موضوع البيولوجيا:

 يهتم موضوع البيولوجيا بدراسة بنية الكائن الحي إذ يعد التشريح أهم فرع فيه للتعرف على الأعضاء التي يتكون منها الكائن الحي فيصفها و يتفحصها و يحللها وهذه الدراسة ذات طابع سكوني يعني التعرف على مكونات العضو في الحالة السكونية.

أما الجانب الديناميكي للعضو يختص به علم الفيزيولوجيا يعني دراسة الأعضاء أثناء القيام بوظيفتها الحركة والنشاط و العمل.

إلى جانب ذلك علم الوراثة و الذي يعد أهم موضوعات علم البيولوجيا عرف تطورا في نهاية القرن التاسع عشر مع "ديفرس" و "فايزمان"و "جاك مونو" يختص بالبحث في بنية الخلية، واهم ثورة بيولوجيا حدتث مع ظهور يكنولوجيا (DNA)  أي تكنولوجيا الريبي النووي المنقوص الأوكسجين، بحيث يستطيع العلم من خلال الهندسة الوراثية أن يؤثر في الحياة تأثيرا مباشرا كما تؤثر في الوراثة وأنواع الكائنات"[1]

إن التطور الذي يشهده العالم اليوم في ميدان البيولوجيا الحديثة أثارة العديد من القضايا الفلسفية و الأخلاقية و الاجتماعية خاصة في ميدان الطب من بالإضافة إلى تطور التكنولوجيا ومخاطرها على ميادين حياة الإنسان، وهنا يفقد الإنسان سيطرته مع شعوره في الوقت نفسه بأنه أصبح أكثر عرضة للخطر من أي وقت مضى هذا ما جعل العلماء في هذا السياق ينتبهون في الآونة الأخيرة على وجود نوع من الشرخ بين العلم والإنسان وفي هذا أدرك البيولوجيون أنفسهم أنه لو استمر الحال على هذه الوتيرة دون مراعاة الأخلاق، فسينتهي بنا المطاف إلى نتائج جد خطير قد تفقد الإنسان إنسانيته، لذلك ظهرت دعوات عديدة الالتزام بالأخلاق في هذا الميدان قصد تنظيم هذا العمل من منظار أخلاقي وقد نتج عن ذلك ردودٕ فعل تبلورت بكيفية خاصة في قيام ما أطلق عليه في السنوات الأخيرة اسم البيوا تيك"  أي أخلاقيات البيولوجيا ( أو علم الحياة )

2 -تعريف البيوتيقا:

     حينما شرع العالم في وضع الخريطة الجينية للجنس البشر بدا العالم كله وكأنه على موعد مع مكتشفات طبية كبرى في مجالات الصحة العامة و الطب الشخصي و العلاج، وبدأ بعده عصر جديد من البحث في قضايا الجنس البشري و تحسينه و العلاج الجيني و الاستنساخ الحيواني و استنساخ الأعضاء البشرية، تلك المجالات البحثية الجديدة جعلت قضايا عدة تتعلق بأخلاقيات الطب و البيولوجيا تقفز على الساحة الطبية العالمية خلال ربع قرن الأخير بعضها يتعلق بممارسة مهنة الطب و بعضها يخص المريض و حقوقه و كثير منها مزيج بين الضوابط الطبية المهنية و المعايير الأخلاقية و القانونية.

    لقد قدم العلم انجازات هامة تطبيقية في كافة مجالات الحياة كالطب و الهندسة و التصنيع و الاقتصاد و غيرها، ويكون بذلك قد قدم حلولا لمشكلات التي واجهت الإنسان لكن السؤال الذي يبقي هل قدم العلم حلولا للمشاكل الأخلاقية التي قد تعرقل سير التقدم العلمي؟ وهل مكن للعلم أن يأخذ بعين الاعتبار المعايير الأخلاقية للممارسة العلمية من اجل صياغة قواعد أخلاقية عامة تضمن عدم إساءة استخدام منجزات العلم و التكنولوجية المعاصرة؟

