلوك السوي ويتعلم السلوك غير السوي،وإن

سلوك المتعلم يمكن تعديله.(المعروف صبحي،2012،ص 34).                        

- كل سلوك أو استجابة له مثير وإذا كانت الأمور سوية يكون السلوك سويا.

- الشخصية: هي التنظيمات أو الأساليب السلوكية المتعلمة الثابتة نسبيا التي تميز الفرد عن غيره

من الناس.

-الدوافع(Motive): لا تعلم دون دافع،والدافع طاقة كامنة قوية تدفع الفرد وتحركه إلى السلوك.

- التعزيز(Reinforcement): السلوك يتعلم ويقوى إذا تم تعزيزه.

- الانطفاء(Extinction): اختفاء السلوك المتعلم إذا لم يمارس،أو إذا ارتبط شرطيا بالعقاب بدل

الثواب.

- العادة (Habit): هي رابطة تكاد تكون وثيقة بين المثير والاستجابة تتكون من التعلم والتكرار وقوة

العلاقة بين المثير والاستجابة وهي مكتسبة وليست موروثة في معظم الأحيان(المعروف صبحي،

2012،ص 36).

-التعلم ومحو التعلم وإعادة التعلم: التعلم يعني تغير السلوك نتيجة للخبرة،ومحو التعلم عن طريق

الانطفاء،وإعادة التعلم يحدث بعد الانطفاء بتعلم سلوك جديد(بن نجمة،2016،ص 38).

3- تطبيقات النظرية السلوكية في الإرشاد النفسي:

تفسر هذه النظرية الاضطرابات النفسية و المشكلات السلوكية بأنها أنماط من الاستجابات الخاطئة أو

غير السوية المتعلمة لارتباطها بمثيرات منفرة،يحتفظ بها الفرد لفاعليتها في تجنب مواقف وخبرات

غير مرغوبة،ويركز الإرشاد على:   

- تعزيز السلوك السوي المتوافق.

- مساعدة المسترشد على تعلم سلوك جديد مرغوب والتخلص من سلوك غير مرغوب ومساعدته في

تعلم أن الظروف الأصلية قد تغيرت أو يمكن تغييرها بحيث تصبح الاستجابات غير المرغوبة غير

ضرورية لتجنب المواقف غير السارة التي سبق أن ارتبطت بها.        

- تغيير السلوك غير السوي أو غير المتوافق وذلك بتحديد السلوك المراد تغييره والظروف والشروط

التي يظهر فيها والعوامل التي تكتنفه وتخطيط مواقف يتم فيها تعلم أو محو تعلم لتحقيق السلوك

المرغوب،ويتضمن ذلك إعادة تنظيم ظروف البيئة بما يؤدي إلى تكوين ارتباطات شرطية جديدة.  

- ضرب المثل والقدوة الحسنة سلوكيا أمام المسترشد،عله يتعلم أنماطا مفيدة من السلوك عن طريق

محاكاة المرشد خلال الجلسات الإرشادية المتكررة (العبادية ،2018،ص 54).  

4- المبادئ التي ترتكز عليها هذه النظرية في تعديل السلوك:

للنظرية السلوكية بعض المبادئ والإجراءات التي تعتمد عليها ويحتاج المرشد لتطبيقها كلها أو اختيار

بعضها في التعامل مع المسترشد من خلال العلاقة الإرشادية على النحو التالي:

1.4- الإشراط الإجرائي: يطلق عليه مبادئ التعلم حيث أنها تؤكد على الاستجابات التي تؤثر على

الفرد،لذا فإن التعلم يحدث إذا أعقب السلوك حدث في البيئة يؤدي إلى إشباع حاجة الفرد واحتمال

تكرار السلوك المشبع في المستقبل وهكذا تحدث الاستجابة ويحدث التعلم أي النتيجة التي تؤدي إلى

تعلم السلوك وليس المثير،ويرتبط التعلم الإجرائي بأسلوب التعزيز الذي يصاحب التعلم وصاحب هذا

الإجراء هو "سكنر" الذي يرى أن التغييرات تحدث نتيجة لتبادلات في سلسلة من المقدمات

والاستجابات والنتائج مما تؤدي إلى التحكم في الإجراء إذا كان وجود النتيجة يتوقف على

الاستجابة.ولهذا الإجراء استخدامات كثيرة في مجال التوجيه والإرشاد والعلاج السلوكي وتعديل

سلوك الأطفال والراشدين في المدارس ورياض الأطفال.   

