التصور الكوسمولوجي لبطليموس:

ظهر بطليموس في القرن الأول الميلادي وقدم تصورا للحل التناقض الموجود في النموذج الأرسطي، حيث أكد على أن الأرض هي مركز الكون و تدور الكواكب حولها ولكن ليس في مسار دائري كما قال بذلك أرسطو ولكن في مسار يدعي(Epicycle)  وهذا يعني أن كل كوكب يدور حول مركز معين ما وهذه المراكز هي التي تدور حول الأرض، فالأرض إذن هي مركز المراكز، وبذلك تمكن هذا التصور من توضيح لماذا تبدو الكواكب كأنها تتحرك في اتجاه معين ثم تنقلب لتتحرك في اتجاه الأخر.

تصور بطليموس "الأرض هي مركز مراكز الدوران"[1]

 قدم بطليموس نظرية بارعة هي "أفلاك التدوير" التي ستأخذ بعين الاعتبار مسألة تغير مسافة الكواكب من الأرض. وذلك برسم خريطة كبرى  تدور فيها  الكواكب في دائرة هي فلك التدوير كما يبينه الرسم في الأعلى، بحيث يدور الكوكب بدوره كخاتم  في فلك حامل أو ما يسمى دائرة الإسناد، هذا الفلك الحامل يدور بدوره حول الأرض، بعبارة أخرى أصبح الكوكب ينظر إليه على أنه ليس مثبتا عند نقطة معينة على فلكه الرئيسي كما جاء مع أرسطو، بل هو واقع على محيط فلك أدنى ويكون هذا الفلك مثبتا على نقطة معينة من الفلك الرئيسي ويدور حوله"[2]

     يتضح أن بطليموس "ترك الراصد في نقطة مركز العالم ألا وهي الأرض، بينما الدوران يتم ويحدث حول نقطة مفترضة و الغرض منها الوصول إلى توافق بين عملية الأرصاد و منطق النظرية المقدمة من طرف بطليموس".[3] وهذا الأمر يخالف ما جاء به أرسطو.

     إن  النموذج الذي جاء به بطليموس المسمي "بأفلاك التدوير" يتماشى مع الفكرة التي طرحها أفلاطون حول الشكل الكامل و النهائي و يقصد به الشكل الدائري المنتظم، "كما أنه يضع في حسبانه حركة الكواكب المتحيرة التي تبدو بصريا متذبذبة ما بين التقدم إلى الإمام و العودة إلى القهقرى، فبطليموس لم يكن يطمح إلى تفسير واقع العالم الطبيعي بل اكتفى بما سمي إنقاذ الظواهر من منطلق حسابات لحركات أجرام منعزلة لا تشكل كلاً متسقاً فالبناء البطليمي مجرد تقنيات حسابية، والمهم هو إيجاد حلول تجعل التوقع ممكنا قصد توظيفه لأغراض عملية"[4].

[1] - ويكيدبيا الموسوعة الحرة، تصور أرسطو و بطليموس لمنظومة الكون.

[2]- ألفرد تايلور، "أرسطو"، ترجمة د. عزت قرني. بيروت: دار الطليعة، ط1 أبريل 1992، ص85.

[3] - ريجيس مورلون، "مقدمة في علم الفلك"، ضمن موسوعة تاريخ العلوم العربية الجزء الأول -علم الفلك لنظري والتطبيقي– إشراف: رشدي راشد، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية ط2، فبراير 2005، ص31

[4] - بناصر البعزاتي، الاستدلال و البناء بحث في خصائص العقلية العلمية، دار الأمان للنشر و التوزيع، المركز الثقافي العربي، ط 1، 1999م، ص 337.


Modifié le: mardi 11 octobre 2022, 12:35