     هذه التساؤلات أدت إلى ظهور مفهوم جديد في مجال الفلسفة الأخلاقية تعلق بالأخلاق الحيوية أو أخلاقيات الطب و البيولوجيا(Bioethique) وكانت الولايات المتحدة الأمريكية الموطن الأول لظهور هذا المفهوم و استخدمه لأول مرة الطبيب المختص في الأورام "بوتار فان رينس" ويتركب هذا المصطلح من كلمة(biologie)  وتعني علم الحياة، وكلمة (Ethique) وتعني علم الأخلاق و مبادئ توجيه السلوك، فهي الدراسة لمجموع الشروط التي يفرضها التسيير المسؤول للحياة البشرية أو للشخص البشري في إطار التطورات السريع و المعقدة للمعارف و التقنيات البيوطبية"[2] 

الأخلاق التطبيقية هي مجموعة قواعد تسعي لتنظيم الممارسة في مجالات متعددة، وهي احد فروع الأخلاق التطبيقية التي تدرس دراسة فلسفية للأعمال الطبية والبيولوجيا بمعني هي دراسة فلسفية للجدل الأخلاقي الناتج عن تقدم العلوم البيولوجية و الطبية، بمعني النظر للأعمال و الممارسات الطبية و ربطها بالأخلاق.

     وتعرفه المصادر المختصة بأنه "دراسة القضايا الأخلاقية المترتبة عن التقدم الحاصل في التقنيات الجديدة في علوم الصحة و الحياة، دراسة ترمي إلى اقتراح مبادئ أخلاقية تضبط توجهات ذلك التقدم، ومراقبة و توجيه جميع الأبحاث و التدخلات المتعلقة بالكائن الحي مند لحظة الإخصاب حتى لحظة الموت"[3].

فالبيوتيقا إذن تمثل مجموع القواعد التي يضعها المجتمع من أجل الاحتفاظ بمعنى الإنساني بمواجهة المشكلات الناجمة عن التقدم العلمي السريع في مجالات الطب و الوراثة و علم الأحياء، الناتجة عن الثورة العلمية البيولوجية، مما أثار عدة مشكلات تتعلق بالحق في احترام الكرامة الإنسانية و في الحياة وفي الخصوصية.

       إن مفهوم الأخلاق الحيوي نتج عن تحولات كبيرة في مجال الطب بعد أن كان أقرب للعمل التجريبي في بداية القرن التاسع عشر منه إلى كونه أصبح يمثل أهم التقنيات العلمية في منتصف القرن العشرين، ولم تعد تقتصر وظيفة الطب على علاج المرضى و العناية بصحتهم بل أخذت تتجه نحو التدخل بتركيبة الجسم البشري و تغيير معالمه، مما أدى إلى البحث في جوانب أخرى غير الجانب العلمي على وجه العموم و الجانب الصحي على وجه الخصوص، بل أصبحت هناك ضرورة للبحث في الجانب الأخلاقي.

      فهي أخلاقيات علم الأحياء، أخلاق الطب الحيوي فهي متعددة ً مجالات متعددة مثل علوم التخصصات، فرغم كل ما قام به الباحثون إلا أنه يشمل دائما الصحة وعلوم البشرية وهو ما تناوله المؤتمر العام لليونسكو حيث تحدث عن المسائل، الأخلاقية المتعلقة بالطب وعلوم الحياة ونطاق التقنيات المرتبطة بها على البشرويعرفها دافيد روا مدير مركز البييوتيقا بموريال"هي الدراسة المتعددة للاختصاصات لمجموع الشروط التي يفرضها التسيير المسؤول عن الحياة البشرية و الشخص البشري".