2.4- التعليم بالتقليد أو المحاكاة: الفرد يتعلم السلوك من خلال الملاحظة والتقليد،فالطفل يبدأ بتقليد

الكبار،وعادة يكتسب سلوكياته من خلال مشاهدة نماذج في البيئة وقيامه بتقليدها،ويتطلب في العملية

الإرشادية تغيير السلوك وتعديله إعداد نماذج السلوك السوي على أشرطة فيديو أو أفلام،فمحاكاة

السلوك المرغوب من خلال الملاحظة يعتمد على الانتباه والحفظ واستعادة الحركات والهدف أو

الحافز،إذ يجب أن يكون سلوك النموذج هدفا يرغب فيه المسترشد رغبة شديدة،فجهد مثل هذا يمثل

أهمية كبيرة للمسترشد وذا تأثير قوي عليه(حمدي عبد الله،2013،ص 94).  

3.4- التخلص من الحساسية (التحصين التدريجي):يتم في الحالات التي يكون فيها سلوك مثل

الخوف والاشمئزاز والذي ارتبط بحادثة معينة فيستخدم طريقة التعويد التدريجي المنظم ويتم التعرف

على المثيرات التي تستثير استجابات شاذة ثم يُعرض المسترشد تكرارا وبالتدريج لهذه المثيرات

المحدثة للخوف أو الاشمئزاز في ظروف يحس فيها بأقل درجة من الخوف أو الاشمئزاز وهو في حالة

استرخاء بحيث لا تنتج الاستجابة الشاذة ثم يستمر التعرض على مستوى متدرج في الشدة حتى يتم

الوصول إلى المستويات العالية من شدة المثير بحيث لا تستثير الاستجابة الشاذة السابقة(حمدي عبد

الله،2013،ص 98)                            

5- الانتقادات الموجهة إلى النظرية السلوكية: هناك بعض الانتقادات التي وجهت إلى النظرية

السلوكية بالرغم من أنها تعتمد على التجربة والبحث العلمي في تفسير السلوك ومن أهم تلك الانتقادات

مايلي: 

- إن أصحاب النظرية السلوكية يصرون على أن السلوك الملاحظ الظاهري والموضوعي فقط هو

الذي يوضع في الاعتبار من الناحية العملية.                                    

- كثير من علماء النفس متحمسين للنظرية السلوكية ويعتبرون أن الإرشاد السلوكي في ضوء نظرية

التعلم هو الإرشاد والعلاج العلمي الذي يفضل كل ما عداه من الطرق ويطلقون عليه "علاج التعلم"

وكأن الطرق الأخرى للعلاج لا تعلم فيها.                             

- لا تنظر النظرية السلوكية إلى الفرد كوحدة متكاملة و تهمل العناصر الذاتية في السلوك.

- لا تتفق المفاهيم الأساسية للنظرية السلوكية مع المفاهيم النظرية والفرضيات التي تؤكد عليها

النظريات الأخرى ونظرية التحليل النفسي بصورة خاصة.                           

- إن أكبر العيوب التي يمكن توجيهها إلى النظرية السلوكية هو أن معظم البراهين والأدلة العلمية

والتجريبية فيها تعتمد على البحوث والدراسات التي أجريت على الحيوان أكثر مما تعتمد على

الإنسان. 

- يؤكد الإرشاد السلوكي الذي يعتمد على النظرية السلوكية إزالة الأعراض بدلا من الحلول الجذرية

للسلوك المشكل وبذلك قد يكون الحل مؤقتا (المعروف صبحي،2012،ص 48).    

Last modified: Saturday, 14 January 2023, 9:14 PM