دروس في مقياس صعوبات التعلم
6. الدرس الثاني: التطور التاريخي لصعوبات التعلم
6.2. التطورات المباشرة
التطورات المباشرة
تراكمت التقارير الطبية حول (عمى الكلمة) لمدة أربعة عقود بين القرنين التاسع عشر والعشرين في أرويا وأمريكا التي تعتبر حلقة انتقال لتطور حركة صعوبات التعلم في التربية الخاصة، وعلى الرغم من اختلاف التفسيرات فقد مهدت الملاحظات الساحة لتوجه البحث وجهة أخرى في أمريكا بدءا من العقد الثالث من القرن العشرين، حيث بدأ التحول من المجال الطبي إلى البيئي والتربوي، حيث تم تطبيق التجارب من الراشدين إلى الأطفال، وتحليل أنماط معينة من اضطرابات التعلم. (عصام محمد، 2011، ص11(.
وقد برز في هذه المرحلة عالم أعصاب الطفل (أورتون (Orton 1937) بدراساته العلاجية عن الأطفال الذين يعانون من صعوبات قرائية، ورد أرتون هذه الصعوبة إلى تأخر أو فشل في تموضع اللغة في النصف الأيسر من الدماغ، وأرجع قراءة الكلمات المعكوسة نتيجة للخلط بين الصور البصرية لهذه المنبهات لانعكاسها على نصف الدماغ بدلا انعكاسها على نصفه الأيسر لأنه هو المسؤول على استقبال المواد اللغوية المحكية والمقروءة وتأويلها وتخزينها وإعادة إنتاجها، ومن أساليبه التعليمية لهؤلاء الأطفال طريقة أورتون جلنجهام الممارسة المكثفة لبناء مهارة تعرف العلاقة بين الحرف والصوت. وقد شهد عام 1949قيام "جمعية أورتون للديسليكسا" تمجيدا لإسهاماتها، غير أن النشاط البحثي والعلاجي الذي أدى بشكل أكثر مباشرة إلى الظهور الرسمي لحقل صعوبات التعلم هو ماقام به عالم الأعصاب الألماني ويرنر (Werner) وعالم النفس التطوري ستراوس (Strauss) الذي بشر في مدرسة ( وين (Wayne) للبحث في الأطفال ذوي الإصابات الدماغية وتدريبهم،وأن الأهمية التي اكتسبتها أبحاث كل من ستروس ويرنر أن أكثرية الأطفال يعانون من القراءة كصعوبة أكاديمية من الناحية المبدئية، لذلك فقد اتجهت أعمال (تروس ويرنر) اتجاها يختلف عن أعمال (هنشلود وأرتون) في كونها سعت في وصف الضعف في عمليات التعلم العامة وليس وصف وتفسير الفشل في مهمة أكاديمية محددة كالقراءة أو الكلام، وكانت أعمالهما تتمثل في تشخيص مجموعة من الأطفال ذوي التلف الدماغي كمجموعة تجريبية و مجموعة من الأطفال يفترض أنهم لا يعانون من التلف الدماغي كمجموعة ضابطة. وتوصل الاستنتاج إلى سبع (7) مشكلات أساسية محددة لدى الأطفال ذوي التلف الدماغي، أربعة محكات سلوكية وثلاثة منها بيولوجية وهي: الاضطرابات الإدراكية: يرى أجزاء من الصورة بدلا من كليتها، أو يخلط الخلفية بالصورة - التلبث: كأن يملأ صفحة أو أكثر بكلمة واحدة، ولا يستطيع أن ينتقل إلى مهمة أخرى - الاضطرابات المفهومية أو الفكرية: تتعلق بتنظيم المعومات أو الأفكار تنظيما سليما كمهارة الاستيعاب في القراءة أو الاستماع - الاضطرابات السلوكية: تتمثل في فرط النشاط أو التسرع، اضطراب نقص الانتباه. - إشارات عصبية طفيفة: اضطراب في هيمنة أحد جانبي المخ، أو مشكلات في المهارات الحركية الدقيقة كالزر والقص - تاريخ من الاختلال العصبي: تلف في الجهاز العصبي يرجع إلى إصابة الطفل قبل الولادة أو أثنائها أو ناتج عن عوامل وراثية أو بيئية – لا تاريخ من التخلف العقلي في الأسرة: استبعاد الأطفال المعاقين عقليا.
وقد لقيت أعمال (ستراوس ) ومساعديه ترحيبا واسعا لأنهم أعطوا تشخيصا لهذه الفئة التي أطلقت عليها تسميات كثيرة منها: ذوي السلوك السيئ أو المضطربين انفعاليا أو الكسالى أو المهملين أو الحمقى. فوضعوا بذلك أساس حقل صعوبات التعلم، ومن النتائج الذين توصلوا إليها أن هؤلاء يحتاجون إلى تدخلات تربوية خاصة توضع للتغلب على جوانب الضعف وأن تأخذ هذه التدخلات أحد المنحنين: إما معالجة العمليات التعلمية القاصرة، أو إجراء تعديلات تربوية. بالإضافة إلى أعمال ( كيفارت( Kephart ) من مدرسة وين التي استخلصت منها أن تدريب المهارات الإدراكية يمكن أن يكون معينا لكثير من أطفال الذين يعانون مشكلات تعلمية في المدرسة، وسماهم (كليمنتز ( Clements في عام 1966 بذوي القصور الوظيفي الدماغي الطفيف. ( راضي الوقفي، 2009، ص ص 24-31)