     كما تعرفها جاكلين روس في كتابها الفكر الأخلاقي المعاصر بأنها علم معياري يهتم بالسلوك الإنساني الذي يمكن قبوله في إطار القضايا المتعلقة بالحياة والموت وهو يشمل ً بمجموعة الشروط التي يتطلبها على دراسات تجمع بين تخصصات عديدة تهتم جميعا التسيير للحياة الإنسانية في ظل التقدم السريع للطب

- 3الهندسة الوراثية:

       إن الهندسة الوراثية ظهرت مع بداية سبعينيات القرن الماضي و بالتحديد في سنة 1973 عندما تمت أولى عمليات كلونه الحامض النووي معدوم الأكسجين في جامعة ستانفورد الأمريكية (وهذه الأبحاث مرتبطة بمجموعة من التجارب العلمية التي ظهرت عادة تركيب ً في مجال البيولوجيا، وهي التحكم بالجينات والاستنساخ الحيوي و حديثاً ال (ADN)، أي إبعاد تركيب الحمض الربي النووي المنقوص الأكسجين الذي يحمل الصفات الوراثية للإنسان، وهي مجموع من العمليات المسؤولة "عن التدخل و التعديل الذي يحصل للمكونات الوراثية و المسؤواة كذلك عن نقل الصفات الوراثية أو الموروثة للكائن الحي والتي تعرف بالجينات الموجودة في الحامض النووي الريبوزي(ADN) .واستعملت هذه التقنية في تحسين صفات أو ‘زالة خصائصغير مرغوبة أو انتاج تلك الجديدة المرغوبة"[4] هذه العمليات تدور في المختبرات في الوقت الحاضر وتثير الرعب في المجتمع، إن هذا الحمض بمثابة الرسوم أو التصميمات الهندسية التي توجه عملية إنتاج البروتينات وهي المواد الأساسية للحياة.

الهندسة الوراثية هي تغيير يقوم به الإنسان في المادة الوراثية للكائنات الحية، للوراثة حيث توصل إلى قانون، ولم يعرف الإنسان هذا إلا مع اكتشاف قوانين مندل دراسة توارث الصفات، حيث بين العلماء أن العوامل الوراثية السائدة والمتنحية أو ً أن الجينات توجد على الكروموزومات ، تلك الكائنات "الجينات"، كما أثبتوا أيضا الدقيقة خيطية الشكل موجودة داخل نواة الخلية، كما اكتشفوا فيما بعد الكثير من التفصيلات الوراثية المندلية، فالممارسات في البيولوجيا والطب الإكلينيكي، يعتبر مشروع الطاقم الوراثي البشري أول مبادرة بيولوجية كبرى اتخذت من تطوير التكنولوجيا ً واحد من أهدافها ومن تطور تقنيات لسلسلة ADN ، أسرع مائة مرة أو ألف مرة مما هو متاح حاليا قبل أن نشرع جديا في مهمة سلسلة الجينوم البشري كله، الصفات الوراثية للإنسان، وهي مجموع من العمليات التي تدور في المختبرات في الوقت الحاضر، وتثير الرعب في المجتمع، إن هذا الحمض بمثابة الرسوم أو التصميمات الهندسية التي توجه عملية إنتاج البروتينات وهي المواد الأساسية للحياةيقول فوكوياما إن التقنيات الحيوية الثورية، أي الهندسة الوراثية، تستخدم في الوقت الحاضر عادة في مجال التقنية الحيوية الزراعي لإنتاج كائنات معدلة وراثيا.

[1] - سعيد محمد حفار، البيولوجيا ومصير الإنسان،عالم المعرفة الكويت، 1984م، ص21.

[2] - عن رجاء بن سلامة و أخرون، سلطة التقنية وتفاقر القيم ضمن كتاب البيوتيقا، دار البتراء للنشر و التوزيع، سوريا، 2010،ص 7.

[3] - - نقلا عن أسماء قاسم محمد، مفهوم الأخلاق الحيوية في مجال التقنيات الطبية المعاصرة، ص123.

[4] - نيالي مليكة، البيولوجيا الجزئية ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون، 2009م، ص249.


Last modified: Tuesday, 11 October 2022, 12:28 PM